الرئيسيةمقالات

لا تعتاد الصراخ أبدا فمن يفهمك يسمع صمتك جيدا”(أ.د.حنا عيسى)

التاريخ منجم زاخر بالحكمة التي قد تجد فيها المفاتيح الذهبية لمشاكل حاضرنا

 تسعون في المائة من السياسيين يعطون للعشرة الباقية منهم السمعة السيئة
فن الحكم يقتضي ألا تدع الرجال يهرمون في مواقعهم “

الدبلوماسيون ينفعون في الجو الصحو ، لكن بمجرد ان تمطر السماء فإنهم يغرقون في كل قطرة “
ان الدبلوماسية هي الفن الذي يجعلك تقول لكب شرس يا لك من كلب لطيف حتى تجد فرصة لالتقاط قطعة من الحجر

كانت الدولة في العهود الماضية للحكم المطلق تعتبر ملكاً خاصاً للملك الحاكم, كان الملوك والامراء ينفردون بتصريف شؤونها الهامة وبالاخص شؤون السياسة الخارجية ويجمعون في اياديهم كل ما يتصل بالسلم والحرب. وكان الملك في مملكته والامير في امارته هو السلطة العليا ذات السيادة اسمياً وفعلياً, وبهذا كانت السياسة والدبلوماسية ممتزجتين امتزاجاً كلياً, وكانت المفاوضات في مختلف الشؤون الخارجية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باشخاص الحكام. وكانت العلاقات الشخصية بين هؤلاء الحكام وصلات القرابة التي تربط الاسر الحاكمة في مختلف الدول تهيء في الظروف الدقيقة فرصاً للتحدث في كثير من المسائل الحساسة التي كانت الحكومات تحجم عن التعرض لها في المراسلات او المحادثات الرسمية.

وباتساع نطاق العلاقات بين الدول وزيادة المشاكل السياسية والاقتصادية التي اصبح يتعين عليها مواجهتها وحلها, وما اقتضاه ذلك من انشاء ادارات خاصة للشؤون الخارجية, انتقل تصريف هذه الشؤون من بلاط الملوك الى ديوان مجلس الوزراء. وكان لهذا التغيير في مركز السلطة اثره بطبيعة الحال في تغيير الاساليب الدبلوماسية, وبالأخص عندما بدأ الرأي العام يتطلع الى مجريات السياسة الخارجية ويهتم بها, حيث اصبح لا يمكن اغفال حكمه عند رسم خطوط هذه السياسة وتقرير وسائل تنفيذها.

وادى قيام النظم الديمقراطية الى مساهمة الرأي العام فعلاً في السياسة الخارجية واشرافه عليها. واهم مظاهر هذا الاشراف تلك السلطة المخولة للهيئات النيابية للنظر في المعاهدات والاتفاقات وضرورة موافقتها عليها قبل ان تلتزم بها الدولة نهائياً. ولهذا الاشراف ولا شك مزاياه من حيث انه يلقي الاضواء على اهم نواحي النشاط الدبلوماسي ويقطع الطريق على الدبلوماسية السرية التي قد تدبر بواستطها امور تتعارض مع المصالح الحقيقية للبلاد او تهدد السلم الدولي. انما اذا كان لاشراف الهيئات النيابية على مجريات الشؤون الخارجية بالوضع  المتقدم الميزة التي ذكرناها, فهل مؤدي هذا ان مساهمة عامة الشعب الذين تمثلهم هذه الهيئات في تلك الشؤون عن طريق ابداء وجهة نظرهم او لاستطلاع رأيهم فيها من الامور المفيدة او المرغوب فيها؟ يرى بعض امثال “كاننج” ان الرأي العام اصبح شيئاً لا يمكن اغفاله وانه ينبغي دفعه الى الامام والاستفادة منه. لكن الكثير من الدبلوماسيين وعلى رأسهم “ميترنيخ” يرون في مساهمة الجمهور في الاحاطة بالسياسة الخارجية وفي ان يكون له رأي فيها خطورة كبرى, لانه يندر ان يستطيع عامة الشعب تبين المصلحة الحقيقية للبلاد ازاء موقف او حالة معينة, فهم يجهلون مدى ارتباط هذه المصلحة بظروف واعتبارات تخرج غالباً عن نطاق تقديرهم, كما انهم كثيراً ما يندفعون في اتجاه ما تحت تأثيرات عاطفية ويسيرون طوعاً وراء توجيهات مضللة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق