مكتبة الأدب العربي و العالمي

أشهر الخطب فى التاريخ

كان «قس» خطيب العرب قاطبة، وإذا كان الخطباء كثيرين، والشعراء أكثر، فإن مَن يجمع الشعر والخطابة قليل، وكان مضرب أمثال العرب فى البلاغة إذا ما عبروا عن خطيب أو شاعر بليغ، فيقولون: «أبلغ من قس».

ومما يُذكر عنه أنه أول مَن خطب متكئاً على عصا، وأول مَن قال: «أما بعد»، وأول مَن كتب: «من فلان إلى فلان»، وأول مَن قال: «البيِّنة على مَن ادَّعَى واليمينُ على مَن أنكر»،

ومما ذُكر عنه أنه كان يُنكِر المُنكر، الذى شاع فى الجاهلية والغفلات التى كانت تسيطر على الناس، فتُنسيهم الموت والبعثَ والجزاء، وكان الرسول، «صلى الله عليه وسلم»، قد أدركه قبل مهبط الوحى بعشر سنين، وقال فيه: «يرحم الله قساً، إنى لأرجو يوم القيامة أن يُبعث أمة وحده»، وهذه الخُطبة قالها «قس» فى سوق عُكاظ قبل ظُهور الإسلام، ومما قاله فيها:

«أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَات، وَمَنْ مَاتَ فَات، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آت.. مطر ونبات وأرزاق وأقوات وآباء وأمهات وأحياء وأموات جمع وأشتات، لَيْلٌ دَاج، وَنَهَارٌ سَاْج، وَسَماءٌ ذَاتُ أبْرَاجٍ، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ومهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تَمور، وبحار لا تغور، وَنُجُومٌ تَزْهَر، وَبِحَارٌ تَزْخَر.. إِنَّ فِى السَّمَاءِ لَخَبَراً، وإِنَّ فِى الأرضِ لَعِبَراً، مَا بَاْلُ النَّاسِ يَذْهبُونَ وَلاَ يَرْجِعُون؟!، أرَضُوا فَأَقَامُوا، أمْ تُرِكُوا فَنَامُوا؟، تباً لأرباب الغفلة من الأمم الخالية والقرون الماضية. يا معشر إياد.. يا مَعْشَرَ إيَاد: أيْنَ الآبَاءُ والأجْدَادُ؟، وأيْنَ الفَرَاعِنَةُ الشِّدَادُ؟، أَلَمْ يَكُوْنُوا أكْثَرَ مِنْكُم مَالاً وأطولَ آجالاً؟، طَحَنَهُم الدهْرُ بِكَلْكَلِهِ، ومزَّقَهم بتطاوُلِه.. يقسم (قس) بالله قَسَماً لا إثم فيه إن لله ديناً هو أرضَى لكم وأفضل من دينكم الذى أنتم عليه، إنكم لتأتون من الأمر منكراً».

ويُروى أنه أنشد بعدها، فقال:

فى الذاهبينَ الأولينَ مِن القــــــــرونِ لنا بَصائر

ورأيتُ قومى نَحوها تَمضى الأكابر والأصاغِرُ

لا يَرجعُ الماضـــــــى إلىَّ ولا مِن الباقين غابر

أيقنتُ أنـــــــى لا محالةَ حيثُ صارَ القومُ صائر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق