نشاطات

قصيدة حوار بين صديقين تعود للألف الثاني قبل الميلاد البحث لـ علي طالب المصدر/ إنجيل بابل للدكتور خزعل الماجدي

أول نص فلسفي في التاريخ .. قصيدة من بابل تحتوي على فلسفة الشك و اليقين !!
حوار بين صديقين ” النص الكامل ”
قصيدة بابلية تعود إلى نهاية الألف الثاني قبل الميلاد تعد واحدة من اهم النصوص الفلسفيه ونلاحظ فيها النقاط الآتية :
1- من اولى النصوص الحوارية على طريقة الدايلوك تشترك بهذه الخاصية مع حوارية السيد و العبد

2- انها تؤسس لفلسفة الشك

3- ان هذه القصيدة تكسر حاجز التقديس مشاركة بذلك محلمة كلكامش و بعض القصص و الاساطير الاخرى التي سخرت من الآلهة في نوع من النضج الفكري

4- تطرح الحوارية مشكلة العدل الإلهي والتي تناقش لاول مرة في التأريخ و بكل جرأة في مجتمع يعير أهمية كبيرة للآلهة

5- تتعرض لمشاكل المنظومة الأخلاقية المجتمعية آنذاك
6- طريقة حوار الشخصية المشككة هي طريقة الأسئلة البلاغية التي يعرف السائل و المسؤل الأجابة كما و يستخدم الإستدلال المنطقي

7- و لا بد من الإشارة إلى أن طريقة الحوار بين الصديقين على الرغم من اختلافهما في الرأي و مناقشتهما لموضوع حساس إلا ان الحديث كان بأسلوب محترف موضوعي لطيف لم يتشنج فيه احد خاطب كل منهما الآخر بكل هدوء
………

بدل الحب ساد الكره
بدل العدل سادت الحيلة
بدل اليقين ساد الشك
أقفرت الحياة من كل خير
أمسك الأشرار أمور الحياة

في ذلك الوقت كان هناك حكيم عارف بالخير و بالشر
اسمه (ساجل كينا موبيب) الكاهن المعزم
المخلص للآلهة و الملك

قال لصديقه الحكيم:

– انا فان.. و الهم خيمتي
ليس لي سوى الحزن …
إني و مذ كنت صغيرا أصابني الحزن و مزقني
لقد أخذ القدر أقرب الناس لي
و ها انا اذهب إلى نفس المصير
أنه قدري المحزن

– إن ما تقوله محزن
إنك حقا بهذا الطريق متجه إلى الموت بل إلى الشر
و ان تصرفك هذا يشبه المجنون
قد احلت وجهك المشرق إلى وجه عبوس
أحبابك ذهبوا في طريق الموت .. هذا امر لا بد منه
الناس كلهم سيعبرون نهر خبر
الصالح فيهم و ليس الغني المتخم
من يخدم الآلهة سيكون عنده الملاك الحامي
الذي يخاف الآلهة لا يبدد ثروته

– إن عقلك لا ينضب ينبوعه
هو البحر اللجب الذي لا ينضب
سأسألك و أصغ إلي .. انتبه للحظة و استمع لكلماتي
لقد اصبح جسمي حطاما و خيم الهوان علي
لقد انكسر املي و فقدت توازني
ضعفت قوتي و سعادتي إنتهت
الأنين و الأسى سود قسماتي
حقولي مجدبة و شرابي الذي هو راحة الخلق لا يفرح
طعامي لا يشبع
فأين هي الحياة المرفهة أين؟

– ما أقوله هو الصحيح أيها الحكيم
عقلك هو الذي يدلك على هذه الأفكار
إنك أعمى أيها الأنسان
رغباتك لا نهاية لها
اتخذ طريق عبادة الآلهة و ستطمأن نفسك
سترى أنك في جادة الصواب
سوف يمنحك الرب عطفا و رحمة

– سأستوعب حكمتك و أبجلك
لكني أقول لك شيئا
هل ينتبه حمار الوحش الذي يملئ بطنه
هل ينتبه إلى من يعطيه المعجزات الإلهية؟
و هل يجيء الأسد المتوحش الذي ينهش احسن اللحم
هل يجيء بنذر من الطحين حتى يهدئ غضب الآلهة؟
و الغني الذي تتضاعف ثروته هل يزن الذهب لأجل الآلهة مامي خالقة الأنسان؟؟
كل هؤلاء بعكسي
اما انا فقد أعطيت النذور و صليت إلى إلهي و لفظت التبريك على الأضحيات

– أيها الإنسان يا شبيه الآلهة
يا شجرة الثراء الذي اسبغ عليه الحكمة
يا جوهر الذهب انت المكين في الأرض
خطط الآلهة بعيدة لكنها ملقاة عليك
انظر إلى حمار الوحش في السهل
لسوف يتبعه السهم و هو ينطح و يدوس الحقول
تعال فكر في الأسد الذي ذكرته الذي تنتظره الحفرة
اما الثري الذي يكدس البضائع فسوف يحرق الملك ملكه
فهل ترغب ان تذهب في نفس الطريق الذي كأن قد ذهب به هؤلاء؟
ام تحصل على مكافئة إلهك الأبدية؟

– إن عقلك هو ريح الشمال و انسيم العليل للبشر
نصائحك جميلة لكني اريد ان أقول لك
ان أولئك الذين يهملون الإله يسيرون في طريق الرفاهية
اما الذي يصلون للإله فيصبحون فقراء و تأخذ أموالهم
لقد اتبعت اثناء شبابي آلهتي و شعت لإرادتهم
لكن الإله منحني الفقر و الذل عوضا عن الغنى
لقد غدا الكسول رئيسي و الأحمق قائدي
اصبح المحتال أعلى مني و انا نزلت درجة

– أيها الأنسان الحكيم ان افكارك عاقة
لقد ذهبت بعيدا و لعنت انصاب آلهتك
عليك ان تحترم شعائر الآلهة
و عليك ان تعرف بان خطط الإله تشبه مركز السماء
عليك ان تعرف ان أوامره ليست بقيود
أفكاره في تناول اليد قريبة

– سوف اهجر بيتي و ما املك
سأتجاهل قوانين الآلهة و ادوس شعائرها
لن انحر عجلا و لن اقدم طعاما
لسوف أخذ سبيلي و أذهب بعيدا
سأحفر بئراً و أطلق الفيضان
سأجوب الحقول الواسعة كقاطع طريق
سوف أذهب من بيت إلى بيت لأبعد أذى الجوع
كالشحاذ سأراقب الناس و أنا جائع
اما السعادة و الخلاص فلا أمل لي فيها

– لقد فقدت عقلك يا ساجل
خلقتك الآلهة و أرتضت لك العمل سبيلا
عليك ان تقبل به و إلا فأنك فاقد عقلك لامحالة

– هل ينبغي علي ان اظل اسير ما خلقت عليه؟
هل يبغي علي ا ناحيا و انجب مثل ما خلقت؟
و هل فعل ذلك الحيوان حتى تريدني ان افعل؟

– الشخص المتواضع الخاضع يفعل هذا

– ان ابن الملك متسربل بأفخر الألبسة
اما ابن الفقير و المتشرد فأنه يلبس الخرق
الفلاح الذي يزرع شعير الجعة لا يعرف الذهب
بينما هنا من يحصي ذهبه اللماع بالميكال
هناك الذي يعتاش على الخضروات و بقايا مائدة الثري
ليس ثمة امل في اني يتغير الحال

– لا تجدف. ان تحتضن كل الحكمة و تقدم النصائح للناس
لقد جعلت عقلك يسرح في الضلال و أقصيت الحكمة عنك
فأنت تمتهن الأعراف و تحتقر الشرائع
عليك ان تسير في طريق الإله و تحتفي بشعائره

– الجميع محتال
إنهم يغشون كل شيء و يكدسون كل شيء

– المحتال سيختفي و الغشاش سيقتل
و انت مالم تسع إلى إرادة الأله فأي حظ تملك؟
إن الذي يتحمل عبودية إلهه لن يحتاج إلى طعام
مهما كان قليلا فإسعَ من أجل الوصول إلى روح الإله الطيبة
إن ما تفقده بسنة يمكنك استرجاعه بلحظة

– لقد نظرت حولي فلم أجد إلا ما هو عكس كلامك
فالإله لا يسد طريق الشيطان
و الأب هو الذي يسحب زورقه على طول القناة
اما ابنه البكر فمستلق على فراشه يتابع طريقه كالأسد
و ابنه الثاني سعيد بكونه سائق بغل و وريثه
سيطوف في الشوارع و كأنه بائع متجول
أما ابنه الأصغر فأنه سيقدم الطعام إلى المشردين
كيف إذن أكون قد أتعضت لدرجة انني أنحني لإلهي؟
علي ان انحني إلى أسفل حتى ألتقي بمن هو واطئ مثلي
أما الأغنياء و المتعالين فليس لي مكان بينهم

– ما هكذا يا ساجل
انت دون البشر كلهم عاقل و عارف
فكيب تسبب الآلهة في كربك
ان كلمة الآلهة لا متناهية البعد كمركز السماوات
و لأن أدراكها عسير فالناس لا يعلمونها
و أط لتجد آية في ذلك في جميع المخلوقات التي خلقتها أرورو
فأول عجل للبقرة يكون هزيلا و نسلها اللاحق اكبر من سابقه بمرتين
لماذا يكون الطفل الأول ضعيفا و الثاني مقاتلا بطلاً؟
إنها حكمة الآلهة و الإنسان يمكنه ان يلاحظ ما عسى ان تكون عليه الآلهة
لكن الناس لا يفقهون

– ارجوك ان تتبصر في افكاري
و تنتبه إلى صفوة كلامي
الناس لا يمجدون لام القوي
و لا يبخسون الضعيف الذي لم يرتكب أي خطأ
هم يحيون الشرير و يضيقون على الشريف الذي يرعى إرادة الآلهة
إنهم يملأون مخازن الظالم ذهبا
و يفرغون حقيبة الشحاذ من مأكولاتها
إنهم يسندون القوي الذي هو مؤذ
ولكنهم يحطمون الضعيف و يطردون من لا حول له و لا قوة
إنني أيها الإله انني أيها الإله أيا خاضع لإرادة من له مال كثير

– إن الآلهة الذين خلقوا الإنسان و منحوه الكلام هم الذين يقدرون مصائره
و هم الذين يمنحوه الكذب أو الصدق
هم الذين يفقروه و هم الذين يغنوه
هم الذين يقولون (هو ملك) (والثروات تجري إلى جانبه)
هم الذين يمتحنون الفقير بالعذاب و يطلبون منه الصبر

– إنك عطوف يا إيا فأنظر إلى حزني و ساعدني
أنظر إلى شقائي فرغم اني متواضع عارف لم ار من يساعدني
لم ار من يغيثني فلقد عشت في مدينتي بنفس عفيفة
و لم يرتفع صوتي على احد و لم ارفع رأسي غرورا
بل كنت انظر إلى الأرض فعسى الإله أيا أن يعينني
و عسى الإله شمش راعي الناس كلهم ان يعطف علي

………………

قصيدة حوار بين صديقين تعود للألف الثاني قبل الميلاد
البحث لـ علي طالب
المصدر/ إنجيل بابل للدكتور خزعل الماجدي

مقالات ذات صلة

إغلاق