تُقام في التاسع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، فعاليات تضامنية في مختلف أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المنتهكة من قبل الاحتلال الإسرائيلي؛ لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1977.
وجرت العادة أن تُنظّم الفعاليات الرئيسية داخل مقرات المنظمات الدولية في جنيف، وفيينا ونيويورك، وذلك في سبيل التذكير بهذه المناسبة التي تتمحور حول ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية مبني على أساس حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 181، وقرار 194، المتعلق بحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
ويأتي يوم التضامن مع فلسطين هذا العام وسط ظروف قد تكون الأصعب في تاريخ القضية الفلسطينية، خصوصاً في ظل في هرولة كل من الإمارات والبحرين والسودان لتطبيع علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي، وتراجع مواقف كثير من الدول العربية وجامعة الدول العربية التي رفضت إدانة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي. إضافة إلى تداعيات ذلك على المستوى الدولي وتحديداً الأوروبي، خصوصاً بعد تصريحات السفير الفرنسي لدى الكيان الإسرائيلي “إريك دانون” بتاريخ 7 تشرين أول / أكتوبر 2020 التي قال فيها: “أن على الفلسطينيين أن يأخذوا بالحسبان وضعهم الضعيف على الساحتين الدولية والعربية، ولا استبعد إمكانية حل مختلف عن حل الدولتين”. إذ أن هذا يقودنا إلى افتراض استنتاجي مفاده أن القضية الفلسطينية قد دخلت مرحلة جديدة ما بعد التطبيع العربي العلني مع الكيان الإسرائيلي، بدأت تفقد فيها مكانتها على الأجندة الدولية، ما يحتاج إلى سياسات وإجراءات مستعجلة على الصعيد المحلي والخارجي.
يبقى الشباب الأكثر قوةً على التغيير، فهم شريان الحياة النابض في أي مجتمع، وحراكهم وعملهم ذات طابع ثوري خارج النمطية والقولبة. ومن المهم دعم المبادرات الشبابية على كافة الأصعدة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، لأن استمرارية الحراك والعمل الشبابي هو بمثابة شريان حياة للانتصار لفلسطين وإسنادها. ولن تنجح الدبلوماسية الرسمية ولا الشعبية، دون مساندة شبابية، لأن العمل والحراك الشبابي هو الذي يُحرّك ويُحفّز ويستقطب الشارع والرأي العام العالمي.
لقد أدحضت المبادرات الشبابية الفلسطينية لمواجهة الكورونا الفرضية التي تزعم بعزوف الشباب الفلسطيني عن العمل الوطني والسياسي، إذ أن هذه المبادرات قدمت إطاراً وطنياً قوياً، وأكّدت على أن الشباب الفلسطيني قادر على اجتراح الرؤى الوطنية المختلفة. ومن هنا تقع على عاتق الشباب الفلسطيني مهمة صياغة وتنفيذ مبادرات فاعلة خارج الصندوق على مستويين: الأول داخلي يهدف لإنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وتجسيدها على الأرض، والثاني خارجي يهدف إلى جعل كل يوم هو يوم عالمي للتضامن مع فلسطين.
وفي الختام لا يسعنا إلا أن نقول لشعوب العالم بأن التضامن مع فلسطين ليس مزية ولا اختيار؛ هو واجب إنساني وأخلاقي وقانوني، لأن الفلسطينيون يقاتلون ليس دفاعاً عن أنفسهم وأرضهم وكرامتهم فحسب، بل عن كرامة الإنسانية جمعاء.