في العام 2001، تم تحويل الدولة البوليسية الخليفية، إلى “مملكة” وذلك في أعقاب تسلم، حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، مفاتيح الحكم، خلفا لوالده الراحل، عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة، الذي ظل يحكم البلاد من العام 1961 حتى العام 1999 بقبضة حديدية مشتركة مع شقيقه الأكبر، رئيس مجلس الوزراء، خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، ومدير جهاز مباحث أمن الدولة السرية، المرتزق البريطاني، العميد المتقاعد، إيان هندرسون، وقام خلال هذا التحول، بإجراء بعض التغييرات الترقيعية والتجميلية في العديد من هياكل المؤسسات السياسية والامنية الرسمية، التي كانت قد تعرضت إلى الكثير من الاعتراضات والانتقادات الوطنية والدولية، بسبب غياب الديمقراطية وخنق الحريات العامة وحقوق الانسان وفي تلك الفترة بالذات، التي وصفها حاكم البلاد الجديد، بانها فترة “الايام الجميلة” التي ظل يحلم بها شعب البحرين، والتي سوف تصبح البلاد في ظلها بمثابة ” واحة مزدهرة للديمقراطية والحكم الدستوري وحقوق الانسان، برز من بين الأطلال، ولي عهد البحرين سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، كرجل دولة على المسرح السياسي البحريني، عندما أخذ يكثر من الظهور على مختلف وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية، والبعض رأى فيه صورة الشاب الواعد ” المتفتح والمثقف ” والبعض الآخر وصفه ب “فارس المرحلة النهضوية الجديدة” التي تحتاجها البحرين لمواكبة العصر، وظهرت هناك تلميحات في نفس الوقت، تشير إلى أنه ربما قد يسحب البساط من تحت أقدام، رئيس مجلس الوزراء، خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، التي تراجعت شعبيته الوطنية بشكل كبير، وصار يفتقر إلى قاعدة دعم قوية في صفوف الاسرة الحاكمة البحرينية، بسبب تصلب مواقفه السياسية والامنية، والجهات التي أغضبها بأسلوبه الاداري، والاجراءات السياسية المشددة، التي عقدت الأمور عن إجراء أية مصالحة وطنية مطلوبة. وكان ينتظر من وراء الستار فرصته للظهور إلى الواجهة، وعندما إتيحت له تلك الفرصة السانحة، بدعم ملحوظ من والده، ومساندة من العديد من مؤيدي الأصلاحات، ظهر وكأنه قد تجاوز حاجز الصد لبعض التقاليد المحافظة الضيقة، التي كرستها سياسات حكام المشيخة الخليفية السابقين، وصار يتطلع بشغف، نحو ترميم بعض الهياكل القديمة والبالية في كيان النظام السياسي، وبدأ يطرح بعض البدائل التكتيكية والاستراتيجية للسياسات البحرينية اللاحقة، والانفتاح على المجتمع، الذي يمكن أن يتسع للجميع، وذلك بالاستناد إلى منصبه كوليا للعهد، وتمتعه ببعض أفكار الثقافة الغربية المعاصرة، حيث كان قد تلقى علومه في جامعات ومعاهد بريطانية واميركية معروفة، وكان قد اشار إليه بعض المراقبين، في حينه، بأنه يحمل النوايا الحسنة، ويظل عاقدا العزم على تدشين جناح معتدل داخل السلطة البحرينية، يتبنى نهج الاصلاح والانفتاح المباشر على المجتمع، ولذلك سرعان ما وجدت كل خططه وأفكاره الجديدة المطروحة، لغة مشتركة مع بعض الاوساط السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي راهنت على مهمات التغيير الحثيث في البحرين، وذلك من خلال رؤيتهم لما قد تم إنجازه من إصلاحات طفيفة وتدريجية في ظل ما سمي ب “مشروع الاصلاح”، وبخاصة في مجالي الاقتصاد وحقوق الانسان. ولكنه ولسوء حظه، لم يكون النجاح حليفا له، حتى في بعض تلك المساعي البسيطة، التي ظل يحملها في تفكيره، حيث أنه لم يتوافق بشكل صحيح وجدي، مع رئيس مجلس الوزراء، خليفة بن سلمان آل خليفة، الذي كان وقتها بمثابة رجل الدولة القوي في البحرين، والشخص الذي لم يخف أبداً أطماعه في أن يبقى هو وحده فقط متفردا بصناعة القرار السياسي، ومن دون الحاجة الضرورية لمشاركة الآخرين معه في رسم خطط ومشاريع الدولة والمجتمع، ولذلك تبخرت كل أحلامه وأمانيه، في أن يبرز على المسرح كلاعب رئيسي، من أصحاب النفود القوية جدا، وكرجل مؤيد رئيس للاصلاح، واستجابة للضرورات، أكتفى بالحضور البسيط والقليل على المسرح، وبمنصبه الرسمي كوليا للعهد، وليس قائدا لمهمة تجديدية وتغييرية، وذلك بعد أن وجد جميع الابواب موصدة من أمامه، بفعل قوة النمط السلطوي لرئيس الوزراء خليفة بن سلمان بن حمد أل خليفة، الذي ظل دائما يتفرد بصنع القرار، ويبعد جانبا على الدوام كل شخص يظهر أي طموحات سياسية، و كان قد حذر، من أن ولي العهد، سلمان بن حمد بن عيسى أل خليفة، إذا ما برز في الواجهة، ونفذ الوعود المطروحة، التي ظل يلوح بها في تصريحاته العلنية والضمنية حول الاصلاح، فإنه سيعيد عقارب الساعة للوراء، وسيفتح الأبواب مشرعة على مصراعيها لطرح مطالب الآخرين في المشاركة الاساسية والجوهرية في السلطة والحكم، التي هي تبقى حكرا فقط على أفراد العائلة الخليفية الحاكمة. ولهذا السبب ولغيره تصدى، رئيس مجلس الوزراء، خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، لجميع تطلعات ولي العهد نحو تغيير الأمور في البلاد، وتحسبا لردود الأفعال الكثيرة والخطيرة، تحالف مع فرسان سنوات الحقبة المعتمة في تاريخ البحرين، الذين ظلوا يوصفون بـ”الحرس القديم” داخل نطاق دولة المراقبة الامنية، بقيادة هندرسون، والذين نجحوا طوال تلك الحقبة التاريخية وبكل المقاييس أن يختزلوا مصالح البلاد والمجتمع، وكافة توجهات السياسة البحرينية الداخلية والخارجية في مؤسسات صورية خالصة، لا تمثل سوى مصالحهم ومصالح الشركاء المنطويين تحت عبائتهم، وجوقة كبيرة من المطبلين والمزمرين، على أنغام القضايا الوطنية والتحالفات الامنية الحميمية الخليجية والعربية، والتي كان يمكن من خلالها ردع كافة التحركات الوطنية المطلبية المحقة، فاستطاعوا جميعهم بهذا المستوى أو ذاك، أن يعرقلوا دور ولي العهد، في أي تحرك جدي على مستوى مشاريع الاصلاح، التي ظل يتطلع لها، وإستمروا في تحجيم دوره وتهميشه وتجريده تدريجيا وبشكل قسري، من أية مشاركة عملية جادة في مواقع حسم القرارات الصعبة، وأحالوا وظيفته كنائب عن والده في سدة الحكم، إلى مجرد واجهة صورية خالية من دون أية صلاحيات تنفيذية ومهمة، حتى وإن ظل يتمتع بامتيازات ولاية العهد، فبقي دوره بعد ذلك مقتصرا فقط على استقبال وتوديع الشخصيات البارزة، والوفود الرسمية، التي تقوم بزيارة البحرين لاغراض دبلوماسية أو اقتصادية أو عسكرية، وكذلك المشاركة في تمثيل البحرين، في بعض المحافل العربية والقارية والدولية الكبرى، وذات الصلة بقضايا التنمية والاقتصاد والتجارة الدولية، في حال تعذر على والده الحضور والمشاركة لسبب أو لآخر. وتحت وطأة الشعور بالغبن وتهميش الدور، إنطوى ولي العهد سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، على نفسه عدة شهور من الوقت من دون أي ظهور ملفت على المسرح السياسي البحريني، ومن ثم اتخذ قراره بمغادرة البلاد، وبشكل طوعي إلى عاصمة الضباب لندن بالمملكة المتحدة البريطانية، التي ظلت تربطها بعائلة آل خليفة علاقات تاريخية وثيقة وحميميه خاصة، منذ توقيع معاهدة الحماية البريطانية للبحرين، والتي ظلت توصف دائما من قبل الجانبين البريطاني والبحريني، بأنها أزلية، وستبقى كذلك، إحتجاجا على هذا التهميش المقصود، ولكنه مالبث بعد فترة محدودة أن تخلى عن قرار البقاء خارج البلاد، إلى أجل غير مسمى، بعد أن بذلت هناك جهود مضنية ومناشدات ومساعي حثيثة بدلها والده، حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، من أجل حثه على العودة إلى البلاد، وبشكل طوعي، عبر صفقة مصالحة عائلية، عقدها مع عمه رئيس مجلس الوزراء، خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، بغية المحافظة على تماسك جبهة القيادة السياسية العليا، والتشديد على وحدة وتكاتف وتضامن أبناء العائلة الواحدة، ولكنه رغم ذلك ظل، ولي العهد، سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، يعاني من فقدان الارادة القوية والخارقة، في مواجهة غطرسة، رئيس مجلس الوزراء، خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، فلم يستطع بعد ذلك، أن يخرق الصف، أو الابتعاد كثيرا عن ممارسة النهج الاوحد، الذي ظل يدافع دائما وبقوة عن أصول، الثوابت الاربعة التاريخية، التي ارسى جذورها الراسخة، مؤسس المشيخة الخليفية الاولى، أحمد بن محمد آل خليفة، في بدايات مرحلة الغزو، ومن ثم تسلطه وإستحواذه على كل أدوات صنع القرار في البحرين، وتوريثها لجميع أفراد عائلته من بعده طبقة بعد أخرى، لكي يواصلوا طريق الحفاض على العرش، مهما تعرضوا للشدائد . واليوم، فقد تبوء ولي العهد، سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، منصب رئيس مجلس الوزراء، خلفا للرجل، الذي أستطاع أن يهمش دوره في الطليعة، ويقطع عليه الطريق، نحو الاهداف، والطموحات العالية، التي رسمها بشأن الاصلاح السياسي الجديد في البحرين، في بدايات تحويل دولة المراقبة الامنية إلى مملكة، وقال أنه ظل مستعدا لتنفيدها، ومن هنا يمكن طرح هذا السوال، وهو أي نوع من الاصلاح الذي كان يصبوا إليه الرجل؟ فهو الآن في منصب قوي للغاية، يجمعه كوليا للعهد، ورئيسا لمجلس الوزراء، ومن خلاله صار يمتلك مالا يمتلكه الآخرون، سوى والده، المتربع الآن على قمة العرش، بعد أن تخلص من السلطوية الحاسمة والصارمة، التي كان يفرضها عليه، وعلى جميع المسؤولين الكبار في السلطة والحكم، رئيس الوزراء الراحل، خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة. ويتوجب عليه ألان، وهو يقود السفينة، أن يؤكد ويثبت صحة جميع أقواله السابقة، التي طرحها وتبجح بها دائما، بشأن الأصلاح الحقيقي والجوهري في البلاد، وأن لا تصبح فقط مجرد أقوال، وأن لا يصبح هو نفسه مجرد “نمر من الورق” وذلك هو مقدار الأمر الذي يمكن الرهان عليه بجدية وبقوة، فقد يتطلب هذا الواقع الجديد، أكثر من الكلام، ومن معرفة العلاقات العامة وفهمها لكي يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الأمام، وإعادة تنظيم السياسات البحرينية على نحو جذري، وسيكون الاختبار خلال المرحلة الانتقالية الجارية، على معالجة مجلس الوزراء، للمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية المتعددة، التي تواجهها البلاد في هذا الوقت العصيب والحساس، ويكون في مقدمتها على الاطلاق، هي كيفية معالجة الشرخ الاجتماعي العميق والواسع النطاق، الذي برز في أعقاب أحداث شباط/ فبراير 2011، ومزق قوى الجبهة الداخلية البحرينية، وإستعادة بناء الثقة المنفرطة، بين الحكم والمجتمع، التي تأثرت بفعل التفرد الفئوي الشديد بصنع القرار، والعمل على تقوية بنية التلاحم الوطني، وتماسك الجبهة الوطنية، و النظر في مسألة الحوار الوطني المسؤول، التي تصدت له السلطة ومنعته في كل الأوقات، ومعالجة مشكلة الجمعيات السياسية، التي حلت، وقفلت السلطات أبوابها بالشمع الأحمر، وفتح جميع الملفات الساخنة، التي اهملت بتعمد واضح، وظلت مركونة في رفوف مكاتب السلطة والحكم، طوال العقود الكثيرة الماضية، والنظر في قضية المعتقلين السياسيين والحقوقيين، وغيرهم من قواعد وأنصار الحركة المطلبية، الذين فرضت عليهم المحاكم البحرينية غير القانونية والدستورية، أحكام ظالمة وقاسية للغاية، طويلة الأمد وقصيرة، ومكاشفة ومحاسبة المسؤولين عن قتل الناس بصورة متعمدة خلال الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية المطلبية. وكذلك أيضا قضية المبعدين والمنفيين في الخارج، وقضية الاشخاص المسحوبة منهم الجنسية الوطنية، ودفع التعويضات لجميع الضحايا، الذين استشهدوا في جميع الأحداث الاحتجاجية المطلبية، التي شهدتها البلاد، ومن بينهم الذين استشهدوا تحت وطأة التعذيب في داخل المعتقلات والسجون البحرينية، وجميع من تضرر من المواطنيين البحرينيين، من عسف السلطة وبطشها وتهورها، ومناقشة ملف التجنيس السياسي العشوائي السيء الصيت، الذي أغرق البلاد بالاجسام الغريبة عن المجتمع، ومنحتهم السلطات المحلية، العديد من الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية والمعنوية، والافضلية على المواطنيين البحرينيين الاصليين من مختلف الطوائف الاثنية، بما في ذلك منحهم الجنسية الوطنية البحرينية، من دون وجه حق، ومناقشة قضايا الفساد وتسيب المال العام داخل أجهزة ومؤسسات الدولة الرسمية، ومراجعة شكل العلاقة مع دول المنطقة، التي تضررت بفعل السياسات الخاطئة المحلية، والتحالفات المشبوهة، التي كرستها السلطة في سياساتها الخارجية، وتبرير توقيع السلطة البحرينية، على معاهدة الصلح مع الكيان الصهيوني، المرفوضة رفضا قاطعا من كل فئات وفعاليات وأطياف المجتمع البحريني برمته، وبصورة أكبر على التغيرات المستمرة، التي تؤثر على البحرين برمتها، والبحرين تعتبر بصورة من الصور “حقل تجارب” للآخرين، من مختلف القوى الاقليمية والدولية، التي تخوض معاركها لجهة تسويق مشاريعها السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية، في المنطقة وخارجها. كل هذه القضايا الصعبة والملحة، يفترض أن تجد طريقها للحلول السريعة، من قبل مجلس الوزراء، ورئيسه، سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، وذلك من أجل اقناع الناس، بأن الأمور المستقبلية سوف تسير على طريق الأصلاح الحقيقي والجوهري، وهي ذات القضايا الحساسة، التي ستحدد مصداقية القيادة السياسية العليا في البحرين، وبالخصوص مصداقية ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الجديد، التي راهنت عليه بعض القوى السياسية البحرينية، والعديد من الاشخاص البحرينيين، “التوابين والمهرولين” الحالمين بكنوز السلطة وكراسيها، سواء على مستوى الداخل أو الخارج، بأنه يفترض فيه أن يكون “المنقذ” و “القائد الحتمي” و “فارس المرحلة الاصلاحية الحقيقية المنشودة وغير المعهودة”، وإلى حد، أن بلغ بأحدهم في درجة تفاؤوله، وأشار في تغريدة بائسة له، نشرها قبل بضعة أيام، إلى أن رئيس مجلس الوزراء الجديد، سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، هو الوجه المقبول من الجميع، وبالرغم من أنه لايملك حاليا الحلول السحرية للتغيير السريع المطلوب، إلا أنه في المستقبل القريب والعاجل، سوف يصنع التاريخ الجديد والمعجزات الكثيرة، وأضاف، أنه لم يتعب، ولم يفقد الثقة والأمل مطلقا بشخص رئيس الوزراء الجديد، الذي سيقود البلاد حتما للتغيير، يالها من مشاعر وردية، وأحلام يقضة، ومع ذلك، و لما لا ؟ فلربما قد تكون هذه النبؤة صحيحة ويستيقظ الحلم، وربما تكون هذه “المعجزات” الكثيرة، المتوقعة من رئيس مجلس الوزراء الجديد، هي بالضبط نفسها تتكرر، وهي معجزات بدت كثيرة حقا، صنعها تاريخ أجداده الاولين القدامى، الذين أغتصبوا الأرض والكيان السياسي، بواسطة القوة وسفك الدماء، واحتكروا لانفسهم ولاحفادهم من بعدهم طبقة بعد طبقة، جميع أدوات صنع القرار، وهتكوا أعراض الناس، وحرقوا الأخضر واليابس في عموم البلاد، وأصبح السبيل للتعامل مع المناهضين لسياساتهم المعوجة، هو القوة مع التجاهل التام لمطالبهم السياسية والتغييرية المنشودة، ويمكن له استعادتها عدة مرات وبكل سهولة مادامت يده مطلقة بالتصرف بامور البلاد والعباد في البحرين. ولذلك فأن مجمل تلك القضايا المعقدة والشائكة والصعبة، ستظل بالتأكيد على المديين الراهن والبعيد المدى، موضع تداول وسجال على جميع المستويات في البحرين، وهذه ربما ـ بحسب ـ الكثيرين، قد تكون فرصة تاريخية بالنسبة لولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، لجهة حسم جميع القضايا الشائكة والعالقة، التي تراكمت وجرى تجاهلها ونسيانها في رفوف المكاتب، ولم تحسم في عهد سلفه الراحل، خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة، ولذا فانه لا ينبغي عليه اليوم تجاهلها واضاعتها، بحيث يجب معالجتها الآن وباقصى سرعة ممكنة، وقبل فوات الأوان، لأن البلاد، تعيش اليوم على وقع بارود، إذا ما اشتعل وتفجر، فان النهاية ستكون قاسية ووخيمة للجميع. ولذلك فأن المطلوب من قبطان السفينة السياسية، أن يتوخى الحذر، ويحاول بشتى الوسائل الممكنة، أن يتدارك كل جوانب الوضع الصعب، بالحكمة والتعقل، إذا ما كانت لديه بالفعل مصداقية حقيقية يريد تكريسها وتعزيزها باتجاه التغيير والاصلاح المطلوب، بدلا من السعي إلى نزعة طوباوية، تقوم على تكرار ما كان يحدث طوال العقود الكثيرة الماضية، وتكريس وتعزيز الثوابت العائلية، التي وضعت القوة واحتكار القرار في المقام الأول من أولويات التعاطي مع المجتمع، بوصفها ضرورة وجودية أبدية لا ريب فيها، وإذا ما تعسر على ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، الذي يمسك اليوم بناصية السلطة التنفيذية، تحقيق كل تلك القضايا الملحة، على ارض الواقع، فأن الأساليب التسلطية، وسفك الدماء للحفاظ على السلطة والحكم، ستكون بمثابة الخطوات الأكثر أحتمالا من أمكانية تغيير الأوضاع المتردية والمازومة، بحيث أن الناس، الذين بلغ السيل الزبى لديهم جراء وعود السلطة بتطبيع الاوضاع، وتحسين مستويات الحياة العامة، لن يسكتوا على مضاعفة الظلم، واستغفال عقولهم، إلى ما لا نهاية، بتكرار الوعود الملفقة والخادعة والكاذبة، واللعب على الحبال كثيرا . هاني الريس