في ظل وقوف فلسطين أمام مفترق طرق بفعل الحصار والحرب الصهيو- أميركية الخانقة التي تقودها إلى المجهول.. لماذا لا يتم العمل بمبدأ الاستئناس الحزبي؟ وأقصد هنا كبرى التنظيمات الفلسطينية، وعلى رأسها حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”،بحيث يتم إشراك ومشاورة كافة الأطر التنظيمية القيادية فيما يخص استراتيجية المواجهة على الأرض.
وقد ينتقد البعض هذا المقترح،ويتسائل: لماذا لا يكون هناك استفتاء شعبي؟، ولكن من باب العقلانية والموضوعية، فإن خصوصية الوضع الفلسطيني، وتشتّت الفلسطينيين في مختلف بقاع العالم، يحول دون إمكانية إجراء الاستفتاء بالطريقة الأمثل. أضف إلى ذلك أن استفتاء شعب يعاني من ويلات الاحتلال والانقسام، قد يُحدث شرخاً تاريخياً إضافياً لا تُحمد عقباه.
وعليه فإنه يتحتّم علينا العمل بمبدأ الاستئناس الحزبي الواسع، وذلك لضمان توسيع قاعدة المشاركة إلى أوسع مدى ممكن، لأن ذلك من شأنه أن يخلق حراك وحوارات ليس على المستوى الحزبي فقط بل على المستوى الوطني العام.
هناك دائماً بارقة أمل .. وشباب فلسطين هو الأمل، ومن هنا يمكن الجزم بأن أحد أهم فوائد العمل بمبدأ الاستئناس الحزبي، هو ضمان مشاركة شبابية فاعلة، خصوصاً في الأطر التنظيمية من المستويات المختلفة التي تندرج تحت المستويات القيادية العليا.
ولعلّ الجيل الشاب الذي انتفض في أكتوبر / تشرين أول 2015 فيما عُرف باسم “هبّة القدس”، ولم يلتفت لأي مرجعية حزبية كانت، يؤكد على ضرورة العمل بمبدأ الاستئناس الحزبي، بما يتضمنه ذلك من استئناس بالرأي الشبابي، كون الجيل الشاب أثبت وما زال يُثبت أن بجعبته الكثير ليقوله ويقدّمه.
إن حالة الإحباط التي نلمسها اليوم في الشارع ووسائل التواصل الاجتماعي هي محصّلة لممارسات الاستبعاد والإقصاء السائدة داخل الأحزاب، وعدم الأخذ والاستئناس برأي الأطر التنظيمية على اختلاف مستوياتها. وهذا الإحباط من شأنه أن يجعل خيارات المواجهة المستقبلية في خانة الضعف. والأصل في أي فعل نضالي أن يكون قائم على الخلق، والابتكار والإبداع، وهذا يعيدنا إلى مربع “الاستئناس الحزبي الشبابي”.
يدرك الاحتلال الإسرائيلي خطورة العمل الفلسطيني بمبدأ الاستئناس الحزبي، لأن نتائجه تُشكّل انعكاساً للواقع العام، التي ستضع الاحتلال الإسرائيلي حتماً أمام رد فعل فلسطيني مؤكد، وهذا سيشكّل كابوساً إسرائيلياً مستمراً، خاصةً إذا ما كان هنالك انتشار فعّال للقواعد الحزبية.