الرئيسية
شعارها “أضحكوا تصحوا”..الوسيلة الفعالة لمكافحة القلق والتوتر
أثبت العلمُ أن الضحكَ مُقوٍّ للجهازِ المناعي، ومعالجٌ للأمراضِ النفسية، ومجددٌ للنشاطِ، ومنبِّه لخلايا العقل، ورغم فوائده العظيمة، قلَّما وُجِد مَن يؤمِن بأهميته، ويعمل على إنتاجِه وتطويرِه رغُم شرعيَّته؛ قال تعالى في سورة هود: ﴿ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ ﴾، وقال تعالى في سورة النمل: ﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا﴾.
والنبي صلى الله عليه وسلم، مع علو قدْرِه ومنزلته، وحمله لهم الإسلام وهم أمته، ومع كثرة عبادته كان يداعب أهله، ويمازح أصحابه، ويضحك معهم ويضحك لضحِكِهم، دون إفراط أو تفريط، وكانت دائماً على وجهه ابتسامة، فعن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: (ما رأيتُ أحداً أكثر تبسّما من رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وقد روي عن أبى ذرٍّ الغفاري – رضي الله عنه – أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرنَّ من المعروفِ شيئًا، ولو أن تَلقَى أخاك بوجهٍ حسنٍ)، و(تبسُّمك في وجهِ أخيك صدقةٌ).
ولم تخلُ حضارة من الحضارات من روح الدعابة التي تطورت عند بعض الحضارات لتصبح فنّاً مستقلّاً له أصوله وضوابطه، وبقي في حضارات وثقافات أخرى مجرد شذرات متناثرة في تفاصيل الحياة اليومية والقصص الشعبية، وكشفت الأبحاث الأنثروبولوجيا وجود صور ورسومات جداريّة ساخرة تعود لعصور سحيقة، والفكاهة هي حاجة إنسانية، باعتبارها مصدراً للترويح والتسلية تساعد الإنسان على التنفيس، وإفراغ الشحن العاطفية والمشاعر المكبوتة، وتهيئ له فرصة التخلّص مؤقتاً مما يقاسيه من توتر.
وربما ستضحك إذا سمعت نكتة أو شاهدت عرضاً مسرحياً كوميدياً، ولكن الغريب أن تضحك مع مجموعة تضم مدرباً متخصصاً في العلاج بالضحك، قد يقول البعض يا له من عالم ليس لديه ما يشغله، ولكن هناك ما يدعو إلى الضحك، ولا شئ غير الضحك والضحك، ومن ينادي بذلك هي أول مدربة بالإمارات، متخصصة في يوغا الضحك مروة السنهوري.
مروة السنهوري، شابة سودانية مقيمة في الإمارات، دفعها شغفها حول التأمل إلى تعلم نوع جديد ومبتكر يُساهم في التخفيف من ضغوط الحياة العملية.
“إن كنت تبحث عن طريقة لتغيير حالتك المزاجية وتحسين نفسيتك لمواجهة تحديات وصعوبات الحياة فما لك سوى يوغا الضحك” بهذه الجملة استهلت مروة السنهوري حديثها معنا.
وقالت: ” يوغا الضحك هي ممارسة رياضية تجمع ما بين الحركة الجسدية والتمارين النفسية كالتصفيق والرقص والدعابة، لا تعتمد على الحس الفكاهي أ التنكيت، بل هي فعل تلقائي لإثارة الضحك”.
وفندت ما قد يقوله البعض بأن يا له من عالم ليس لديه ما يشغله، مشيرة إلى أن الضحك يعد الوسيلة الوحيدة للتكيف مع تحديات الحياة، ولاكتساب مهارات تمكن الفرد من العيش بمرح وانسجام كامل مع مفردات الكون.
بدأت رغبة مروة السنهوري الملحة في أن تصبح مدربة تعالج عبر الضحك بعد تحديات واجهتها فما كان من ممارسة التأمل والضحك إلا الترياق الشافي للتصالح مع الضغوط وتفريغ الطاقة السلبية.
التحقت بدورة تعليمية مكثفة على يد مدرب يوجا الضحك الإماراتي ناصر الريامي لتعالج الناس عبر الضحك وتخلصهم من التوتر والقلق، فنالت رخصة أول مدربة معتمدة سودانية لهذا النوع من العلاج الفريد من نوعه.
وتابعت: “من لا يعرف يوجا الضحك فقد ظهرت عام 1995 بالهند على يد الطبيب الهندي د. مادان كتاريا ومن ثم انتقلت الفكرة لممارستها إلى ملايين الناس في أكثر من 100 دولة”.
وأكدت مروة السنهوري أن هذا النوع من اليوغا، لا يحتاج إلى لياقة بدنية أو وزن معين ويمكن لأي شخص أن يمارسه، لذلك شرعت في البداية تطبيق يوغا الضحك، على أفراد أسرتها وأصدقائها، بحكم خبرتها، كما فتحت الباب أمام الجميع لتدريبهم عبر الجلسات التي تنظمها أبوابها للجميع من مختلف الفئات العمرية ولاسيما موظفي المؤسسات والشركات، الذين يعانون من ضغوط يومية متزايدة، ولاقت جلساتها قبولاً جماهيرياً واضح من المنتسبين ولاسيما الشباب.
وأشارت إلى أن تقنيات الاسترخاء عبر الضحك، تعتمد على تدريبات بسيطة ومدروسة تلامس الجسد والروح في آن واحد، وتتألف من تصنيفات عدة وتمارين للتنفس خفيفة وبسيطة يتم أداؤها ضمن التدريبات الأكثر بساطة، ومدروسة وتلامس الجسد والعقل والروح لمرضى التهاب المفاصل.
وعلى الرغم من أن تدريبات الضحك الجماعية مُفتعلة، إلا أنها تتحول إلى موجة من الضحك الحقيقي الذي تعم فائدته كل من الجسد والعقل والروح.
وفيما يخص الفوائد حددتها ممثلة في تحسين الحالة المزاجية للمنتسبين، مما يزيد من شعورهم بالسعادة والسلام النفسي، ويرفع من ثقتهم بأنفسهم، كما أن للضحك تأثيراً فعالاً على القلب والجهاز المناعي وله أثر سحري على الاكتئاب والغضب.
وهكذا تحول الضحك إلى وسيلة للتشافي النفس، ليس ذلك فحسب بل جزمت مروة السنهوري، بأن الضحك يعد علاجاً فعالاً لالتهاب المفاصل مساهماً في تخفيف آلام الروماتيزم عبر تمرينات التنفس العميق والضحك من القلب.
وقالت مروة إن الضحك من العلامات المتعارف عليها دولياً للسعادة، وبالتالي فإنه يقرّب المسافات بين الدول والثقافات المختلفة، لأن السعادة لغة مشتركة بين كل البشر، ويستخدم الضحك نحو 53 عضلة في وجه الإنسان، ما يجعله وسيلة لحرق السعرات الحرارية والتخلص من الدهون.
وبحسب رأيها هناك طرق محددة تجعل الشخص يفتعل الضحك ليحفز نفسه على الضحك الحقيقي، فليس علينا سوى أن نفتعل الضحك لمدة دقيقتين حتى يخرج الضحك الحقيقي منا.
وتتطلع مروة إلى تأسيس نادٍ للضحك في السودان، يوفر خدمات تساعد الناس على الاسترخاء والهدوء، يقف الإشراف فيه على مجموعة من الشباب السودانيين الطامحين إلى تحسين جودة الحياة عبر تكريس مفهوم الصحة النفسية.
ونصحت كل من يود التعرف على هذا النوع من اليوغا، بالقراءة ومشاهدة فيديوهات عبر اليوتيوب، والبدء في تطبيق تمارين الضحك وتقليدها كل يوم في الصباح الباكر لمدة 10 دقائق.
وقالت مروة السنهوري أن لليوجا أنواعاً متنوعة أبرزها “المعاقين” “الوجه”، “الضحك”، “الزوجين، لدعم التواصل النفسي بينهما”، “التنحيف” ، “المطالعة والتعبير” و”الأطفال”.
ونوهت إلى ازدياد شعبية ممارسة تمارين الاسترخاء ” اليوغا ” للأطفال وللمعاقين وأرجعت السبب إلى أن الأطفال والمعاقين ذهنياً أصبحوا أكثر عرضة للإجهاد مثل البالغين تماماً.
وأضافت، أن الأطفال عادة ما يواجهون تحدياً كبيرا، في قدرتهم على التركيز على التنفس لأنهم معتادون على التشتت، فيجدون صعوبة في السيطرة على تنفسهم، ولكن بمجرد إغماض الطفل لعيونه خلال تمارين الاسترخاء، فإن ذلك يساعده على التركيز والانضباط.
وبما أنهم لم يكتسبوا الخبرة الكافية في الحياة التي تمكنهم من التعامل مع الحياة وتحدياتها بمهارة عالية، فإن الضغط والترهيب الاجتماعي في المدرسة والأسرة يرفع حاجة الطفل للحصول على الهدوء الذي يساعده على إدارة الأزمات والمشاكل التي يواجهها.
ومن جانبها أكدت ريماز الجابر”موظفة” أن يوغا الضحك منحتها قيم إيجابية ساهمت في تحرير عقلها من التشوش والتوتر، وأخذها من مشاغل الحياة إلى الهدوء التام والسكون، فأصبحت أكثر تسامحاً وتصالحاً واتزاناً، وشعرت بتحسن عام في حياتها اليومية.