الرئيسيةعالم المراة

سيارات خاصة بالنساء في الجزائر

أطالت الانتظار في موقف لسيارات الأجرة في حي بلوزداد بقلب الجزائر العاصمة، ورغم ذلك رفضت العروض التي تهاطلت عليها من قبل سائقين كانوا يمرون عليها تباعا، ظننا للوهلة الأولى أنها تنتظر أحد معارفها في ذلك المكان، ليتبين لاحقا أنها لم تكن ترغب في أن تقلها سيارة أجرة (تاكسي) يقودها رجل، بل تقودها امرأة.
لامية (28 عاما) شابة جزائرية تضطر يوميا لركوب سيارة الأجرة من أجل الالتحاق بمكان عملها بحي الأبيار بأعالي العاصمة الجزائرية، وهي واحدة من نساء جزائريات تخلين عن الرجل “السائق” لصالح المرأة “السائقة” خلال تنقلاتهن في سيارات الأجرة أو تلك التي تعرف بالسيارات المخفية “كلونديستان”.
النساء يزاحمن الرجال
تحدت المرأة الجزائرية منذ سنوات فكرة أن تكون قيادة وسائل النقل حكرا على الرجل فقط، ولم تكتف بامتلاك سيارة خاصة بها تقلها للعمل أو الجامعة أو قضاء أمور الأولاد والبيت، بل زاحمت الرجل في قيادة سيارات الأجرة والقطار السريع والحافلات.
وحسب أرقام مؤسسة تسيير المرور والنقل الحضري التابعة لوزارة النقل، فقد بلغ عدد سائقات سيارات الأجرة على مستوى الجزائر العاصمة ثلاثين امرأة، ويتعلق هذا الرقم باللائي يعملن بطريقة قانونية، باعتبار أن هناك نساء يمارسن هذه المهنة بطرق غير معلنة.
ويحدد القانون الجزائري سن 25 عاما لممارسة مهنة قيادة سيارة أجرة، وذلك وفق ما جاء في المرسوم التنفيذي 230 الصادر عام 2012.
“المرأة تقود بالمرأة”
لم يكن الركوب مع الرجل السائق في سيارات الأجرة يسبب أي مشاكل للمرأة الجزائرية في الماضي، كما تقول لنا السيدة أمينة (60 عاما) التي كانت تنتظر سائقها الخاص أمام منزلها في حي بن عكنون بالعاصمة الجزائرية.
غير أن تغير الظروف وازدياد التحرش والمضايقات أفرزا ظاهرة “المرأة تقود بالمرأة”، أي أن تخصص سيارات أجرة أو سيارات “كلونديستان” للنساء والعائلات فقط، وهي ظاهرة موجودة بدول عربية، منها مصر والعراق والأردن.
ففي ولاية (محافظة) تيزي وزو بمنطقة القبائل، أطلقت مبادرة “تاكسي إيناس” في أغسطس/آب 2018، بهدف تحقيق رغبة نساء وفتيات المنطقة في الحفاظ على خصوصياتهن، كما أكدت لنا إيناس (35 عاما)، المشرفة على المشروع.
وقالت إيناس -في اتصال هاتفي من تيزي وزو- المرأة عموما تشعر بالراحة والاطمئنان عندما تستقل سيارة تقودها امرأة.
100% نساء
وساعدت التطبيقات الإلكترونية الخاصة بحجز سيارات الأجرة، التي انتشرت بكثرة في الجزائر مؤخرا، على وجود ظاهرة “تاكسي النساء”، عبر إطلاق خدمات مخصصة لتوصيل الجنس اللطيف.
تطبيق “تم تم” -ويعني باللهجة العامية “بأقصى سرعة”- الذي أطلق عام 2018 وفرّ خدمة “مائة بالمائة نساء”، ويقول مؤسس التطبيق إلياس مولار للجزيرة نت إن هذه الخدمة جاءت تحقيقا لرغبة متصفحي التطبيق عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتخضع المتقدمات للعمل سائقات لدورة تدريبية يتم خلالها تلقينهن تقنيات استعمال تطبيق “تم تم” وأسلوب التعامل مع الزبائن من النساء. مع العلم أن عدد السائقات العاملات في الشركة يبلغ نحو مئة والعدد مرشح للزيادة.
“الكلونديستان” وسيلة جذب
وبالموازاة مع الخدمات النسوية التي توفرها تطبيقات النقل، لجأت بعض شركات سيارات الأجرة إلى توظيف نساء سائقات تقتصر مهمتهن على نقل النساء والأسر في ربوع الجزائر العاصمة.
وحسب سمير دباحي، المسيّر العام لشركة “سيرين تاكسي” التي يوجد مقرها في منطقة الدويرة (غرب الجزائر العاصمة)؛ فقد خصصت شركته سيارات للنساء منذ عام 2017، وجاء ذلك تلبية لطلبات الناس على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الهاتف.
وتوظف “سيرين تاكسي” التابعة للشركة الأم “دي أس تاكسي” أربع نساء سائقات يملكن شهادات تكوين رسمية، وبينهن السيدة روان شهرزاد (50 عاما) التي تمتلك خبرة لسنوات في مجال قيادة السيارات.
ويتم حجز السائقات عن طريق تطبيق إلكتروني أو عبر الهاتف، وتستطيع الزبونة التعرف على السيرة الذاتية للسائقة التي تقلها بمجرد النقر على خانة مخصصة للاختيار بين السائق الرجل أو المرأة.
ومن جهة أخرى، اقتحمت نساء وفتيات من مختلف الأعمار والمستويات الدراسية عالم “الكلوندديستان”، ويتهافتن على تقديم خدماتهن للمرأة عن طريق طرح عروض عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر إعلانات التوظيف.
وتعد السيدة كوثر. ف (40 عاما) القاطنة بحي الشراقة (غرب الجزائر العاصمة) واحدة من نساء اقتحمن مجال “الكلونديستان”، وتقول للجزيرة نت إن زوجها الذي سلمها سيارته لتعمل بها اشترط عليها أن تخصص خدمتها للنساء فقط.
وتنتقي كوثر زبوناتها بعناية فائقة، فهي ترفض نقل فتيات “مشبوهات”، فلا تدخين ولا سماع للموسيقى في سيارتها، كما أنها تعارض أن يركب معها زوج الزبونة، فهي تقل النساء فقط.
ترحيب وتشجيع
لاقت ظاهرة “المرأة تقود بالمرأة” استحسان معظم المواطنين والمواطنات الذين التقيناهم في شوارع الجزائر العاصمة، وطالب بعضهم بتشجيعها لأنها توفر الحماية للزوجة والأخت والبنت.
ويفضل أسامة (27 عاما) العامل بمحل بحي ساحة الشهداء بالعاصمة أن تقل زوجته أو أخته سيارة أجرة أو سيارة “كلونديستان” تقودها امرأة، ويقول للجزيرة نت إن المسألة لا تتعلق بالثقة والأخلاق، بل لأن ديننا الحنيف يمنع الخلوة بين الرجل والمرأة.
ولا تجد لطيفة لبوشير (45 عاما) العاملة في مكتبة بشارع العربي بن مهيدي بقلب العاصمة أي حرج في ركوب سيارة أجرة يقودها رجل، لكنها تشجع المرأة على خوض مختلف المجالات ما دامت تشتغل من أجل لقمة العيش.
أما أحمد (35 عاما)، وهو سائق سيارة أجرة، فلا يجد حرجا في أن تقود المرأة بالمرأة، لكنه يخشى على المرأة السائقة من التحرش والاعتداءات التي لم يسلم منها حتى الرجل.
ليلى منغور-الجزائر / وكالة أخبار المرأة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق