اقلام حرة

إعلام «قوس قزح» بين جوارب المذيع وساعة الوزير… سيف الإسلام في مدينة الخطيئة… وتقديس المرأة في الأغنية فقط

لينا أبو بكر

لأن سيف الإسلام القذافي، هو لاعب الشطرنج الأخير، الذي يطيح بالملك ليتوج الوزير، المفلس قبل الفقير، بعيدا عن ممالك الضوء، في هذا الزمن الكاميراتي، فإنني أرفع له كوفيتي «شماغي» ورأس أبيه، عله لا يقع في فخاخ الهواتف المحمولة، كما حدث مع ساموراي «تورا بورا» و«أتيلا» الليبي، الذي يملك سيف آلهة الحرب الفضائية في أوروبا، خاصة أن رياضة المكالمة الأخيرة، أصبحت تثير الاشمئزاز من اليد الخامسة «الموبايل»، التي لم تعد تنبت على أشجار الغابة، بل تخرج كنبت شيطاني من فم الطريدة!
التماسيح الإعلامية، لا تصاب بأرق استخباراتي عادة، بل تتمتع بنوم خفيف، يحرمها نعمة رؤية الأحلام خلال إغفاءاتها الناعمة، بحيث يبقى نشاطها الدماغي مقتصرا على غفلة العين «الكاميرا» أو تسبيلة أهداب الجمل، الثقيلة، ولذلك، يصبح أي خبر عن سيف الإسلام، أشبه بالأثر الذي يتركه العنكبوت في صندوق حوائه السري، كجهاز إنذار، يقيها من تحرشات عناكب آدم … ولكن إلى حين، لأن اللحظة الإعلامية الحاسمة، لا تحين إلا لما يقررها من يملك مفتاح خزينة الأسرار في «العزيزية»… فلا تتأخر يا سيف الإسلام، لأن تأجيل الموت لا يعني أبدا، أننا حَيَواتيو الأبد، وأن المساومة على الخطر، لا يمكن أن توفر للمحاربين العظماء الخلود، أو الأمان، في زمن تصبح البطولة الوحيدة فيه لمن يفشي السر أولا، وهذه قرصنة إعلامية شجاعة، لا تليق سوى بمن يعرف قيمة السر، لا بمن يتاجر به!
الحمى الإعلامية التي استعرت في الغرب حول قضايا الرشاوى ونفقات الحملات الانتخابية، لم تستعر مروحة النار من صحوة موت، بل من هوس تجاري، يتغذى على الفضيحة، في فضاء آثم، لا يهمه كشف الحقيقة بقدر ما يستبد به نهم شرير يخضع لاعتبارات احتكارية، بين البايع والشاري، ويصبح التاريخ منتوجا فضائيا، لا يخص أصحابه، ولا ضحاياه، ولا شهوده، ولا حتى أبطاله، إنما يخص سدنة سوق المتعة الفضائية، أيقظوا الموتى إذن، ولكن دون أن تأخذوا قيلولة محارب في مدينة الملاهي!

إعلام رخيص

ربما ليس غريبا، أن يحتفي الغرب، بأغنية على طراز: «الرب إمرأة»، لأريانا غراندي، فالغرب يحب الحرية، ويحب أن يتجاوز التابوهات، ويحب أن يتفوق على الطبيعة ويتجاوز الملكوت واللاهوت، والإنسانية، باسم الحرية، فإن كنت متمردا على الذات الإلهية، والمحرمات، فأنت حر وبطل ومناضل برتبة أسطورية، ويحق لك بناء عليه، أن تعترض على ظهور فتاة محجبة بمنشور دعائي لشركة اسرائيلية، ليس لأنك ضد التطبيع فهذا ممنوع، ولكن لأنك متحضر بما يكفي، لتعطي لنفسك الحق باعتبار الحجاب اضطهادا دينيا!
المشكلة مش هون، فكون الرب إمرأة، عملا إبداعيا، يعني أنه يحتمل رمزية الدلالة، أكثر من أنه يحمل بعدا عقائديا، فالفيديو وكلمات الأغنية، لا تخلو من حس شبقي، وإيحاءات إيروتيكية، تستند إلى مخزون أسطوري تغدو فيه الممارسات الجنسية طقوسا تعبدية… لهون، وماشي الحال، ولكن أن تخصص المواقع الالكترونية البريطانية مساحة منتظمة لطرح قضايا تتعلق بحقوق الإنسان، يستحوذ فيها «شعب قوس قزح» على الاهتمام الأعظم، على حساب مسلمي الروهينجيا وأبطال غزة، واغتصاب الصلوات في المسجد الأقصى، وضحايا تجار الأدوية والسلاح والذهب والمجاعات في إفريقيا وآسيا، وتطرح الجهات الرسمية مسألة السامية للتصويت الالكتروني، دون أي اعتبار للعنصر القانوني أو الأخلاقي أو حتى التاريخي، فهذا يعني أن هناك خللا في الطبيعة، والزمن، والمبادئ، وهذه ليست محاكمة أخلاقية، بقدر ما هي تأملات للخيارات الشخصية والقرارات المصيرية، والدوافع الإعلامية الحقيقية التي تتستر بثيمة الحقوق الإنسانية، للترويج لانهيار اجتماعي وسلوكي شامل!

مدينة الخطيئة الإعلامية!

في المغرب، تتخذ مسألة الحريات طابعا تجاريا أو استثماريا، إذ تنتشر على اليوتيوب اعترافات صادمة لمثليين، يحدثونك عن رفض عائلاتهم لمرضهم، ما يودي بهم في أسواق المتعة، وهم وإن كانوا يلجأون للمساومة على الجسد، حسب الزبون «محلي أو أجنبي أو سياسي»، لتدبر أمور دنياهم، فإنهم يكتشفون بهذا، الأبواب السرية، لسوق المتعة في الشرق، بشجاعة استثنائية تفضح عورات المجتمع، وأمراض طبقة نبلائه المزيفين!
أما في ماليزيا، فيثير برنامج إعلامي نقمة النشطاء الحقوقيين حين يتبنى رسالة توعوية لمواصفات تعريفية بالمثليين، ما يضعهم موضع الخطر، في فضاء يطلق النار على الشبهة قبل الإثم، حتى ليبدو إعلاما قاصرا، لا بد من فرض وصاية دولية عليه!
وإن كنت تذكرهم في العراق، حين جاءوا إليك على ظهر الدبابات الأمريكية كعصابة سياسية ناعمة، تتحدث عن سقوط الأصنام بخشوع إعلامي مشبوه، لا يشبه خشونة العراقي وما اعتاد أن يثيره من غوايات!
وهناك في لبنان، يهدد ناشط مثلي مشاهير وسياسيين، بكشف هويتهم الجنسية، وصفقات شراء المثليين، أو استئجارهم، ليفاجئك بانتعاش تجارة المثلية، في أعشاش ثعابين البامبا «المدارس والشوارع» بين الاغتصاب والاختطاف والإغراء، وانتهاك دمعات الفيلة السرية، التي تنهمر من خراطيمها في مستنقعات ما وراء الفضاء.. ولو عدت لحلقة طوني خليفة عن هذا الموضوع لتمنيت القيامة قبل الفناء!
عمرو أديب، كان له رأي آخر في هذا الشأن، لأنه عمد في إحدى حلقات برنامجه السابق «كل يوم»، للتلاعب بيوميات «بومبي»، محاولا التعامل مع الظاهرة، كمرض، وهذه مصيبة لا تفوقها سوى مصيبة الترويج الإعلامي للمرض باسم الحرية، فهل لك أن تتخيل بعد هذا مشهدا جماعيا للمصابين بهذا الخلل الوظائفي، يطالبون فيه السلطات كافة باحترام حقوقهم المدنية «أو بسن قوانين لإباحة التجارة به»، على اعتباره نضالا شرعيا وأخلاقيا! ليس المطلوب من أي أحد، أن يتقمص شخصية الرب في أغنية غراندي، لأنه أولى لكم فأولى، أن تحذوا حذو الأنبياء لا الآلهة، فالعقاب حكر على الغيب، أما الإعلام، عليه ربما أن يستعين بحمار «بلعم بن باعوراء» بدل أن يتخوث على المشاهد، ويتقيأ لسانه، أو ربما عليه أن يكتفي بوصلات أحمد الشقيري في مدينة الخطيئة إياها، لأن التجارة بالدين تجارة خاسرة، في هذا الزمن الإعلامي الذي تتحول فيه المصائر إلى «سوبر ماركت»، على قولة «وزير الخارجية الإسباني» في حواره عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع صاحب برنامج «هارد توك»، الذي كان يرتدي جواربا لقوس المطر، أثمن من ساعة الوزير!

ذاكرة مزيفة وبسطات الكترونية

إنه إذن نضال جنسي، تتحيز فيه آريانا غراندي لجنسها، وتتوجها على عرش الألوهة باسم حقوق المرأة، فأين حقوق السماء من كل هذا؟ وبين ستيفن ساكر وطوني خليفة والشقيري وأديب، يتعنصر الإعلام للحرية من مدخل المرض الجنسي، فأنا مريض إذن أنا حر، وكل هذا محكوم بقوانين وشعارات، تخترق عالم الملائكة الكرتوني، بتصورات جديدة عن المثلية الجنسية، لم تشفع للحكومة الماليزية بحريتها في إلغاء مشهد من مشاهد أفلام «ديزني» للأطفال يروج له!
المسألة إذن، لا تتعلق بالحرية، طالما أنك تتعرض للإرهاب والتهديد القانوني والأمني إن تطرقت لتأمل المسألة.
هناك قضايا عظيمة، تاريخية وبطولية، لها ضحاياها وأساطيرها، يتم الزج بها في نظام ذاكراتي بديل، يشوه الوعي، ويزيف القيم، ويحظر الحرية على الإنسان غير المريض، بينما يهبها كحق حصري للمرضى، وأعداء الطبيعة، ونجوم «البسطات» الالكترونية على اليوتيوب، الذين يبيعون «سحاحير» القصب على مواقع التواصل الاجتماعي، بدعم من تجار العملة، والتبغ، والحشيش، ونوادي الطغاة والغزاة الفضائي… والذي منو… فهل بعد هذا تستغرب كيف بدأ الإعلام بالطبلة والمزمار، وسينتهي بطرقعة الكعب العالي وطقطقة المسمار… وإديلو!

كاتبة فلسطينية تقيم في لندن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق