مكتبة الأدب العربي و العالمي

قبر_المشؤوم الجزء_الثاني

في تلك الليلة نبشنا القبر سرا تحت جنح الليل وكانت المفاجأة حين وجدنا جثتي الشابين في باطنه، بينما جثة الرجل العاصي صاحب القبر قد اختفت علت الدهشة وجوهنا وملامحنا الصامتة تسأل بعضنا بعضا أين جثة صاحب القبر؟ ومن قتل هذين الشابين

كسر الإمام الصمت بقوله: لا بد أن هناك سرا علينا معرفته غدا سنخبر الناس بكل شيء.
في صباح اليوم التالي دعا إمام المسجد كافة الأهالي وأخبرهم بالذي حدث فعقدت الدهشة ألسن الجميع والكل يسأل كيف حدث ذلك ولا أحد يعلم

عند ذلك تقدم أحد المزارعين وقال : لدي ما أخبركم به ففي ليلة البارحة وعند منتصف الليل خرجت إلى حقولي لأتفقدها من الإبل السائبة التي تعيث فسادا المحاصيل وعند عودتي مررت بجانب المقبرة فسمعت صوت صبيين وكأنهما يتوسلان لأحد أن لا يقتلهما لكني حسبت ذلك الصوت من جن المقابر فلم أقترب بل هربت إلى بيتي وأخبرت زوجتي بذلك

زادت حيرة الناس كما زاد وتعاظم خوفهم على أنفسهم وأولادهم وأصبح الكل يتساءل هل كان للرجل العاصي علاقة بالسحر فعادت روحه لتنتقم من أهل القرية الذين لطالما كانوا يعايرونه بالفسق والمعصية؟

في الساعات الأولى من الفجر أفاقت القرية على صراخ امرأة وأطفالها فهرع الناس إلى البيت الذي يأتي منه الصراخ،ليتفاجئوا برجل يرقد جثة على فراشه جسدا بلا رأس،
وكان ذلك الرجل هو المزارع الذي أخبر الناس بالأصوات التي سمعها عند المقبرة فقد تسلل أحد إلى بيته تحت جنح الليل وفعل ذالك وهو نائم بجوار زوجته التي استيقظت لتجد زوجها مضرّجا وقد اختفى رأسه

في الصباح شاهد بعض الصبيان رأس المزارع معلقا على وتد مغروس فوق القبر المشؤوم.
بدأ الناس يتحدثون عن رؤيتهم لرجل يلف نفسه بعباءة سوداء ويهيم ليلاً في طرقات القرية وغالبا ما يحمل رؤوسا مقطوعة تملك الرعب قلوب الناس وباتوا يغلقون على أنفسهم أبواب بيوتهم في الساعات الأولى من الليل

ذات صباح وجدوا الناس رجلاً ميتاً ورأسه مبتور وقد عُلّق جثمانه بحبل يتدلى من جدار بيته ثم عثروا على رأسه مغروسا في وتد على ذلك القبر الذي بات يعرف بقبر الرؤوس المقطوعة كان الرجل الميت أحد الرجال الذين شاركوا في نبش القبر معنا تلك الليلة وكأن القاتل الخفي يختار ضحاياه وفق عامل مشترك فكل من قتلوا إلى الآن لهم علاقة ما بذلك القبر المشؤوم.

لم يكن الصباح التالي أفضل من سابقه فقد أتت راعيات الغنم إلى القرية وهن مرعوبات يخبرن الناس بوجود جثة بدون رأس معلقة على الأشجار وسط الحقول خارج القرية

هرع الناس إلى هناك ليتحققوا من القتيل فكان أيضاً أحد الرجال المشاركين في نبش القبر، أما رأسه فقد عثروا عليه معلقا على رأس عصا فوق القبر الذي انبعث منه الشر

لم يجد الناس تفسيرا لما يحدث سوى أن روح الرجل العاصي قد عادت للانتقام وكثير من الناس قد أصابهم الهلع والأرق والهواجس، فكان إمام المسجد يرقيهم بشيء من القرآن والماء المقروء عليه.

توالت أحداث القتل المرعبة والتي طالت كل من شارك في نبش ذلك القبر ولم يتبق أحد إلا أنا وإمام المسجد وكنا ننتظر دورنا فلا بد من أن القاتل سيكمل مهمته ويقتل كل من لمست يداه تراب ذلك القبر.

حذرتُ الإمام من الانتباه لنفسه وأخذ الحيطة والحذر فربما سيكون دوره قبل دوري لكنه أظهر لي إيماناً قويا وأخبرني أنه لا ينام الليل إلا قليلا فأغلب ليله يقضيه في القيام والعبادة وقراءة القرآن.

في إحدى الليالي وقد جاوز الليل منتصفه كنت مستلقيا على فراشي فشعرت بشيء من القلق والخوف لبست ملابسي وأخذت سلاحي ثم توجهت إلى بيت الإمام وهناك بقربه أكمنت متخفيا فلدي إحساس أن القاتل سيأتي ليقت.ل إمام المسجد هذه الليلة.

كنت متخفيا قبالة بيت الإمام يحجبني الليل بظلامه الدامس ويحفني بصمْته المطبق الذي أثقل الدنى سوى من صوت رياح شتوية تداعب تراب الأرض في لعبة ليلية مرعبة

وفي لحظة رأيت باب بيت الإمام يفتح من الداخل ويخرج منه رجل ملتف بعباءة سوداء كالليل الحالك تبادر إلى ذهني أن هذا هو القاتل وقد تخلص من الإمام وهو الآن بالداخل
يرقد جثة بدون رأس إلا أنني لم أر الرجل يحمل شيئا في يديه تبعته سرا وأنا أمشي خلفه متخفيا كان يمشي في طرقات القرية المظلمة بخطوات متسارعة يحفها الحذر الشديد وأحيانا يختال بمشيته بين البيوت حتى لا يعرفه أحد

وأنا أتبعه إلى أن وصل إلى باب بيت في طرف القرية، قرعه بظهر يده قرعتين خفيفتين ففُتِح له الباب ودخل إلى الداخل كانت الدهشة قد سيطرت علي فهذا البيت هو بيت الرجل العاصي صاحب القبر وتسكنه وحيدةً زوجته الأرملة..!

اقتربت من البيت ثم تسلقت جدرانه من الخلف وبحذر شديد وبخطوات خفيفة قبعت وراء نافذة كانت شبه مفتوحة نظرت منها إلى الداخل لأتفاجأ بما رأيت

اقتربت من البيت ثم تسلقت جدرانه من الخلف، وبحذر شديد وبخطوات خفيفة قبعت وراء نافذة كانت شبه مفتوحة نظرت منها إلى الداخل لأتفاجأ برؤية الإمام في حضن المرأة صاحبة البيت وهي تمسح شعره بيديها وتقول له حبيبي عليك قتل ذالك الفتى فلم يتبق أحد غيره ثم ندفن الجثة

يتبع الجزء الأخير

عن قصص وحكايات العالم الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق