الرئيسيةمقالات

منقول كما وصلني حضرات السيدات و الساده / صفحة الاعلامي جورج غلوي الرسمية

ان تقدم دار دلمون الجديدة على هذه المبادرة الطيبه لتوجيه تحية إلى ذكرى المطران هيلاريون كبوجي يشكل بداية محاولة صادقة لتصحيح الخطا المرتكب بحق هذا الرمز القومي المقاوم .

الخطأ ناجم عن التقصير بحق المطران و تجربته الرائدة في مقاومة الإحتلال و خرقه المحظورات المسلكيه التزاما بواجبه القومي و الإنساني في فترة من التاريخ لم يكن قد ظهر فيها ما صار يعرف في الكنيسة الكاثوليكية ب” لاهوت التحرير ” .

وهنا فعلا يجب ان يطلع جيل الشباب على سيرة هذا الرجل الاستثنائي الذي نوجه إليه اليوم تحية ، مجرد تحية ، ولا اقول تكريم لأن تكريم إنسان من طينته و مثاله يكون من خلال تحرير فلسطين ، تماما كحال الشهداء الذي لا يليق بهم تكريم أقل من تحرير كامل فلسطين التي من أجلها قدموا الشهاده .

المطران كبوجي سوري حتى نخاعه العظمي ، يعتبر ان الإنتماء السوري انتماء استثنائي و يستوجب مسيرة حياة تليق بهذا الإنتماء . و هو بالتالي مسؤولية ترقي من مستوى حاملها بقدر ما تحتم عليه موجبات لا تترتب على حاملي أي هوية أخرى .

ماذا يعني ان تكون سوريا ؟؟؟… موضوع كان يطرحه معي دائما و يسترسل في شرح معنى الإنتماء لسوريه … سوريه أعظم مصهر للثقافات و الأعراق و الاثنيات و الأديان و اللغات صقلت العربية بألوانها الاخاذة وجذورها المتنوعة ما أولد العروبة الحضارية التي شع نورها و تألق فصارت هي المنارة الجذابة و البوصلة المضمونة التي لا تخطئ السبيل القومي .

ضمن هذا المفهوم كانت قناعة المطران كبوجي بسوريته تحمل دعوة للناس ، كل الناس ، إلى التأمل مليا بهذا المصهر الحضاري العظيم الذي هو نقيض لكل العنصريات و منها العنصريه الصهيونيه بخاصه .

ماذا يعني ان تكون سوريا ؟؟؟… و يجيب المطران كبوجي : سوريه رسالة إلى الإنسانية جمعاء ، لذلك هي مستهدفة من الاستعمار الشرير ، البربري ، المتمثل بالغرب و هو « بربري بطبعه » كما كان يردد دائما و قناعاته في ذلك ظلت تترسخ أكثر فأكثر حتى سلم الروح لعاطيها .

كان مبدأ الإنتماء الوطني-القومي شديد الوضوح عند المطران المقاوم ، فيعبر عنه كالآتي :
ان تكون سوريا يعني ان تحمل فلسطين في عقلك و في قلبك .

هذا ما يفرضه الإنتماء إلى هذه الأرض التي اولدت الحضارات العظيمه ما جعل من هذه الأمة هادية للأمم .

هكذا يكون الإنتماء إلى سوريه بحد ذاته ثقافة . و كان المطران يعيش هذه القناعه بكل جوارحه . لذا أشدد على القول بضرورة ان بتعرف جيل الشباب على سيرة المطران كبوجي لأنها مدرسة بكل معنى الكلمه ، مدرسة في الوطنية كما في الثقافة .

– وأعود إلى نقطة البداية المتعلقة بخرق المطران كبوجي المحظورات المسلكية ولجوئه إلى السلاح في معرض مقاومة الإحتلال الصهيوني لأرض فلسطين . بدأ ذلك مع تأسيس اول خلية مقاومه مسلحه في القدس منذ الايام الأولى للإحتلال . يعني أنه استبق صدور لاهوت التحرير عن الفاتيكان ب 19 سنه اذ لاهوت لاهوت التحرير صدر عام 1986 و جاء فيه أنه في حال تعرض شعب ما للظلم مدة طويلة يصبح من الطبيعي في نهاية المطاف ، و بعد استخدام كل أشكال المقاومه غير العنفيه ، ان يلجأ إلى السلاح شرط عدم تعريض الأبرياء للظلم . يعني ان الفاتيكان أعطى مشروعية ، ولو متأخرة ، لخيار المقاومه المسلحه في حالة الدفاع عن فلسطين و بهدف تحريرها من نير الإحتلال .

و هنا ايضا ادعو جيل الشباب للانتباه بدقة و تمعن إلى الآتي :
– المطران كبوجي لم يقلد أي ظاهرة سابقة من ظواهر المقاومه المسلحه التي شارك فيها كهنة كاثوليك كما في أمريكا اللاتينية و أفريقيا و الذين كانوا على خلاف شديد مع الفاتيكان بل و على عداء شديد معه ، وهم ما درج على تسميتهم أحيانا بالكهنة الحفاة في إطار ما سمي بكنائس الشعوب . هو لم يقلد احد إذا بل إن لاهوت التحرير التقى به . و اما السبب في ذلك فيعود إلى قناعة مطران القدس كبوجي بأن سوريه أمة خصها ألله بما لم يخص به غيرها لا من قبل ولا من بعد اذ أنعم الله عليها ب لاهوت قومي متمثل بالرسالتين السماويتين المسيحية و الإسلام ، وهما بحكم الموروث المتوارث عبر الأجيال مع تنوع حقبات الازمنه تشكلان جزءا لا يتجزأ من جناتنا الثقافيه ، ناهيك عن كون العلاقة وثيقة بين الرسالتين إلى حد يمكن فيه القول ، بل الجزم ، بأنه لا يكتمل اسلام المسلم إلا بمسيحيته ….
– عودوا إلى القرآن تجدون هذه الحقيقه ظاهرة متألقة جذابه … و بذلك يكون المطران كبوجي قد مارس المقاومه من خلال التزامه بلاهوته القومي .

هذا هو المفهوم الصادق للدين ، و ما سواه من طائفيات و مذهبيات حقيره ثبت بما لا يقبل الشك بأنها تجارة طائفيات و مذهبيات قطعت منذ أزمان و أزمان حبل السره الذي كان يربطها بالدين و باتت مشتبكة مع الدين معادية له في الواقع العملي ، و بأت روادها أهل فتن يستخدمهم الإستعمار لتدمير بلادنا و سماسرة بيع عقارات وهمية في الجنه .

و هذا ما يميز كبوجي عن غيره من مرتدي الزي الذي درج على تسميته بالزي الديني …هذا ما يميزه هو … هو الذي استحق سوريته و استحق عروبته الحضارية و استحق مسيحيته فصار خير قدوة لجيلنا وللأجيال التي لم تولد بعد .

من الأجيال الشابه ان تقبل إلى الاطلاع هذه التجربه الانسانيه ، الوطنيه ، الثقافيه ، الدينيه الواجب تعميم نموذجها .

المطران بموجب كما عرفته ؟…
هو طفل كبير ، بعيني نسر مجروح ، يجر أحزانه العميقة عمق جذور ذاك الفرح المهاجر من أرض كنعان .

رقيق يذوب لطفا و تهذيبا و خفة ظل و استعداد بركاني للخدمة و الأغاثه…وقبل كل شيء ، و بعد كل شيء ، هو عاشق سوريه عاشق فلسطين عاشق العروبه … يطيب له ان يطرب ولا يشبع من سائليني يا شام و قرات مجدك في قلبي و في الكتب ولا يشبع من زهرة المدائن و من جسر العوده و كم و كم عشت تدفق دموع العشق الجريح المنهارة من عيني النسر عينيه … خصوصا ، خصوصا و هو يردد شعرا لمحمد يوسف حمود جاء فيه :

ما خطونا خطوة إلا ذكرنا ميسلونا
و سمعنا من فلسطينا نداء اسكندرونا

فاطمئني يا بلادي نحن في يوم التنادي
لن تكوني لسوانا يا شرايين دمانا
سوريانا سوريانا

صفحة الاعلامي جورج جلوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق