مقالات
للهجرة اليهودية أهداف توسعية واستيطانية بقلم: الدكتور حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي
(ساهمت منظمة “نيفش بنيفش” حتى الآن على هجرة أكثر من 60 ألف يهودي من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا. وتظهر بيانات المنظمة أنه منذ تفشي كورونا حدثت زيادة بنسبة 157% في التسجيل الأولي للهجرة، وفي 2019 تم تسجيل 2141 أسرة يهودية، وفي منتصف 2020 تم تسجيل 5494. وفي 2019 هاجر فعلا 2283 مهاجرا جديدا إلى إسرائيل من خلال اسهام المنظمة (1450 أسرة)، وفي منتصف عام 2020، قدم الى اسرائيل فعلا 8306 مهاجرا جديدا (3654 أسرة).
مثلت الهجرة وما زالت إكسير الحياة للحركة الصهيونية، لإقامة إسرائيل، ومن ثم للحفاظ على وجودها، وضمان استمرارها ونموها، وتعزيز قوتها.
وإذا كان الواقع العربي الذي أرهقته الخلافات و استنزفته حرب الخليج آنذاك وحتى ألان قد اخفق في وقف تدفق موجات المهاجرين اليهود, فان الغرب الصناعي قد أبدى تعاطفا عميقا مع اطروحات إسرائيل, التي حاولت إبراز الهجرة اليهودية كعملية إنسانية صرفة , ترمي لجمع الشمل , وتخليص اليهود في الدول الاستبدادية و الفقيرة , حسب القاموس الإسرائيلي من التسلط و القمع و الجوع ..وقد أسهمت العديد من الدول الغربية في تمويل عمليات ومشاريع استيعاب المهاجرين اليهود الجدد , مع محاولة إرضاء العرب بربط منح المساعدات المالية لإسرائيل بعدم توظيف المهاجرين بالأراضي المحتلة ..غير أن العالم اجمع كان يعلم بأن الهجرة اليهودية لها أهدافا توسعية و استيطانية لم تحاول مصادر التقرير في إسرائيل حتى التغطية عليها عندما كانت الظروف السياسية الذاتية الداخلية و الموضوعية الخارجية , تستوجب الكشف عن حقيقة البرامج وماهية المخططات.. فإسحاق شامير رئيس وزراء اسرائيل آنذاك لم يتورع في غمرة التحركات السليمة التي بدأت في المنطقة بعد حرب الخليج عن الإعلان ( أيار 1991م) بــ ” أن حسم الصراع مع العرب لصالح إسرائيل , لن يتم إلا ديمغرافيا على المدى الطويل “وشروط هذا الحسم متوفرة في هذه المرحلة على حد قوله ” حيث تقع الأرض تحت السيادة الإسرائيلية , ويتدفق المهاجرون اليهود بكثافة , وتملك إسرائيل عناصر القوة اللازمة لإنجاز الحلم اليهودي بقيام إسرائيل الكبرى , وإسرائيل الكبرى تتطلب برأي شامير هجرة يهودية كبرى لتغيير الواقع الديمغرافي في الأراضي المحتلة … وعملية التغيير تستلزم زرع المستوطنات التي أنيطت بها إلى جانب مهمة استيعاب المهاجرين , وظيفة أمنيةمباشرة تتلخص بإقامة حزام امني محكم حول المدن الفلسطينية ذات الكثافة السكانية المرتفعة ,وتامين الربط الجغرافي بين المستعمرات السكنية اليهودية و الساحل الإسرائيلي لتسهيل عملية دمج الأراضي التي جرى احتلاله في عام 1967م , بتلك التي سبق احتلالها في عام 1948م.
وعلى ضوء ذلك، نرى بان الحكومات الإسرائيليةالمتعاقبة تعمل جاهده من اجل استقدام أكبر عدد ممكن من اليهود بهدف نشرهم وتوزيعهم في المستعمرات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لإعاقة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها.. نزولا عند المقولة الإسرائيلية القائلة: ارض بلا شعب، شعببلا ارض.. ومن هنا على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية في منع تدفق المهاجرين اليهود إلى فلسطين لمنع تفريغ الأرضالفلسطينية من سكانها لصالح المستعمرين القادمين من بلاد أخرى واتخاذ الإجراءات الكفيلة من خلال قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي يمنعبموجبه السلطات الإسرائيلية والدول والمنظمات التي تتعاون معها من استقدام المهاجرين اليهود إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.