اخبار الفن
وحيد حامد.. رحيل كاتب روائع السينما المصرية
رام الله – “منصة الاستقلال الثقافية”:
رحل الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد، فجر اليوم، الثاني من كانون الثاني (يناير) 2020، عن عُمر يناهز 77 عاماً، بعدما وافته المنية في العناية المركزة بأحد المستشفيات إثر أزمة صحية اضطرته قبل أيام لدخول المستشفى.
وكتب ابنه المخرج مروان حامد على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك: “توفي إلى رحمة الله تعالي أبي الغالي الكاتب الكبير وحيد حامد.. البقاء والدوام لله وحده.
وكما أشرنا كان آخر ظهور للكاتب الكبير وحيد حامد خلال تكريمه الشهر الماضي بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 42، حيث خرج مُكرّماً في حفل الافتتاح، فضلا عن تواجده في ندوة فنية كبيرة أدارها الناقد السينمائي طارق الشناوي، وحضرها عدد كبير من نجوم الفن منهم يسرا وليلى علوي ومنى زكي وغيرهم.
وبدأ وحيد حامد مسيرته مع السينما في “طائر الليل الحزين” عام 1977، ثم اتجه إلى التلفزيون في العامين التاليين (1978 – 1979) ليكتب أولاً مسلسل “أنا وأنت ورحلة العمر” مع نور الشريف وإخراج محمد السيد عيسى، وثانياً “أحلام الفتى الطائر” مع عادل إمام وإخراج محمد فاضل، و”أوراق الورد” مع النجمة الكبيرة وردة وإخراج محمد شاكر، وبعدها انفتح الطريق الذي لم يستطع أحد أن يوقفه، لا رقابة ولا سلطة، فمن يستطيع إيقاف حواره اللاذع؟!
وحيد حامد، وفي الندوة التكريمية على هامش فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي، بدأ حديثه “أطلقتُ على وحيد حامد الفلاح الفصيح لأنه كان يتمسك بالقيم”.
وأكَّدَ، عقب أيام من تكريمه في افتتاح المهرجان، أنه خلال مسيرته الفنية قابل العديد من النجوم الكبار من بينهم محمود عبد العزيز ونور الشريف وليلى علوي، مسترجعاً أحد المواقف التي جمعته بالفنانة ليلى علوي وهو أنها خاطرت بأحد الأدوار التي رفض الكثيرون تقديمها. وعن النجوم الكبار صرَّح أنه يعتبرهم مثل العائلة والأهل وأنه أَحَبّ العديد منهم، وأقسم أنه لا يتبنّى قضيةً إلا إذا كانت تكشف عن قناعاته سواءً كانت صحيحةً أو خاطئةً.
وكشف وحيد حامد في ندوته عن أنه يعتبر فيلم “سوق المتعة”، هو أهم الأفلام التي كتبها على مدار مسيرته الفنية، وأن الفكرة تُعَدُّ جديدةً من نوعها، وعلَّقَ قائلاً: “مش أنتم اللي عِشتوا في زمن وحيد حامد، وحيد حامد هو اللي عاش في زمانكم”، متابعاً أن مشاركته مع جميع المخرجين أضافت له الكثير حيث تعلَّم منهم ووضَعَ كلٌّ منهم بصمَتَهُ على أفلامه، وأضاف أن تعاونه مع المخرجين الشباب كان بغرض أن يجدِّدَ فِكْرَهُ.
وصرَّحَ وحيد حامد أنه كان يعلم دائماً أنه سيواجه العديد من المشكلات والأزمات في أعماله، وأنه يُحاول دائماً وضْعَ أحد المشاهد “غير الأخلاقية”، كي تركِّز الرقابة به وتغفل عن موضوعات الأفلام.
وبسؤاله عن سبب ابتعاد الأعمال السينمائية الحالية عن الواقع؛ أجاب أنه لا يستطيع الإجابة عن السؤال وأنه يشجع التجديد وحرية كل كاتبٍ في التعبير عن ما يريده في أعماله، مضيفاً أن ما يميّز الخيال هو أن يُحاول السيناريست أو الكاتب الإحساس بالواقع لكي يستطيع نقلَهُ على شاشة السينما.
وعند سؤاله عن أكثر الفنانين الذين يتمنى لو حضروا هذا التكريم، يقول “كل جيلي.. الذين فقدتهم ورحلوا لذمة الله، من بينهم أحمد زكي ونور الشريف ومحمود عبد العزيز، وسمير سيف، ورأفت الميهي”، واستعاد ذكرياته مع رأفت الميهي الذي بدأت معرفته به حيث شاهد له فيلم “على من أطلق الرصاص”، وفوجِئ بعدها بأن رأفت الميهي أمسك بيده وهو يكتب أحد الأفلام!
وكشف عن أن هذا الجيل كان يساعد بعضَهُ البعض بصورةٍ كبيرةٍ. وأطلق على ذلك الزمان أنه كان مجتمعاً يحترم الصغير ويأخذ بيده، وكشف عن تعلُّمِه التواضع من الكبار الذين عاصرهم.
وتحدث وحيد حامد عن مشكلةٍ ما في نقل الرواية إلى عملٍ فنيّ، لأن البعض يتخذ الرواية ويكتبها مثلما هي، ولكن على الكاتب أن يقرأ الرواية ثم يُجَنّبها بعد ذلك كي يكتُبَ رؤيته الشخصية دون تغييرٍ في تسلسل الأحداث.
أوضح وحيد حامد أن له طريقته الخاصة في الكتابة حيث يحرص على كتابة العمل من الألِف للياء ثم يعرضه بعد ذلك على المخرج، وأكَّدَ أنه لم يتعاقد في مسيرته الفنية على فكرةٍ وأنه لم يعرف فكرة التعاقد على السيناريو وهو جنين -على حد تعبيره- بالرغم من أن البعض يفعل ذلك، وهذا لا يعيبهم، ولكن لكل شخصٍ طريقَتُهُ الخاصة، هكذا حاول أن يتعايش مع الشخصية التي يكتُبُها وتقمَّصَها أثناء كتابته لها.
وتقدَّمَ وحيد حامد بنصيحةٍ للشباب قائلاً: الإيقاع الزمني له مشاكله، والتكنولوجيا أضاعت الكثير من المعاني، هناك حالة من الاستهتار، فقد كنا قديماً إذا رأينا ورقةً على الأرض نأخذها ونقرؤها، وبالرغم من التقدم إلا أن هناك حالة من الثقافة السطحية وليس الإلمام بكل شيء، وهذا الاستهتار لم يُضِف لهذا الجيل أو للشباب شيئاً.
أما عن يوسف إدريس فأكَّدَ أن علاقته به كانت وطيدةً لأنه بدأ كاتباً للقصة القصيرة، وعندما أهدى وحيد لإدريس مجموعةً من القصص لقراءتها لم يُعْجَب الأخير بها، فقدَّمَ له النصيحة بكتابة الدراما، مضيفاً “إنه بالفعل كان محِقّاً”، وأنه بعدما حقق وحيد نجاحاً ملموساً طلب منه يوسف إدريس أن يُحَوِّل إحدى رواياته لفيلم، لكن هذا الحلم لم يتحقَّق!
وعن شريف عرفة وصف معرفته به أنها معرفة خير وأنه يعتبره مخرجاً واعداً ودؤوباً، فيما أنهى السيناريست الكبير وحيد حامد الندوة قائلاً: “انتو اديتوني عمر جديد، واستمرارية أنا مكنتش متوقعها، وأنا سعيد بالحب اللي أنا شايفه والدعم اللي أنا شايفه، ومفيش كلمة كتبتها إلا وأنا عايش في ذهني الناس اللي أنا وسطهم”. وبالفعل كان وحيد حامد في القلب من جمهوره، فكثيرون كتبوا عن أفكار الناس وأحلامهم، لكن وحيد كان “الوحيد” الذي كتب عن هواجسهم كذلك وتخوّفاتهم!