الثامن من مارس يوم المرأة العالمي، يوم ابراز عطاءات المرأة وإنجازاتها وما حققته في مختلف أنحاء العالم من تميز، إذ يأتي هذا اليوم كل عام بشعار يختلف عن سابقة متناسباً ومتوافقاً مع الظروف المجتمعية التي يمر بها العالم، فكان منها على سبيل المثال من الشعارات التي تعددت وتنوعت: «المرأة في عملية صنع القرار، تمكين المرأة والقضاء على الفقر والجوع، النساء والرجال متحدون لإنهاء العنف ضد النساء والبنات، المساواة في الوصول الى التعليم، المرأة في عالم العمل المتغير تناصف الكوكب بحلول عام 2030، أنا جيل المساواة: إعمال حقوق المرأة»، بينما شعار هذا العام جاء بعنوان: «المرأة في المناصب القيادية»، ومن منطلق هذا الشعار ومدى ارتباطه بالظروف المجتمعية والأزمة العالمية المتمثلة في انتشار فيروس كوفيد-19، ما هو الدور القيادي الذي حققته المرأة في ظل هذه الظروف الاستثنائية على المستوى العالمي لتتصدى لآثاره التي تقع على النساء بشدة عن غيرها بحسب تقرير هيئة الأمم المتحدة للمرأة؟
المرأة القيادية إنجازاتها عظيمة، تضمنت النضال، والعطاء، وجهود مستمرة ومتواصلة، ولكن في ظل الظروف الاستثنائية وأزمة كورونا كان دورها استثنائيا أبرز الدور القيادي الفعلي لها، حيث تقدمت المرأة الصفوف الأمامية لمواجهة الجائحة من نواح عديدة ومهمة، لتنهض بمستوى المجتمع وعدم تراجعه، حيث قوتها وعزيمتها، وإصرارها على حماية وأمن أبنائها وأسرتها من أي مكروه، إذ تمثلت هذه الحماية في عدد من المجالات التي لها علاقة بقوام الأسرة وبنائها، بهدف استمراريتها حفاظا على مجتمعها وديمومته، فكانت قيادتها الأمنية والتربوية والصحية والعسكرية والاقتصادية والسياسية وغيرها من خلال المناصب المتعددة لمواجهة الأزمة والتعافي منها كمسؤولية مشتركة تطلبت التضامن العالمي لإعادة البناء والعمل معا.
المرأة القيادية لم تنتظر الدعوة إلى المشاركة المجتمعية للحماية الصحية، فتقدمت الصفوف الامامية في أروقة المستشفيات والعيادات ومراكز العلوم والبحوث بكل صلابة وقوة متصدية لهذا العدو العالمي من دون حدود بجهود عاجلة وبروح واحدة بما يشكل نسبة 70% بحسب تقرير هيئة الأمم المتحدة الصادر مؤخرا.
كما كان للمرأة القيادية الدور البارز في مهمتها العظيمة كمربية ومعلمة من المنزل متصدية للآثار السلبية والكارثية التي اجتاحت القطاعات التعليمية في كل دول العالم، حيث كان للمرأة القيادية دورها كأم بالغ الأثر في استمرارية العطاء التعليمي والتربوي لحرصها على مسيرة النماء وإعداد جيل المستقبل وحمايتهم من التعرض لأي جوانب نفسية مؤثرة نتيجة الآثار التي خلفتها جائحة فيروس كوفيد-19، كما كان لها دور قيادي عظيم في حفاظها على تماسك اسرتها في ظل الظروف القاسية من النواحي الاقتصادية والسياسية، اضافة الى دورها الكبير في خلق أجواء حميمية من خلال الابتكارات والإبداعات التي قدمت للأطفال والشباب وانتهازها الفرصة لتضيق الفجوة الرقمية.
المرأة القيادية استطاعت أن تعيد البناء، وتحسن الإعداد من خلال استخدامها الموارد والإمكانيات المتوافرة، وكفاحها مع أنظمة متعددة الأطراف، وعملها المتعاون بالأوليات الأساسية للقضاء على الوباء بسرعة مسؤولة لتجاوز هذا التهديد الفيروسي.
المرأة القيادية استطاعت أن تسهم في تنوع الاقتصاد ومساعدة الرجل في رفع معنويات الأسرة من الناحية الاقتصادية لكون المرأة هي المدبر للنشاط الاقتصادي للأسرة والمجتمع، الذي من خلاله تستطيع المرأة القيادية أن تصل الى القمة بالتركيز والعزم ووضوح الأهداف، متحدية الأعباء النفسية والضغوط التي ألمت بها في ظل تدني الأوضاع الاقتصادية العالمية التي يعاني منها الجميع.
المرأة القيادية لم تتوان لحظة في الوقوف مع الرجل في العمل التطوعي على مختلف الأصعدة، حيث كان لها دور كبير في مساعدة المجتمع والتخفيف عنه من وطأة أزمة كورونا من خلال مشاركتها في المساعدات المجتمعية المساهمة لوصول مختلف الاحتياجات الضرورية والأولية إلى الأفراد المحتاجين في ظل ازمة عصيبة، حيث قدمت المرأة الكثير من التضحيات لمساعدة الآخرين، ومنهن من فقدن حياتهن وهن يحاولن إحداث فارق من خلال ما يقمن به من دعم مادي ومعنوي وتوعية وتثقيف وإرشاد وغيرها.
المرأة القيادية استطاعت أن تتجاوز أزمة كورونا بنجاح رغم أن نسبتها حول العالم تشكل 7% من قادة العالم، حيث يرجع ذلك الى استجابتها السريعة للأزمة وحديثها بشفافية الى مواطني دولتها وقدرتها على إظهار المزيد من التعاطف.
دور المرأة القيادية في أزمة كورونا هو دور من نوع خاص، دور استثنائي ليس من أجل نيل حريات أو حقوق كما تعودنا وإنما دور يتناسب مع دورها التاريخي والمحوري عبر التاريخ للدفاع عن قضايا الوطن في ظل الظروف الاستثنائية أبرز السمات والخصائص القيادية بكل مقوماتها.
وبناء عليه جاء يوم المرأة العالمي في الثامن من مارس ليكشف عن الجهود النسائية البارزة والمتميزة بالصفات القيادية التي تركت بصمة تاريخية معبرة عن عطاء المرأة عبر الأزمنة في ظل أصعب الظروف، حيث يجب الحفاظ عليها وتعزيز قدراتها والحفاظ على مستحقاتها وحقوقها حتى يستمر بناء الأوطان من خلال احترامها وتقديرها كامرأة قادرة على العطاء على مختلف الأصعدة متحدية كل الظروف من أجل أبنائها جيل المستقبل وعماد الوطن.