مقالات

ليس من سمع كمن رأى بقلم أ.د. عبد الحفيظ الندوي

هناك أناسٌ يحكمون على الآخرين بالاعتماد على الأقاويل والشائعات دون أن يتعاملوا معهم بشكلٍ مباشر. إن تكوين فكرةٍ عن شخصٍ ما بناءً على ما يقوله الآخرون عنه ليس تصرفًا سليمًا. لفهم شخصٍ ما بشكلٍ كامل، من الضروري التواصل المباشر معه والتعامل عن قرب.
إن فهم شخصية الفرد، ووجهات نظره، وأفكاره من خلال الشائعات فقط غالبًا ما يؤدي إلى معلوماتٍ ناقصة، أو خاطئة، أو مفاهيم مشوهة. فعندما يتحدث الناس عن شخصٍ ما، قد يخلطون بين آرائهم الشخصية وتحيزاتهم المسبقة. لذلك، وقبل الحكم على أي شخص، يجب السعي للتواصل المباشر معه، ومحاولة فهم شخصيته من خلال التجربة الذاتية.
كل إنسانٍ فريدٌ بحد ذاته. ولفهم شخصية المرء على نحوٍ صحيح، من الضروري الاقتراب منه دون أحكامٍ مسبقة، وبناء علاقاتٍ طيبةٍ معه. فالتفاعل المباشر هو السبيل الوحيد لفهم شخصية الإنسان الحقيقية.
وفوق كل ذلك، ليس من الضروري أن يُقال كل الحق، ولكن يجب الحرص على أن يكون كل ما يُقال حقًا وصدقًا.
المرجعية الإسلامية:
يؤكد هذا المفهوم على تعاليم الإسلام التي تنهى عن سوء الظن وتدعو إلى التثبت من الأخبار. يقول الله تعالى في القرآن الكريم:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا” (سورة الحجرات: 12)
وفي حديثٍ نبويٍ شريف، يؤكد رسول الله ﷺ على هذا المبدأ:
“إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ” (صحيح البخاري ومسلم)
هذه النصوص تؤكد على ضرورة الابتعاد عن الحكم على الناس بناءً على الأقاويل والظنون، وتدعو إلى التثبت من المعلومات وعدم تصديق الشائعات، مما يعزز من قيم العدل والصدق والتعامل الحسن في المجتمع.

إغلاق