الرئيسية
حسنين: المصالحة لا تخضع لطرف سياسي بل هي ضرورة وطنية ملحة
دعوة لضغط شعبي لإنجاز المصالحة وفقاً للشراكة الوطنية وبعيداً عن الجولات الثنائية
نظم مركز عروبة للدراسات والأبحاث صباح اليوم السبت في مقره بمدينة غزة ورشة عمل بعنوان (المصالحة وتحديات المرحلة) استضاف فيها كل من الأستاذ الدكتور خالد صافي الباحث والأكاديمي والمحاضر في الجامعة، وعضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي الأستاذ خالد البطش، وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مسئول فرعها في غزة الرفيق جميل مزهر، وبحضور واسع من ممثلي القوى الوطنية والإسلامية والمثقفين والباحثين والأكاديميين والإعلاميين.
حسنين: المصالحة لا تخضع لطرف سياسي بل هي ضرورة وطنية ملحة
ورحب الدكتور رائد حسنين مدير المركز بالحضور، مستعرضاً جوانب الأزمة الوطنية وفي مقدمتها المصالحة الوطنية والعثرات التي تواجهها رغم جلسات الحوار، وعشرات الاتفاقيات الوطنية والثنائية لإنجازها والتي باءت جميعها بالفشل، وصولاً لجولة الحوار الأخيرة والتي فشلت ايضاً.
وأشار حسنين بأن المصالحة لم تعد خاضعة لطرف سياسي، بل هي ضرورة وطنية ملحة في مرحلة خطيرة تستهدف تصفية قضيتنا الوطنية.
وتساءل: “هل سيبقى شعبنا رهينة لهذا الانقسام في ظل تهويد القدس والتغول الاستيطاني، واستهداف حق العودة، وفرض قانون القومية العنصري، واستمرار الحصار وهدم قرية الخان الأحمر، ومحاولات تمرير ما يُسمى صفقة القرن، وهل تستخدم المصالحة للمناورة لتنفيذ مكاسب شخصية وحزبية بعيداً عن المشروع الوطني؟”.
صافي: المصالحة ليست قراراً استراتيجياً بل هي مناورة لتحقيق مكاسب حزبية
من جانبه، أكد الدكتور خالد صافي في مداخلته أن الواقع الفلسطيني يتجاوز كل نظريات السياسة، لأن القرار الفلسطيني لا ينطلق من نظرية صناعة القرار بل هناك مؤثرات ومحددات فلسطينية وعربية وإقليمية تمنع صانع القرار من أن يكون فعلاً يُطبق عليه صناعة القرار، كما أن العقلية الفلسطينية لا تسير وفق عقلية مؤسساتية تنطلق من المصالح العامة.
وأضاف الدكتور صافي بأن ما تحكم العلاقات الوطنية ردود، وردود فعل تأخذ أحياناً منحى قبلي وأحياناً شخصي، وليس لها صلة بالنظريات السياسية ولا بعلم السياسة ولا بالمؤسسات السياسية ولا بالمصلحة العامة.
وأكد بأن المصالحة عند أطراف الانقسام ليست قراراً استراتيجياً بل هي مناورة حزبية يسعى كل طرف لتحقيق مكاسب فئوية وشخصية منها، أو الاستفادة من مؤثرات عربية وإقليمية في محاولة التحاق الهزيمة أو النصر للآخر.
ودعا صافي لممارسة ضغوط شعبية وفصائلية من أجل إنجاز المصالحة، وبلورة رؤية وطنية توافقية وصولاً لتحقيقها.
وشدد صافي على ضرورة أن تسبق الشرعية الثورية، الشرعية الانتخابية، الأمر الذي يستوجب ابتداع نظام سياسي أو رؤية سياسية تجمع بين الشرعيتين.
وقال صافي “بأننا في حالة تحرر وطني ولسنا في دولة، ويجب أن نتوحد على برنامج الحد الأدنى، وعدم إقصاء أحد للآخر، فنحن بحاجة إلى الكل الفلسطيني والعقل الجمعي، وأن تجمع الحركة الوطنية بين الفعل المقاوم والبعد السياسي واللتين تعتبران أدوات للرؤية الاستراتيجية الموحدة القائمة على التحرر، ونعرف من خلالها متى نفاوض ومتى نقاوم، من خلال مشاركة حقيقية في برنامج سياسي وحالة تكامل بين تيار المقاومة والتيار السياسي، وليس بعقلية المحاصصة”.
وتساءل صافي: “لماذا نذهب لجولات الحوار ما دمنا نتعامل معها كإدارة للانقسام أو علاقات عامة؟، يجب أن نكون صريحين أمام شعبنا”، مطالباً إما بعقد انتخابات تؤدي إلى مصالحة وشراكة وليس محاصصة ومشاركة الكل فيها وفق برنامج سياسي متوافق عليه، أو بضغط شعبي لإيصال صوت قوي، فقد آن الأوان لإعادة القرار للشارع.
واستدرك صافي قائلاً” الوضع خطير فقد وصل لأزمات داخلية ومهددات خارجية تتطلب مسئولية جماعية لمواجهتها، أما إعادة الفشل سيؤدي إلى الهروب إلى الأمام وهو ليس في صالح شعبنا”.
البطش: تعدد جولات الحوار لم يعد لها طعماً والحل بدعوة فتح لغزة لمعالجة كل القضايا
من جهته، استهل الأستاذ خالد البطش مداخلته بالتساؤل عن أسباب استمرار هذا العجز في انجاز المصالحة، وإلى متى سيبقى شعبنا رهينة لعقلية لا تقبل الشراكة وتؤمن بالإقصاء.
وأضاف البطش بأن مرحلة التحرر الوطني تحتاج إلى أدوات مختلفة، وإدراك المخاطر والتحديات التي تواجه القضية من صفقة القرن وتسارع وتيرة التطبيع مع الاحتلال، والمشاريع المشبوهة التي تستهدفنا وتستهدف أمتنا العربية كمشروع قناة البحرين وقطار السلام، وسعي الإدارة الأمريكية وحلفائها إلى إصدار قرارات أممية لاعتبار المقاومة ارهاب، مشيراً أننا دخلنا مرحلة كسر عظم مع المجتمع الدولي وبحاجة لوحدة.
وقال البطش” إذا لم نشكّل قاعدة ارتكاز وصمود لأهلنا في الداخل المحتل عام 1948 في مواجهة قانون القومية العنصرية كيف سيصمدوا؟، لدى شعبنا خيارات كثيرة أهمها الوحدة فهي المخرج الوحيد الذي من خلاله نستعيد حقوقنا ونحرر وطننا ونواجه كل التحديات والمخاطر التي تعترضنا”.
وأشار البطش بأن تعدد جولات الحوار والمصالحة لم يعد لها طعماً، وأن الحل بدعوة السيد الرئيس وحركة فتح لإرسال وفد مقرر من اللجنة المركزية لغزة للبدء بالمشاورات لتطبيق اتفاق المصالحة 2011 باعتباره المرجعية وفقاً للشراكة والوصول لحل شامل لمعالجة مسألة التحرر الوطني وبناء المنظمة على أسس جديدة، وأن يكون الجميع شركاء في القرار.
واستدرك البطش قائلاً: ” للأسف بعض القيادات تتهرب من اتفاق 2011 وتتمسك باتفاق أكتوبر 2017، فاتفاق 2011 هو إطار وطني عام يضمن الشراكة في معالجة كل المسائل الحكومة والأمن والمصالحة المجتمعية والانتخابات وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، أما اتفاق 2017 فهو مجرد اتفاق ثنائي يتضمن آليات لتنفيذ اتفاق 2011″.
وشدد البطش على ضرورة الحفاظ على مسيرات العودة لأنها تعطي بارقة أمل في توحيد شعبنا وتعزيز طريق المصالحة، باعتبار أن الكل الوطني مشارك فيها وعليها إجماع الوطني، داعياً لنقل تجربتها إلى الضفة لأن المعركة الأساسية هناك.
وحذر البطش من خطورة استمرار المصالحة لأن البديل عنها هو احتمال شن الاحتلال عدوان واسع على القطاع سيفتح الطريق أمام تعزيز مشاريع التطبيع بشكل أوسع، مشيراً أن اتفاقية أوسلو وممارسات السلطة هي التي شكّلت مظلة سياسية لهذا التطبيع.
كما أعرب البطش عن خشيته من استغلال هذا التطبيع لتشكيل أحلاف عربية إسرائيلية، ما يستدعي مواجهة التطبيع والتشبث بالمقاومة والتمسك بالثوابت، والسعي نحو انجاز المصالحة، داعياً لعدم السماح بتجاوزها.
كما طالب بالخروج من اتفاق أوسلو، ورفع العقوبات المفروضة على القطاع، متسائلاً عن استمرار هذه العقوبات والتهديد لغزة، مشيراً أنه من غير المعقول أن يحاصر شعب من الاحتلال ومن ثم يعزز هذا الحصار من خلال عقاب السلطة واجراءاتها.
مزهر: الحديث عن المصالحة أصبح مملاً، وندعو لحراك شعبي في كل الساحات لانهاء الانقسام
من جهته، أكد الرفيق جميل مزهر أن الحديث عن المصالحة وجولات الحوار أصبح مملاً، وأن الجولة الأخيرة فشلت فشلاً ذريعاً، وأنه لا يوجد حتى الآن نوايا صادقة وجادة لطي صفحة الانقسام.
واعتبر مزهر في مداخلته أن استمرار الانقسام مصلحة إسرائيلية وربح صافي له يستغله لمواصلة سياساته العدوانية لابتلاع الأرض وفرض الوقائع على الأرض في الضفة وخلق مسارات تحالفات بالمنطقة العربية، مستعرضاً العديد من المخاطر والمشاريع المشبوهة التي تستهدف قضيتنا وعلى رأسها مخطط لقيام دولة فلسطينية في قطاع غزة وشمال سيناء وتفكيك السلطة بالضفة وتحويلها لإمارات صغيرة، ومشاريع أخرى تسعى لإعادة انتاج مشاريع استخدمها الاحتلال سابقاً وانتصر شعبنا عليها مثل روابط القرى.
واستدرك مزهر قائلاً: ” نحن أمام أوضاع خطيرة والعرب أصبحوا غير مهتمين بالقضية الفلسطينية التي لم تعد موضوع أساسي ورئيسي عندهم، وفي ظل تسارع وتيرة التطبيع والتحالفات العلنية من بعض الأنظمة العربية مع الكيان، ومحاولة استحضار الخطر الإيراني كفزاعة لخلق تحالفات علنية مع هذا الاحتلال”.
وتساءل مزهر أي حديث عن دولة ونحن ما زلنا تحت الاحتلال وفي مرحلة تحرر وطني، والتي تستوجب اعتبار التناقض الرئيسي مع هذا الاحتلال وليس التناقض الداخلي، والانطلاق إلى صوغ استراتيجية وطنية لمواجهة هذا الاحتلال.
واستغرب مزهر منطق التهديد والوعيد لشعبنا والذي يحكم مواقف بعض الساسة الفلسطينيين، مشيراً أن استمرار الحوارات الثنائية مضيعة للوقت ولا يمكن لأن تصل إلى مصالحة حقيقية، وأن البديل عن ذلك هو الحوار الوطني الشامل والذي يعتبر الضمانة الحقيقية لإنجاح المصالحة.
وشدد مزهر بأن الجبهة وغيرها من القوى لن تستمر طويلاً بهذا الشكل في ظل ما يجري من لقاءات وحوارات فاشلة، ولن تكون شاهد زور في ظل استمرار هذه الحالة في ظل أن تداعيات هذا الانقسام الكارثية تطحن بشعبنا ومستقبل أطفالنا، داعياً لتحرك وطني شعبي في كل الساحات أمام المقاطعة وغزة وفي دمشق وبيروت وأوروبا، للضغط من اجل إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة لأنه مطلب وطني.
كما دعا مزهر لضرورة مواجهة جماعات المصالحة التي تتغذى على استمرار الانقسام وهي المعنية باستمراره وبديمومته، مطالباً في الوقت ذاته إلى وقف التدخلات الخارجية بالشأن الوطني والجلوس على طاولة فلسطينية وامتلاك الإرادة الحقيقية حتى انجاز المصالحة ومعالجة كل القضايا العالقة.
وأكد مزهر بأن مفتاح الحل بيد الرئيس أبومازن والذي يجب أن يدعو لعقد اجتماع الإطار القيادي المؤقت للمنظمة أو لجنة تفعيل المنظمة أو دعوة الأمناء العامين ويضع كل القضايا الأساسية على طاولة هذا الحوار الشامل في إطار تنفيذ الاتفاقيات من خلال الرزمة الشاملة أو من خلال التوازي أو التتابع، ولكن وفق أجندة محددة.
وحول الانتخابات، أكد مزهر أن الجميع مع الانتخابات لأنها حق للمواطن، إلا أن إجرائها دون توفير المناخات المناسبة لها وصفة جديدة للانقسام والاقتتال، داعياً لتشكيل حكومة وحدة وطنية والتي يقع على عاتقها تنفيذ مهامها التي أكد عليها اتفاق 2011، وفي مقدمتها التحضير خلال 6 شهور للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، وتوحيد المؤسسات الفلسطينية.
وأكد مزهر على ضرورة مواجهة صفقة القرن والمشاريع الصهيونية المشبوهة، داعياً لتوفير مقومات الصمود لشعبنا وإنهاء العقوبات المفروضة على القطاع، متسائلاً : كيف نصدق أن هناك جدية في مواجهة صفقة القرن والمشاريع المشبوهة في ظل استمرار العقوبات والتهديد والوعيد بقطع رواتب الناس والمساهمة في تشديد الحصار عن أبناء شعبنا في القطاع؟.
وشدد مزهر أن ما يريده شعبنا والحركة الوطنية هو تخلي حركة حماس عن حكمها الانفرادي في غزة، وتخلي السلطة عن سياسة الهيمنة والتفرد في الضفة باتجاه بناء شراكة وطنية، وإعادة إصلاح وبناء منظمة التحرير والتي تحوّلت إلى مجرد هياكل غير مقررة، وهيئة استشارية، وفي ظل تغول السلطة واختطافها لصلاحيات المنظمة.
وأكد مزهر في ختام مداخلته، على ضرورة أن يقول الشعب كلمته فهو المصدر الأساسي للشرعيات، مشيراً أن الجبهة ومعها بعض القوى ستنظم يوم الثامن من ديسمبر الجاري مسيرات شعبية متزامنة تحت عنوان إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة وإنهاء العقوبات المفروضة على القطاع ومواجهة صفقة القرن، كما وستنظم في ذكرى انطلاقتها في 12/11/ 2018 مسيرات شعبية راجلة ضاغطة وتحمل عناوين سياسية ومطلبية.
وقد ترُك المجال للمداخلات والاستفسارات والنقاش من قبل الحضور، حيث تباينت المواقف حول القضايا المطروحة في ورشة العمل، حيث طالب البعض بضرورة تسمية الأمور بمسمياتها ومصارحة شعبنا عن المعطّل للمصالحة، والدعوة لخطوات وطنية تواجه حالة الانهيار في مشروعنا الوطني، كما أكد أحد الحضور على أهمية رؤية الجبهة والجهاد من المصالحة كإطار للتحرك الشعبي الواضح للضغط من أجل إنهاء الانقسام.
—