الرئيسيةعالم المراة
وفاة إسراء غريب : هل تبرر مجتمعاتنا العنف بدعوى حماية الشرف؟
وفاة إسراء غريب : هل تبرر مجتمعاتنا العنف بدعوى حماية الشرف؟
تعرضت الفنانة اليمنية، بلقيس فتحي، لانتقادات لاذعة دفعتها إلى الاعتذار وحذف تغريدة كانت قد نشرتها بشأن خبر وفاة الشابة الفلسطينية، إسراء غريب.
وقد انتفضت وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية على وقع خبر وفاة شابة فلسطينية، بصورة غامضة أثارت الشكوك حول احتمال تعرضها لعنف أسري أدى لمقتلها.
وبحسب نشطاء، فقد توفيت الفتاة نتيجة تعرضها للضرب إثر لقائها شابا تقدم لخطبتها، بينما يؤكد أهلها أن موتها جاء نتيجة جلطة دماغية، نافين وجود أية شبهة جنائية، علما بأن التحقيقات في القضية ما تزال جارية، ولم يصدر أي تقرير رسمي يؤكد أو ينفي إحدى الروايتين.
ولم يصدر أي تقرير رسمي حتى كتابة هذه السطور.
وانتشرت القصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أنها “جريمة شرف” وتحولت إلى قضية رأي عام، تخطت حدود الأراضي الفلسطينية لتصبح حديث وسائل الإعلام الدولية.
“تبرير العنف؟“
عبر كثيرون عن تعاطفهم مع الشابة الفلسطينية بإطلاق هاشتاغات حملت عناوين بينها “كلنا إسراء غريب”.
كما تفاعل العديد من المثقفين والفنانين العرب مع الهاشتاغ . ومن بين هؤلاء النجمة اليمنية بلقيس فتحي التي غردت تقول:”أنت يا عزيزي الرجل الشرقي عندما تكتشف أن أختك خرجت سرا مع رجل غريب وتؤدبها بالبيت وتبين لها الخطأ وأنه ليس من عاداتنا وتستر عليها أفضل من قتلها ..”
وتابعت:” ذلك أفضل من فضحها والدنيا كلها تتفرج وتعرف الموضوع وتخلد اسمها بقصة تمت للشرف والعادات. وإن كانت القصة تحتمل أوجه كثيرة الله أعلم بها” .
أغضبت تغريدة بلقيس رواد مواقع التواصل الذين سارعوا إلى إطلاق هاشتاغ بعنوان #بلقيس_اخرسي.
واتهم مغردون الفنانة بتبرير العنف الأسري، وتقديس الأفكار الذكورية التي تعتبر أن المرأة خُلقت لخدمة الرجل، على حد تعبيرهم.
وفي ظل الهجمة التي طالتها، اضطرت الفنانة اليمنية إلى حذف منشورها وكتابة سلسلة تغريدات أوضحت فيها أن كلامها أخرج من سياقه.
وبدورها، عبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن استيائها بكتابة تغريدة رفضت فيها تبرير القتل وختمتها قائلة : “كفاكم جهلا وتخلفا”.
العائلة تنفي
وهناك دائما جانبان لكل قصة، فلم تمنع الأصوات المتعاطفة مع إسراء من ظهور أخرى تستنكر دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر قصتها باعتبارها شأنا عائليا لا يجوز فضحه على الملأ.
كما حذر مغردون من أن القضية لا تزال قيد التحقيق، داعين للتريث قبل الحكم على أفراد عائلة الراحلة وكيل الاتهامات لهم.
فغرد أحدهم:” كيف يمكن أن تتحول منصات التواصل الاجتماعي إلى محكمة توجه وتكيل التهم للأشخاص دون أدلة ملموسة. لم يصدر الطب الشرعي تقريره الرسمي ولم يحدد أسباب وفاة الفتاة. فتوقفوا عن تدمير سمعة العائلة والفتاة”.
وكان أقارب الفتاة قالوا إن تسجيل الفيديو، الذي انتشر على أنه يوثق صوت صراخها تحت التعذيب داخل المستشفى، عار عن الصحة، ويحمل نوعا من التضليل.
النساء بين العشيرة والقانون
ورغم تضارب الروايات حول وفاتها، أعادت قضية إسراء التذكير بتاريخ طويل من الجرائم الشرف في العالم العربي.
وترى ناشطات وإعلاميات بأن قصة إسراء فضحت مرة أخرى “ازدواجية المجتمعات العربية وبشاعتها”.
ويطالب مغردون بكشف حقيقة وفاة الشابة داعين في ذات الوقت إلى سن قوانين تحمي الفتيات العربيات مما وصفوه بـ “سطوة التقاليد البالية”.
وفي هذا الإطار، تعلق ميرال الرواي: “إسراء عرت التناقض الصارخ الذي يعاني منه المجتمع العربي، إذ يدعي الحداثة وينادي بتحرر المرأة في العلن بينما يقدس نظاما ذكوريا عشائريا يتنصل من القانون ويسلب المرأة أبسط حقوقها في الحب والحياة دون قيود”.
وفي 2014، أصدر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس مرسوما ألغى بموجبه العذر المخفف لمن يقدم على قتل أنثى بدواعي الدفاع عن الشرف.
ولكن يبدو أن القانون لم يسهم في تراجع حالات قتل النساء داخل الأراضي الفلسطينية. ففي عام 2016، رصد مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي ، 23 حالة وفاة لسيدات في ظروف غامضة، من بينهن 12 امرأة في الضفة الغربية و11 امرأة في قطاع غزة.
وعلى ضوء هذه النتائج، تدعو ناشطات إلى تكثيف الحملات التوعوية وسن قوانين أكثر صرامة لمحاربة الأعراف التي “ترسخ مفاهيم المجتمع الأبوي وتنبذ مفهوم المساواة بين الجنسين” وفق وصفهم.
فعلقت إحداهن:” ركزوا على التربية داخل البيوت، فبعض النساء شريكات في القمع الذي وقع عليهن وعلى غيرهن. الأم ما إن تنجب ذكرا حتى تبدأ بتلقينه بأنه كائن مقدس مختلف عن أخته…”