اقلام حرةالرئيسية

الشرف في محاكم الجن والعار في وظيفة أمنية

قناة وطن تبرئ الجن من جريمة العشق

كتبت : لينا ابو بكر
مرحبا أيها الوطن ..كيف حالك ؟ يا رب تكون منيح ، رغم الاحتلال واعتقالات التنسيق الأمني و بحبحة الجريمة والعنف الأسري تحت ذرائع المنظومات الثقافية والموروثات الاجتماعية و هيمنة العقلية البطريركية، في ذات الوقت الذي يتم فيه تضييق العمل النضالي بحجة الحد من الإرهاب ، شوف التناقض شوف !
ما الذي يحدث مع المرأة الفلسطينية ؟ ما المطلوب منها تحديدا في ظل حصارين تعسفيبن يتم فرضهما عليها بالقوة : اضطهاد الاحتلال لها بأمومتها و أنوثتها و عفتها و حجابها وصلواتها و دعاءاتها وضفائرها ومراياهاو صندوق الحياة في أحشائها ، وبين اندماجها مع العصر رغم كل العزل التكنولوجي والتفاعلي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الصهيوني و قهر البنت بأحلامها و حقها بالحب ، قهر الأم ببنتها أو قهرها لبنتها باسم السمعة و حكي الناس و فتنة النسوان و ما تفككه الغيرة و ينسفه الكيد في بنية المجتمع النضالي الذي تشكل المقاومة عروته الوثقى !
من يحاصر المرأة العربية بحريتها وشرفها تحديدا : الاحتلال و هيمنة الاستعمار الغربي على المتطلبات الحضارية و الأثمان المطلوبة التي يتم ابتزاز المرأة العربية بها او إرضاخها لها ؟ أم الأنظمة القمعية والدكتاتورية ووساخا تهم وتشويهاتهم ؟ أم المجتمع و الأهل بكل هيمنتهم اللاإنسانية على فكرها و إبداعها وجسدها و روحها ؟
من قتل إسراء ؟ الاحتلال أم القانون والسلطة أم الأهل ، أم هم جميعا اشتركوا في تنفيذ الجريمة بشكل أو بآخر ؟ كما حدث مع خاشقجي الذي لم يقتله القاتل وحده ، بل العالم بأسره حين سخره كل طرف للعبته السياسية ! و كما حدث أيضا مع مي زيادة التي لم يشوهها أهلها فقط إنما من ينتمون إلى النخبة الثقافية حين يقرون بصحة التقارير الطبية عن خلل عقلي لمبدعة عبقرية كانت أيقونة عصرها . المثقف أيضا قاتل هنا !
لقاء المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية السيد أسامة النجار مع هيئة ( وطن ) الإعلامية ، يحمل بعدا تضليليا خطيرا وتواطئا ثقافيا مريضا وخذلانا أمنيا و طبيا و لكلكة قانونية كلها في حد ذاتها تعتبر تحريضا فعليا على ارتكاب المزيد من الجرائم طالما أن المسؤول يرضخ للعقلية الرجعية ويتخذ من التراكم الزمني درعا واقيا للتقهقر الأمني والقانوني !
التواطؤ هو المحرض الرئيسي على تخصيب النوازع الجرائمية في المجتمع وانشطارها عنقوديا مخلفة وراءها دمارا أخلاقيا وإنسانيا يفوق أثر القنبلة النووية التي أدارت جدلا أخلاقيا حول تحقيق النصر ومبرراته و أدواته وتبعاته ، فما الذي تبقى من هذا الجدل ؟
إلى أي مدى يمكن للعالم أن يكتفي بالتجادل حول الجريمة عوضا عن اتخاذ إجراءات حاسمة لا يعتبر الجدل – كالعادة – خلاصا مجانيا منها ؟ !
تعرف شو ضل من الجدل أيها القارئ ؟ بعد كل هذا الشوط الزمني الطويل ؟ لم يبق منه سوى التدليل ! أو ما يمكنك أن تسميه تدليع أدوآت الجريمة وهي الأسماء التي أطلقها الأمريكان على القنبلتين الشهيرتين : ( الولد الصغير والرجل البدين ) ، فهذان الاسمان هما اللذان تصدرا حلقات المجادلة كتعبير بديل ومخفف و رسمي عن الجريمة ، وهذا بحد ذاته تواطؤ لا واع مع المغنطة اللغوية للجدل !
يقول السيد أسامة النجار : هناك علامة استفهام واضحة حول السبب الذي جعل الأهل يأخذون أسراء من المستشفى قبل إجراء العملية التي تم تحديد موعدها و كتبت عنها إسراء في موقعها على الانستغرام باستبشار وتفاؤل ؟
ولكن ، هل تكفي علامة الاستفهام حين تصدر من مسؤول عبر وسائل الإعلام؟ و إن كان المسؤول هو الذي يضع علامات الاستفهام فمن الذي سيجيب عنها إذن ؟ الموتى ؟ أم الضحايا ؟ أم معشر الجان ؟
المسؤول تحدث عن سطوة التخلف وعجز الإجراءات الصحية والأمنية عن ردعه ، و أقر بأن أولياء الأمر هم أصحاب القرار ويأتون في المقام الأول قبل الضحية وقبل الشرطة ، و أكد أن لا أحد يستطيع إلزام الأهل بتغيير قراراتهم حتى لدواع طبية ولا حتى الشرطة نفسها ، فهل هذا يعني أن الأهل حين يتعلق الأمر بالمرأة والطفل وجرائم الشرف يصبحون أكثر قوة من العسكر والمسؤولين والرئيس والاحتلال والأعلام والغضب الشعبي العارم وأقوى من الله والشرع والقانون والرحمة والاعتبارات الإنسانية وحتى الأخلاقية عندما يتعلق الأمر بجريمة نكراء وليس بمجرد قرار عائلي؟
أي مبرر هذا الذي يعطي الأهل الحق بحرمان ابنتهم من العلاج ؟حتى العدو حين ينازل خصمه ليرديه ، يوفر له العلاج أو الدفن الذي يليق بكبرياء المنازلة !
الحرمان من العلأج في ظل الظرف النفسي و الفيزيائي للضحية لا يؤكد فقط على محاولة الأهل لإخفاء جريمة ما ، بل على مضاعفة الجريمة باستبداد و المضي بها قدما حتى الموت طالما أن أحدا لم يعترض ولم يسائل … !
الشك الذي يتحول إلى صمت هو تفكير عاطل وستاتيكيّ ، و الصمت هو رضوخ جبان والتعاطف مجرد مشاعر عاطلة أو خاملة ، تخل بالمتطلبات الإنسانية للمهنة ، وبما أننا نتحدث عن الطب فهذا يعني أن المسؤولية مضاعفة على الأطباء في مثل هذه الحالات التي يجب أن يبرهن الأداء الوظيفي على شرطه الأهم فيها ، ألا و هو حماية المريض !
سألت المذيعة المسؤول تبع الصحة : لماذا لم تبلغ المستشفى الشرطة خاصة أن تقرير الطب النفسي طالب بتوفير بيئة آمنة لعلاج إسراء ؟ وطلبت من المسؤول إنه ما يزعل منها ، لأنها تحس بالقهر ؟
المسؤول اتهمها بمحاولة استجداء اللايكات وأكد أن الصحة لم تقصر أبدا ولم يشدد على أية ضمانات بتغيير الإجراءات أو التحقيق مع الجهات الطبية !
إن كانت الحقيقة و تأمل الحدث والبحث عن مواطن الضعف جديرة باستقطاب المتابعين فحي على اللايكات .. ما العيب في ذلك ؟ ولكن المسؤول مارس ما مارسه زوج أخت إسراء عندما أساء لعقلها و شرفها و عفتها و أنوثتها وسمعتها وسمعة عائلتها وسلالتها ووطنها و أسرتها بخرافات وتلميحات مشينة ، ليؤكد أن جريمة بهذا الحجم وهذا التشويه لا يمكن أن ترتكب إلا لتغطي على جريمة أوسخ منها !
المستشفى كان أهم محرض على المضي بالجريمة ، وبالون اختبار ناجحا لتحويل الجريمة الناقصة إلى جريمة كاملة ، فكل الأدلة الطبية والتسجيلات المتداولة و بوستات إسراء وما تسرب من تسجيلات عن صراخها في المشفى يؤكد أن ضحية أخرى تنتظر ، هي الضحية التي كشفت الحقيقة وليس فقط التي راحت ضحيتها !
التسريب فضح المشفى والتحليلات على مواقع التواصل والإعلام ، وحين لا يستطيع المسؤول محاسبة كل هؤلاء يكتفي بمحاسبة من زود هؤلاء بمادة دسمة لإدانة منظومته الطبية الفاشلة !
أين الممرضة التي سربت التعنيف ؟أين الأم ؟ وين فلسطين ؟ من الذي أغلق على هذه الأرض أبواب الأعراف ؟ وتركها تصرخ خلف الأسوار : هل تسكت مغتصبة ؟
كيف سكتت الأم عن كل ما تعرضت له ابنتها ؟ حتى لو كانت ابنتها غير ملتزمة تماما بالعادات كافتراض مجحف أومتواطئ افتراضيا مع التهم والتلميحات القذرة، فهل سمعة العائلة أهم من روح الابنة وكرامتها و إنسانيتها ؟ هل العادات والتقاليد والأسرة أهم من الله وشريعته ؟
هناك أمهات يحرضن أبناءهن على بناتهن باسم السمعة والشرف ولجم المرأة حين تتمرد ؟ فالبسوس ليست حالة إنما هي ثقافة متأصلة في ذهنية حواء الأم المضطهدة ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، لأن مقاومة الاضطهاد ليست واردة في عقلية ونفسية الأم العربية فإنها تختار أسهل الطرق كضحية : تحويل ابنتها لضحية لها !
من الذي يغتصب الشرف إذن : البنات اللواتي تستهويهن الموضة وقصص ليلى والمجنون و حكايات ألف ليلة وليلة ؟ وينخدعن بالحب دون قصد ؟ أم الرجال الذين يتركون شرف السماء في عهدة الأبالسة. و يتنافخون شرفا على النساء ؟
ممن ينتقم الرجل حين يعاقب المرأة ؟ من خيانته أم من قوته أم من ضعفه ؟ من حريته أم من انحلاله المباح ؟ ينتقم من الحرام أم من حلاله ؟
يقول المسؤول للمذيعة : نتنياهو صلى أمس في الحرم الإبراهيمي وأعلن أنه وقف اسرائيلي ، لماذا تركتم هذه القضية وانشغلت بالضحية ؟!!!!ويلاه !!!!!!
لاحظ تحقير المرأة ومحاولة صرف الأنظار عن القضية العظمى ألا و هي أن نتنياهو تمكن من الصلاة في الحرم ليس لأن العالم انشغل بإسراء إنما لأن القاتل ترك نتنياهو وذبح ضحيته !
لماذا لم يقل المسؤول مثلا : لم يكن نتنياهو ليتجرأ على دخول المسجد لو عرف أن شرف السماء عندنا أهم بكثير من شرف المناديل الحمراء و الخيانات التي نخبئها في أدراج الساسة و عوالمهم السفلية يعني جيوبهم ، و تحرشات الغرباء و التستر على أذى الأقرباءو زنا المحارم صونا للعرض والسمعة ، أليست هذه قوادة وطنية بامتياز ؟
شوف كيف تنعكس الصورة وتتشوه الحقيقة حين يتجرأ نتنياهو على الحرم بسبب إسراء وليس بسبب أهلها ؟ أو قتلتها الطبيين والأمنيين ؟ وشوف كيف يعد المسؤول بنتائج صادمة غير السائد … والمتداول على مواقع التواصل ، هل بعد كل هذا يمكنك أن تأتمن هؤلاء على أي تحقيق طالما أنك لم تأتمنهم أصلا على الضحية التي شاركوا بقتلها أو تواطؤوا عليه ، والتواطؤ أشد من القتل تماما كالفتنة لأنها أول شرارة موت في هذه الجريمة !
لماذا تقدر السلطة على الأهل حين يتعلق الأمر بهيبة الرئيس و لا تقدر عليهم حين يتعلق الأمر بهيبة السماء و قهر النساء ؟
هل الرئيس أهم من الله ؟
هل الفريق الطبي أهم من الحقيقة ؟
هل القوى الأمنية أضعف و أجبن من التخلف ؟
الأهل والأنسباء والنظام الذي يعزز من سيطرة الجهل والاضطهاد الاجتماعي بتوفير كل التسهيلات اللازمة لإتمام الجريمة بسلاح أو بدون سلاح ، ثم التمويه والتضليل عليها ، كله يثبت أن المجتمع حين ينحدر إلى هذا المستوى اللاأخلاقي واللاإنساني فإنه لا يمكن أن ينجح ببناء قاعدة نضالية فاعلة على بنية اجتماعية هشة تعيق و تخلخل مسيرته بين حين وآخر.
الخيانات العربية والعالمية سبب في الاحتلال ولكن يجب أن نعترف وبشجاعة مطلقة أن الجهل والتخلف و ترك القضايا الكبيرة للانشغال بجرائم مجانية هو تحديدا ما يبرئ الجن من تهمة العشق ، ويبرئ الحرم الإبراهيمي من دم الحقيقة ، ويطرح السؤال الأكبر و الأهم : من يغتصب فلسطين : سلطة تنسق مع جريمتين : النضال والشرف ، أم الأهل الذين يقدمون بناتهم دائما قرابين للفحولة ؟
ما الفرق بين إسراء وإلهان عمر الذي يحاول الترامبيون تشويه سمعتها أمام الرأي العالمي ؟ هل الرذيلة تصبح حرية في الغرب إلا حين يتعلق الأمر بالسياسة ، ترى الرذيلة أداة رخيصةو سهلة جدا للحث على الفضيلة ! ما الفرق إذن بين ترامب ومسؤول الصحة الفلسطيني ؟
ما المطلوب ؟ هل فعلا يحتاج القانون إلى الوقوف بوجه الزمن ؟ هل الزمن أقوى من الحق ؟ هل الحق غير كاف لتقبل الخطأ طالما أن الخطيئة ليست حكرا على النساء ؟
أمام المجتمع خياران إذن بما يخص جرائم الشرف بشكل عام في الوطن العربي : فإما أن يتساوى الذكر والأنثى بالعقاب حسب شريعة السماء
أو يتساوى الطرفان بالخطيئة ! ولن أكتفي !
#إسراء_غريب

لينا أبو بكر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق