مقالات
لا، لن ننسى! / جمال زحالقة
اليوم 20.10، الذكرى ال 72 لاحتلال مدينة بئر السبع عاصمة الجنوب الفلسطيني. دخلت القوّات الصهيونية المدينة وارتكبت فيها مجزرة وهجّرت اهلها الى غزّة والى منطقة الخليل وشرقي الأردن.
كانت بئر السبع مدينة تجارية وادارية، ومد العثمانيون سكة الحديد من القدس الى بئر السبع ومنها الى مشارف سيناء، وبنوا فيها جامع بئر السبع الكبير، الذي يعد تحفة معمارية عبثت به الايدي الصهيونية بعد احتلال المدينة.
تم بناء بئر السبع عام 1900 بتخطيط حديث بمساعدة مهندسين المان، وتوالت على رئاسة بلديتها شخصيات معروفة، اهمّها برأيي هو الشيخ حمّاد باشا الصوفي (مع عدم المس بدور احد)، الذي شغل منصب رئيس البلدية بين العامين 1913 حتى العام 1922.
عمل الشيخ الصوفي على توحيد القبائل ورفع المطالب للسلطان العثماني، وانتزعمنه اعترافًا بملكية البدو لأراضي النقب (واعترف به الانكليز لاحقًا)، وشكّل قوة عسكرية حاربت الانكليز في سيناء وهزمتهم عام 1914، وكان الشيخ الصوفي قائدًا للقوة 27، في الجيش العثماني وارسل له السلطان دعمًا للقوة 26. وكتب “البدّيع” البدوي عن هذه القوة السبعاوية التي وصلت حوالي 2000 مقاتل:
عمري كله ما بكيت… بضحك على الناس الضعوفي
بكـْوني الخلق الكثيرة… مثل الجراد الزحوفي
قبـْل بيهم على العريش… قايدهم حماد الصوفي
ولكنّ هذه القوة خسرت المعركة التي تلتها بسبب التفوّق البريطاني في المدفعية والعتاد وعدم استجابة السلطان العثماني لمطالب التسليح والدعم خشية ازدياد نفوذ الشيخ حمّاد، الذي خاب امله بالعثمانيين واراد اقامة امارة عثمانية مستقلة في فلسطين.
وقبل ان يرحل العثمانيون عن فلسطين جاؤوا الى الشيخ الصوفي ليأخذوه معهم، فرد عليهم: “بلادي مغطس راسي، ما بخليها وربعي حولاي، نموت مع بعضنا ولا يقولوا الصوفي هجّ مع العثمانيين”
هناك حاجة ماسة لكتابة تاريخ النقب الفلسطيني، وحماد الصوفي، هو مثال على شخصيات فلسطينية لم تأخذ حقّها في الوعي والذاكرة والتأريخ.
الصور: منظر لمدينة بئر السبع، جامع بئر السبع الكبيرة، الشيخ حماد الصوفي ورسالة منه الى اسطنبول لطلب النجدة..