من مخطوطات شن المفقودة (المخطوطة السادسة والعشرين) المقامة الصمتية

يقول الراوي:
حين آتخذ شن من قلعة الصمت له موقعا.
وآستغشى ثوب السكوت مرتعا.وراقب ظهر الزمن الذي احدودب.وعشب الأخلاق المقلوب الذي اعشوشب.وضلالة الفكر الضحل الذي جف وآغرورب.فرثا شن بني قومه. وأقسم بأبيه وثنى بأمه.بأن الربيع كاذب.وأن الشتاء عازب.والصيف إلى باب جهنم قارب.والخريف بساح الفناء قائم وناصب.ثم أقسم بوالديه أخرى.بأن قومه استطابوا الهرج بينهم تترى.وآستحلوا السلب والنهب جهرا.وآستباحوا هجاء ذاتهم شعرا ونثرا.وقد يسر امرهم بالعسرى.
ومن موقعه الصامت انتفض شن وآنتصب.وعاد إلى ديوان العرب.فذكر عنترة.ذاك العبد الذي ثار على القيد فجعله إسورة.ثم نشد من أشعار الشنفرى.ذاك الذي صنع النصر من القهقرى.فأعجب بلامية العرب.فحمل على جناحي الطرب.ثم انتقل الى صناجة العرب.وعاد الى الملك الضليل.ومنه الى الغلام القتيل.فالشيخ الجليل.ثم يقفز قفزا الى شعر النابغة.
الذي أوتي من أشعاره نعما سابغة.ثم ملوك الغساسنة والمناذرة.
وحروبهم وأيامهم الغابرة.ومثل ذلك كله وغيره.مما سبق عهده وتقادم دهره.فزاده حيرة في حيرة أمره.فهز جدار الصمت.ولم يخش في ذلك مقت.وآعتلى متن الوقت. ليعمر ما خرب من البيت.ونادى عاليا كما ناديت.أن اتركوا”لو كان”و”يا ليت”.
وآهجروا مظاهر الفساد.وآرفعوا لبيوتنا العماد.ما لكم تقتلون أنفسكم في الشوارع؟ ولم يردعكم إلا ولا ذمة ولا رادع.ولا يحول بينكم دون ذلك مانع.وجلكم بين”الأنا” و”القرش”ضائع.
وخلت من طهارتكم الكنائس والجوامع.وأصبح جمعكم على الشر جامع.فآستقر في قلوبكم حب الفلوس.وتاقت لديكم إلى الشهوات النفوس. وغدت وجوهكم ما بين مقطب وعبوس.
ثم يصرخ شن مستغيثا.ويعلو صوته عاليا وحثيثا.ويقول:آخ آخ.عودوا أحبتي الى التآخي.بالتو حالا وبالتراخي.وآجعلوا عيشنا عيشا كريما.ومجتمعنا مجتعما سليما.وآتبعوا كل ناصح حليم.وآهجروا كل ماكر لئيم.
فتطل عليه طبقة.وعيونها بالدمع مغرورقة.انها دموع الشفقة.وأدركت بأن أزمة العنف إشتدت بها الحلقة.ورأت بني قومها صعودا الى هاوية المشنقة.فآتسعت في عينها الحدقة.وقالت يا شن.ألا قرأت عليهم بعبارتك المطلقة.ذاك الحديث الشريف.(إبتسامتك في وجه أخيك صدقة). فتنحنح شن وأخرج من فيه الملعقة.وطرقها طرقتين في المطرقة.وقال أخرجوا الملاعق من افواهكم من قبل ان تلم بكم المحرقة.

أمين أسعد زيد الكيلاني(شن)
قضاء حيفا-فلسطين
السبت :21/12/2019