مقالات

حركة استيطانية تزيف تحرشات جنسية باليهوديات لتجريم مسافرين فلسطينين

imageحركة استيطانية تزيف تحرشات جنسية باليهوديات لتجريم مسافرين فلسطينيين

2016

الناصرة – «القدس العربي»: يكشف تحقيق إسرائيلي زيف مزاعم المستوطنين بأن الفلسطينيين يتحرشون جنسيا باليهوديات على متن حافلات مشتركة تقل الطرفين من وسط إسرائيل إلى الضفة الغربية. ويعتمد التحقيق الذي أعدته صحيفة «هآرتس» على مواد خام كان قد صورها عملاء للتنظيم اليهودي المتطرف «حتى هنا . «ووصل إلى صحيفة «هآرتس» أن مؤسس الجمعية «حتى هنا» التي تقوم بتفعيل عملاء لها داخل تنظيمات حقوق الانسان أرسل نشطاء متخفين من جمعيته إلى الحافلات التي يسافر فيها اليهود والفلسطينيون في الضفة المحتلة كي يحثوا المسافرين الفلسطينيين على إبداء ملاحظات حول مظهر المسافرات اليهوديات. وقاموا بتصوير ذلك بكاميرات خفية، ومن ثم أجروا عملية مونتاج للمواد وعرضوها على انها «ظاهرة تحرش جنسي» من جانب الفلسطينيين، بهدف دفع عملية الفصل بين الفلسطينيين واليهود في الحافلات.
ويتبين من المواد التي وصلت إلى الصحيفة ان رئيس الجمعية المذكورة أرسل ناشطين، رجلأ وامرأة، إلى إحدى الحافلات المشتركة، وزودهما بأجهزة تصوير وتسجيل. وتنكر الرجل كعامل فلسطيني وكان الهدف «إجراء لقاءات مع الفلسطينيين المسافرين إلى الضفة، وإدخال المرأة، كمسافرة يهودية وحيدة إلى الحافلة، وتوثيق المعاملة التي ستحظى بها خلال السفر، وتوثيق الأجواء العامة في الحافلات. «وعندما مرت الرحلة بدون أي أحداث خاصة، بادر عميل الجمعية الذي تنكر كعامل فلسطيني إلى حث أحد العمال الفلسطينيين على التحدث عن الناشطة المتنكرة، بشكل جنسي. وتم لاحقا عرض الشريط وكأنه تم التقاطه صدفة لعملية تحرش جنسي ضد مسافرة يهودية، وتم نشره بهدف الضغط على صناع القرار. وكان مشروع الجمعية قصير الأجل، لأن وزير الأمن موشيه يعلون قرر في نهاية 2014، الفصل بين المسافرين وإجبار العمال الفلسطينيين على العودة إلى الضفة عبر معبر «أيال» بعيدا عن الحافلات التي يسافر على متنها المستوطنون. وفي مايو/ ايار 2015 أمر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتجميد قرار يعلون.
وفي سبتمبر/ ايلول 2014 أعدت الجمعية خطة العمل لإخراج الفلسطينيين من حافلات المستوطنين، وكتب في الخطة أن «الهدف هو وقف إغراق الحافلات الإسرائيلية المسافرة من وسط البلاد إلى الضفة بالفلسطينيين ووقف الظواهر المرافقة لذلك» . وأوضح أن «المهمة هي توثيق التحرش الجنسي والمعاناة التي يتعرض لها المسافرون اليهود في الحافلات وعرض استهتار الفلسطينيين باليهود المسافرين في الحافلات (عرض التهديد والضرر)».
وبعد تصوير الشريط في الحافلة وإخضاعه للمونتاج سرب إلى القناة الثانية والجهاز الأمني عبر مجلس المستوطنات. وتم عرض الشريط كأنه يظهر عملية تحرش جنسي تعكس ما يحدث في الحافلات بشكل دائم. ويظهر الفلسطيني وهو يقول «لصديقه» (العميل المتنكر) عن اليهودية (العميلة المتنكرة يوليا طرطونبا) بأنها زانية، وأنه كان سيضاجعها، ولو كانا لوحدهما في الحافلة لأخذها إلى مؤخرة الحافلة ليقوم بذلك.
ويظهر من المواد الخام ان وجود طرطونبا لوحدها على متن الحافلة مع العمال الفلسطينيين لم يؤد لأي عملية تحرش جنسي. وفي أعقاب ذلك بدأ العميل الآخر المتنكر كعامل، الذي يتحدث العربية، بالإشارة اليها وحث الفلسطينيين على الحديث عنها، على أمل ان يسمع منهم تعابير جنسية. وحسب المواد الخام فقد قال العميل المتنكر لأحد العمال: «ما رأيك بالفتيات هنا؟» فيرد العامل: « الحافلة فارغة اليوم، ولكن بشكل عام توجد الكثير من البنات الجميلات هنا، الحمد لله». ورغم محاولات حث العامل على إبداء ملاحظات جنسية إلا أن العامل لم يتعاون مع العميل المتنكر، لكن الأخير واصل الضغط على العامل كي يتحدث، وطلب رأيه بطرطونبا، قائلا: «انظر إلى هذه الجميلة»، وعندها قال العامل: «يا الله، انظر كيف تمشط شعرها الناعم، زانية، كنت سآخذها إلى مؤخرة الباص وأضاجعها. ليتنا كنا هنا لوحدنا. انتظر لحظة أريد تصويرها، تحرك، تحرك للحظة. «ويقول له المتنكر: ماذا ستفعل بالصورة، فيرد العامل: سأنشرها على الفيسبوك ومن ثم سأعثر عليها. ويسأله المتنكر: كيف ستعثر عليها؟ فيجيب: الله يعلم، توجد الكثير من الإمكانيات في الإنترنت. قم من جانبي ودعها تجلس هنا».
في التقرير الذي بثته في القناة الثانية تظهر طرطونبا وهي واقفة في الحافلة ويسمع تسجيل هذه المحادثة وكأنهما يتحدثان عنها. لكن فحص المواد الخام، يبين انه تم تركيب الصوت على شريط الفيديو، لأنه في المواد الخام تظهر طرطونبا دون ان يسمع أي صوت في الخلفية باستثناء ضجيج محرك الحافلة. ولم يشر تقرير القناة الثانية في أي مرحلة إلى إجراء عملية مونتاج للشريط.
يشار إلى ان قادة المستوطنين يستخدمون الادعاء بحدوث عمليات تحرش على متن الحافلات من أجل دفع عملية الفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين. وعلى سبيل المثال عقد النائب موطي يوغيف (البيت اليهودي) اجتماعا للجنة الفرعية للجنة الخارجية والأمن لشؤون الضفة، لمناقشة موضوع «التحرش الجنسي» . وادعى يغئال لاهب، رئيس مجلس مستوطنة « كرني شومرون « خلال الجلسة، أن «العمال يصعدون خصيصا إلى الحافلات لأنها توفر لهم متعة السفر مع الفتيات اليهوديات». وقال ساغي كايزلر، المدير العام للجنة مستوطني السامرة للقناة العاشرة، إن «عمليات التحرش الجنسي تحدث. وصلت الينا عشرات الإفادات». لكن الشرطة في المقابل قالت إنها تلقت شكوى واحدة كهذه. ويستدل من تحقيق أجراه برنامج «المصدر» في القناة العاشرة أن مراسله سافر طوال يومين على هذه الباصات ولم يعثر على أي دليل على عمل شاذ.
وديع عواودة

مقالات ذات صلة

إغلاق