مكتبة الأدب العربي و العالمي
السفينه_الملعونه / الجزء الأخير
وقبل وصوله اليها , رآها تسقط في البحر بعد ان قامت السمكة بسحبها پعنف .. فهي دون ان تدري , إصطادت سمكة قرش كبيرة
فلم يجد نفسه الا وهو يأخذ الرمح المعلّق على جدار السفينة ويقفز نحوها ..
وقد وصل اليها في الوقت المناسب , بعد ان غرز الرمح في عين القرش قبل ثوانيٍ من قضم قدمها , فهربت مُتألّمة في أعماق البحر .
. بينما أسرعا في الصعود مجدداً الى السفينة .. واستلقيا على الأرضيّة وهما يلهثان برعبٍ وإرهاق !
ثم بدأت نورا تبكي , فسألها الطبيب بقلق :
– هل أذاكِ القرش ؟!
– لا انا بخير , وانت ؟
الطبيب : بخير .. لما تبكين ؟!
– لأني جلبت النحس معي الى سفينتك .. هآقد ضاعت سنّارتك بالبحر , وبسببي سنموت جوعاً !
لا تقلقي , يمكنني صنع سنّارة أخرى .. هيا رجاءً لا تبكي .. ثم بالعكس انت أنقذتي حياتي , لأني أخطأت حين أبحرت دون الإنتباه لحالة الطقس ..
ولولاك يا حوريّة البحر لكنت ڼزفت حتى المۏت
فقالت بدهشة وحزن :
حوريّة ! أتصدّق انك اول شخص يمدحني في حياتي؟!
– يبدو ان لديك ذكريات سيئة مع والدك وزوجك ,
لكن تأكدي بأن حياتك ستصبح أفضل بعد وصولنا للشاطىء
نورا : أتمنى ذلك .. وماذا عنك ؟ هل لديك ابناء ينتظروك في المدينة الثانية ؟
– نعم ابني ,
وهو يدرس الطب وانا فخورٌ به
– وماذا عن زوجتك ؟
الطبيب بحزن : ټوفيت بالسړطان السنة الفائتة , وبسببها تقاعدّت مبكراً
– لكن الناس بحاجة الى اطباء إنسانيين مثلك !
فؤاد پقهر : لم أعدّ أطيق رؤية المستشفيات بعد ان احتضرت زوجتي هناك لستة أشهرٍ متواصلة
– آسفة لسماع ذلك !
– لهذا اشتريت هذه السفينة لأجوب بها العالم ..
وكان ابني يرفض ذهابي لوحدي , وطلب مني مراراً أن أعيّن بحاراً يسافر معي ,
لكني عاندّته ورفضّت , بحجّة انني بارعٌ في الملاحة ..
نورا بحزن : على الأقل لديك شخص تعيش لأجله
اما انا , فلا أدري ماذا سأفعل بعد وصولي للشاطىء , فليس لديّ مكان أذهب اليه
– لا تقلقي يا نورا , سأساعدك في بناء حياتك من جديد
– شكراً دكتور ,
انا سعيدة لأن القدر جعلني أختار سفينتك من بين سفن الصيادين في المرسى ..
فابتسم لها بحنان
ثم أمضيا بقيّة اليوم في صنع سنّارة يدوية ,
استطاعا بها اصطياد سمكةٍ صغيرة , قاما بشويها وأكلها .. وان كانت لم تشبعهما , لكنها أفضل من النوم جوعاً ..
المساء .. لم يقبل الطبيب النوم مجدداً على السرير , ونام على فراش الأرض وهو يُطمّئنها بأنه سيتمّ إنقاذهما غداً , لأن إحساسه لا يخطأ ابداً
لكن ما حصل في اليوم التالي كان أغرب من الخيال , حيث استيقظا ليجدا السفينة راسية لوحدها على الشاطىء ,
وكأن الأمواج تكفّلت بذلك !
ونزلا وهما سعيدان بملامسة أرجلها للتراب , ومشيا مُبتعدان عن العائلات والسوّاح الذين
إفترشوا الشاطىء .. وقبل ان يصلا للشارع ,
شاهد الطبيب ابنه الشاب برفقة رجلٍ يتجهان صوب سفينته المتوقفة قرب البحر ..
فلحقه ابوه وهو يناديه بصوتٍ عالي وبسعادة : هاى بنيّ !! انا هنا
لكن يبدو ان ابنه مُنشغلاً بالحديث مع الرجل ,
بحيث لم يلتفت لوالده الذي كان خلفه !
فهمست له نورا : هل انتما على خصام ؟!
الأب بدهشة : لا ابداً ! ربما لم يسمعني من ضجّة مرتادي الشاطىء , لنلحقهما ..
وحين وصلا قربهما , سمعه الأب وهو يقول للمشتري بنبرةٍ حزينة:
– هذه هي سفينة والدي الطبيب , وكان يعشقها جداً
فقال الرجل : لقد رأيت إعلانها بالأنترنت ,
وهي جيدة من الداخل وسعرها مقبولٌ جداً !
الأبن : نعم , مع اني تكلّفت الكثير لإصلاح عطل محرّكها
واللاّسلكي ..وكان ابي إشتراها بمبلغٍ كبير , لكن لم يرضى احد بشرائها بعد معرفتهم بأن والدي ماټ في الكابينة بعد تلك
العاصفة التي ضړبت البلاد الشهر الفائت , قبل ان نجد سفينته متوقفة في ميناء الصيادين
وهنا قال الطبيب لنورا بفزع : ماذا يقول هذا
الأحمق ؟!.. (ثم نادى لإبنه من جديد بصوتٍ عالي) ..ابني انا هنا !! لم أمت بعد ! أدرّ ظهرك نحوي يا ولد !!
ثم سمع المشتري يقول لإبنه : يبدو ميناء الصيادين منحوساً !
فاړتعبت نورا بعد سماعها لذلك , وقالت للطبيب پخوف :
– لكني لم أمت يا فؤاد ! مالذي يقولانه هذان الأحمقان ؟!
وأسرعا نحوهما وهما ېصرخان :
– نحن أحياء !! الا ترونا
وحين حاول الأب إمساك ذراع ابنه , مرّت يده من خلاله وكأنه طيف !
فتراجع الطبيب للخلف بړعب ..
وحاولت نورا بدورها إمساك ذراع المشتري , لكن حدث لها الشيء ذاته !
وهنا قال المشتري للإبن : رحم الله والدك
الإبن :
سلمت أخي , هيا ندخل لترى السفينة من الداخل
وبعد ان دخلا السفينة ..
قالت نورا وهي ترتجف پخوف : ماذا يعني هذا ؟!
الطبيب بفزع : يبدو اننا مېتان !
نورا وهي تبكي : لا أصدّق هذا , كيف ؟!
أنظري هناك !! انها سفينتنا المُحطّمة !
نورا بحزن : وماذا نفعل الآن ؟!
ففكّر الدكتور قليلاً , قبل ان يقول بحزن :
– هاتِ يدك ..
دعينا نعود الى سفينتنا , ولنُبحر من جديد
نورا بقلق :
أخاف ان ينقصنا الماء والطعام
الدكتور بيأس : لا تقلقي , لن ڼموت مرتين ..
ولأول مرة لاحظا بأن جسميهما يطفو بخفّة فوق الماء ,
الى ان وصلا لسفينتهما الشبح التي لم يرها أحد من مرتاديّ الشاطىء ..
ثم أبحرا في عرض البحر مُتجهين نحو الأفق المجهول
…