سفير فلسطين لدى مملكة الدنمارك الدكتور مانويل حساسيان
السيدة رئيسة وزراء مملكة الدنمارك ميت فريدريكسن، أن شراء اللقاحات الفائضة من إسرائيل هو دعم جائر لظروف الفصل العنصري الممارس على الفلسطينيين
أعلنت رئيسة وزراء مملكة الدنمارك، السيدة ميت فريدريكسن عن زيارتها المقررة الى اسرائيل يوم الخميس الموافق 4 مارس، وذلك لمناقشة سبل التعاون وشراء ما وصفته بـ “جرعات اللقاح الفائضة” من اسرائيل، الا ان ما نكشف من خلال ما اعلن عنه عن سبب الزيارة بدى بذلك أن رئيسة الوزراء أكثر استعداداً لتجاهل ظروف الفصل العنصري والتمييز المستمر الممارس ضد الفلسطينيين الذين يرزخون تحت قهر الاحتلال الاسرائيلي أمام أعين الجميع كوضوح الشمس.
أن هذا الامر غير مقبول تماماً، وفي حال انتهى الأمر برئيسة الوزراء ميت فريدريكسن بشراء ما يسمى جرعات اللقاح الفائضة لدى اسرائيل، فإن الدنمارك بذلك تقر بحكم الأمر الواقع باخلاءها مسؤولية اسرائيل تجاه الفلسطينيين بصفتها دولة احتلال، وأنها بذلك تكافئ سياسات الفصل العنصري الاسرائيلي بتوجهها هذا.
هل هذه هي السياسة الخارجية التي ستنتهجها حكومة السيدة ميت فريدريكسن القائمة على قيم الديمقراطية الاجتماعية، بعد ترئسها الحكومة كما صرحت به سابقاً؟
لم ننسى في شهر سبتمبر من عام 2020، تصريح رئيسة الوزراء السيدة ميت فريدريكسن بعد ترائسها الحكومة الدنماركية بأن الخارجية الدنماركية ستستند في سياساتها المستقبلية إلى الديمقراطية الاجتماعية؛ وأنها سترتكز على مفاهيم القيم مثل الحقوق والواجبات والمساواة والحرية وأنها ستلزم المجتمعات بذلك، الا أنه لا يزال يتعين علينا أن نفهم تمامًا ما تعنيه السياسة الخارجية الدنماركية القائمة على القيم الديمقراطية الاجتماعية، فبعد تصريحها الاخير بخصوص زيارة اسرائيل، لا يمكن أن تكون هذه السياسة مكافأة منتهكي حقوق الإنسان والقانون الدولي، فأن مواقف مملكة الدنمارك المشهود لها غير ذلكَ مبدئياَ.
بعد أحتفال اسرائيل منذ أشهر وتفاخرها بأعطاء الجرعة الاولى من لقاح فايروس كورونا للأكثر من 90 بالمائة من سكانها، مما يضعها في المقدمة في ما يخص تلقي القاح بين دول العالم، حيث تعتبر هذه الرواية منتقصة وتستر مقصود في أن إسرائيل رفضت إدراج الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة في برنامج التطعيم الخاص بها، والحجة الرئيسية لذلك كانت ما صرحت به السفارة الإسرائيلية في مملكة الدنمارك “بأنه ليس من ضمن مسؤولية إسرائيل تطعيم مواطني السلطة الفلسطينية” وبذلك تتجاهل إسرائيل مرة أخرى التزاماتها كقوة أحتلال تجاه خمسة ملايين فلسطيني.
أن عدم انتقاد السيدة ميت فردركسن للعبثية العلنية التي تمارسها دولة الاحتلال الاسرائيلي بعدم توفير العلاح واللقاحات للفلسطينيين الذين يرزخون تحت احتلالها، يعتبر نجاهل عير مبرر من قبلها لما يفرضه القانون الدولي على عاتق دولة الاحتلال، شيء آخر هو توجهها لشراء اللقاحات التي يجب توزيعها على الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال.
إذا كان من المفترض أن تُعتبر الدنمارك رائدة لحقوق الإنسان والقانون الدولي، فيتوجب على رئيسة وزرائها السيدة ميت فريدريكسن، عندما تلتقي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أن تدافع عن هذه الحقوق، حتى خلال أوقات الأزمات، وأن تبلغه بحزم أن لديه مسؤوليات بصفته محتل لارض وشعبها.
علاوة على ذلك، لم تضع ميت فريدريكسن على جدول أعمالها زيارة السلطة الفلسطينية أو لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث تجدر الإشارة إلى أن العديد من المنظمات الدنماركية الغير حكومية تقدم المساعدة للفلسطينيين في مجالات حقوق الإنسان وتطوير البنية التحتية، تعتبر هذه الخطوة تناقضًا للسياسة الخارجية الدنماركية تجاه فلسطين.
السيدة رئيسة الوزراء ميت فريدركسن، من خلال دعمك لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي الذي يمارس على الفلسطينيين، أنك بذلك تعملي عكس رغبة شعبك وقيمه الذي نحترمه المبني على مبدئ الحريات والديمقراطية والمساواة،. فأننا ندعوك للتوقف عن دعم نظام الفصل العنصري الذي تمارسه اسرائيل بحق شعبنا، والذي يتناقض بسياساتك تمامًا مع ما تمثله الدنمارك للقيم المبنية على حقوق الإنسان وأحترام القانون الإنساني الدولي، فان حل الصراع والوصول لتحقيق سلام شامل لن يكون من خلال الفلسطينيين وحدهم، بل بحاجة إلى جميع الشخصيات المركزية والدولية، فلا يوجد ما يمنع أن تكون مملكة الدنمارك طرفاً في حل الصراع، خصوصاً أنها من الدول الرائدة والقائمة على مبدئ الحريات والديمقراطية في العالم.