الرئيسيةشعر وشعراء
الثورة الحسناء / جواد يونس
قالوا: تَقودُ الثائرينَ حِسانُ *** يا لَيتَ أنَّ قِفارَنا لُبنانُ!
فأجبتُهم: أنّى سيُعجِبُ حُرَّةً *** أبتِ الهَوانَ مُطبِّلٌ وجَبانُ؟!
=====
لم يَسمعوا شكوى حَصانٍ حُرَّةٍ *** فالقَومُ عَينٌ إن بدا فُستانُ!
لم يُبِصروا دمَعاتِ شَيخٍ عائلٍ *** فالقَومُ أذنٌ إن بذا غَضبانُ!
لم يَسمَعوا … لم يُبصِروا إلّا الذي *** لهَوى النُّذولِ يُزيِّنُ الشَّيطانُ
أوَلم يَرَوا مِليونَ حُرٍّ ثائرٍ *** يهتزُّ، إن زأروا بهِ، المَيدانُ؟!
لم يَرفعوا علَمًا لطائفةٍ، ولا *** حزبٍ، ولا عبثَت بهم ألوانُ
إنَّ الأراذلَ إن تُحكِّمهُم فلا الإنجيلُ يردعهُم ولا القرآنُ
والوَحدةُ المَيدانُ يصنعُها، فلم *** يُرصَصْ، بقَولٍ فارغٍ، بُنيانُ
======
هتفوا: لِيَرحل كلُّ فدمٍ فاسدٍ: *** والنَّغلُ والسَّرّاقُ والخوَّانُ
فالمَوطنُ الغالي لدَيهم كعكةٌ *** والأرضُ مائدةٌ لهُم وخُوانُ
نهبَت عواجيزُ السِّياسةِ خَيرَهُ *** فليسقطِ المتفذلكُ البطرانُ
هم جوَّعوا شعبًا يُطاردُ قوتَهُ *** فتهجَّرَ العلماءُ والشُّبّانُ
والثَّورةُ الحَسناءُ عرَّت قُبحَهم *** فالسُّوءُ بادِ والخَنا عُريانُ
من ذا يُحاسبُ فاسدًا بحكومةٍ *** إن يَسرقِ النُّوابُ والأعيانُ؟!
=====
هي ثَورةُ الأرزِ الذي ما هزَّهُ *** قصفٌ، وصُدَّ بطُهرِهِ العُدوانُ
وتهزُّهُ خَودٌ بإصبعِها لكَي *** يسّاقطَ الطاغوتُ والأعوانُ
فَليَحيَ لبنانُ الذي شهدت على *** حبِّ الكرامِ لأرضهِ الأزمانُ
ما زارهُ قلمٌ أديبٌ حاذقٌ *** إلّا وخطَّ: تباركَ الرَّحمنُ!
ما اجتابَ ريشةَ شاعرٍ إلا وعادَ بلَوحَةٍ ما خطَّها فنّانُ
هو جنَّةٌ أرضيَّةٌ فيها الجَنى *** والنخلُ والأعنابُ والرُّمانُ
هزَّ العُروشَ بوَعيهِ مِن بَعد أن *** هزَّ القلوبَ جمالُهُ الفتّانُ
قد حيَّرتهم ثورةٌ عفويَّةٌ *** من بعدِ تونسَ ضمَّها لُبنانُ
ما ذا عساهم يَنعتونَ شبابَها؟! *** هل هم شيوعيّونَ أم إخوانُ؟!
=====
قالوا: نرى لكَ، في القصيدِ، أجِندةً *** فأجبتُ: إنَّ أجندَتي الإنسانُ
بِـ(جنوبِ إفريقيَّةٍ) سفَكوا دمي *** وبِـ(إيرِلَندا) قادني سَجَّانُ
فَأنا صدى هابيلَ أين وجدتُهُ *** اَللهُ كرَّمهُ فكيفَ يُهانُ؟!
كم من حُقوقٍ لم ينلَها مَن علَت *** صرَخاتُهُ: “يا لَيتني حيَوانُ!”
=====
وطَني الذي مسحَ الفحولُ حُدودَهُ *** ليَصيرَ حَيثُ علا الغُيومَ أذانُ
فالتُّركُ، والأكرادُ، والبُشناقُ، والتاتارُ، والصِّقلابُ لي إخوانُ
من بعدِ أن صِرنا دُوَيلاتٍ عدَت *** فيها على أسيادِها الغِلمانُ
من بعدِ أن صرنا طوائفَ أسرفَت *** في قتلِنا في (بورِما) الكُهّانُ
في (الهرسكِ) اغتصبوا مَحارِمَنا وفي *** (كشميرَ) حامتَ حَولنا الغربانُ
أرضي فلسطينُ العزيزةُ، إنَّما *** كلُّ البلادِ لريشَتي أوطانُ
الشامُ واليَمنُ … العراقُ ومصرُ لي *** وليَ الخليجُ … المغربُ … السُّودانُ
وتظلُّ أجملَها فلسطينُ النَّدى *** ويظلُّ أروعَ أرضِها لُبنانُ
=====
حاشا الفلسطينيَّ أن يَنسى الألى *** نصروهُ حين تنمَّرَ الطُّغيانُ
كم من كُماةٍ خُضِّبَت بدمائِهِم *** أرضُ الجنوبِ: التلُّ والوِديانُ!
كانوا إذا نزلَ العدوُّ بساحهِم *** نفرَ الجميعُ: الغيدُ والفِتيانُ
بَيروتُ شاهدةٌ على أبطالِنا *** لما أغارَ على الرُّبا الذُّبّانُ
و(شْقِيفُ) تشهدُ كيف صُبَّ على الألى *** ظنوا الفدائيَّ استقالَ هَوانُ
واليومَ نوفي للكرامِ عهودَهم *** إن العهودَ، لدى الكرامِ، تُصانُ
======
هذي الجموعُ رسالةٌ عربيَّةٌ *** ما مثلُها للعالَمينَ بَيانُ
قد وقَّعَتها ألفُ ألفِ ضحيَّةٍ *** وقصورُ من نهبوهمُ العُنوانُ
إن فارَ تنّورُ الشغوبِ فليسَ من *** جبلٍ سيعصِمُ من رأى الطوفانُ
والضغطُ حينَ يزيدُ في جبلٍ خبت *** حُمَمٌ بهِ يتفجَّرُ البركانُ
الظهران، 2الثورة الحسناء