اخبار العالم العربي

إسرائيل تستنفر قواتها: حرب وشيكة ضدّ أنفاق غزَّة؟

أعلنت أوساط رفيعة المستوى في الجيش الإسرائيلي أنَّ “على القوّات أن تكون جاهزة لعمليّات هجوميّة ضدّ الأنفاق” في قطاع غزَّة. هذا الإعلان يشكّل ذروة التقديرات باحتمال العودة للمواجهة بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع بعد أقل من عامين على انتهاء الجولة السابقة، في وقتٍ أشارت كلّ من الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية إلى بؤس وحدّة الأوضاع في غزَّة جرّاء عدم إعادة إعماره والخشية من انفجار الوضع.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ الأنفاق ومحاربتها، كانت موضوع سجالٍ إسرائيليّ حادّ على المستويين السياسي والعسكري، خلال الأسابيع الأخيرة.
وبحسب موقع “والا” الإخباري، فإنَّ ضباطاً كباراً في قيادة الجبهة الجنوبيّة أعربوا في الأيام الأخيرة، عن خشية متزايدة من الوضع الأمني على طول الحدود مع قطاع غزَّة، موضحين أنّه بين الأشد توتّراً منذ انتهاء حرب “الجرف الصامد”. وقال أحد هؤلاء الضباط إنَّه خلافاً للوضع الذي ساد قبيل الحرب في صيف 2014، من الجائز أن تشنّ إسرائيل هجوماً عسكريّاً ضدّ الأنفاق داخل القطاع.
وأشار الضابط إلى أنَّ “على مختلف الوحدات أن تكون جاهزة لاحتمال أن يفقد المستوى السياسي صبره، وأن خطر الأنفاق في القطاع لا يسمح بعد بضبط النفس، ويحاول أن يبادر لمعالجة الأنفاق داخل الأراضي الفلسطينيّة”. وبحسب هذا الضابط، فإنّه ينبغي على القوّات أن تكون بمستوى عالٍ من الجاهزية لاحتمال القفز، ولذلك تجري مناورات للوصول إلى مناطق انطلاق، بما في ذلك سيناريو تعرّض معسكرات الجيش للصواريخ.
ووفق الموقع، فإنَّ الجيش الإسرائيلي لا يستبعد احتمال أن تفلح “حماس” في حفر أنفاق هجوميّة تعبر الحدود. وبناء على ذلك، جرى تشديد الأوامر والتعليمات المعطاة للقوّات النظامية ولقوّات الدفاع المدني في مستوطنات غلاف غزَّة، لتوضيح كيفية الاستعداد لاحتمال تسلّل مقاتلين فلسطينيين إلى هذه المستوطنات بعد خروجهم من أنفاق.
وكان رئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال غادي آيزنكوت، قد أشار قبل أيّام إلى خطر الأنفاق من غزَّة، مبيّناً أنَّ جيشه يدير “نشاطاً مستتراً بعيداً عن أنظار الجمهور” ضدّ الأنفاق. وقال إنَّ إسرائيل في هذه الأيام، تستخدم ما لا يقل عن مئة آلية هندسيّة على طول حدود القطاع بهدف اكتشاف أنفاق. وبعد ذلك، أعلن آيزنكوت أنَّ “الفترة الأخيرة تضع أمامنا واقعاً أمنياً معقّداً، وقادة وجنود الجيش الإسرائيلي يعملون بعزم لاكتشاف وإحباط خطر الإرهاب، وأيضاً خطر الأنفاق.
وكانت إسرائيل قد حاولت ركوب موجة الانهيارات التي وقعت في عدد من الأنفاق في القطاع إثر الطقس القاسي والأمطار الشديدة، وأوحت أنَّ لها صلة بهذه الانهيارات. ورداً على سؤال حول ما إذا كان لإسرائيل ضلع في الانهيارات، قال منسّق شؤون الجيش في المناطق المحتلّة، الجنرال فولي مردخاي: “ألله أعلم”، فيما أفاد رئيس الأركان بأنَّ “الجيش يستخدم وسائل استخباريّة، بينها نشاطات واسعة ومبادرة، وخداع وتجديدات، وكل فكرة من أجل الوصول إلى كل نفق وتحييده”. وزادت أقوال آيزنكوت هذه من الشبهات لدى الفلسطينيين باحتمال أن يكون لإسرائيل ضلع في موجة الانهيارات الأخيرة. لكن ليس مستبعداً أن تكون هذه الأقوال نوعاً من الدفاع عن النفس في مواجهة الحملة التي استهدفت الجيش واعتبرته عاجزاً عن فعل شيء ضدّ الأنفاق.
وقد دعت الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية في رام الله، أمس الأول، الأسرة الدوليّة إلى إرسال مساعدات ماليّة عاجلة للضفة الغربيّة وقطاع غزَّة. وفي مؤتمر صحافي مشترك، أعلن الطرفان أنَّ الوضع الإنساني في المناطق يمكن أن يقود إلى انفجار. واعتبرت دانا عريقات من وزارة التخطيط الفلسطينية أنَّ “دعم المانحين ضروري اليوم أكثر من أي وقت مضى”، مشددةً على أنَّ القطاع يعاني أزمة إنسانيّة بالغة الخطورة، لأنَّ معظم البيوت التي دمّرت في الحرب الأخيرة، لم يُعدْ إعمارها.
أمَّا ممثّل وكالة “أونروا” بو ستشاك، فأوضح أنَّ المواجهات القاسية في الشرق الأوسط، خصوصاً في سوريا واليمن، وكذلك أزمة اللاجئين في أوروبا، قادت إلى حرف الدعم الدولي نحو تلك المناطق، وبالتالي إلى تقليص حادّ في توفير الأموال للفلسطينيين. وقال إنَّ “هناك منافسة حادّة، لذلك لا يوجد حثّ للمشاريع”. ومع ذلك، اعتبر ستشاك أنَّ فشل “فتح” و “حماس” في تحقيق المصالحة بما يسمح بإعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، أدَّى إلى تقليص في ميزانيّة دعم دول العالم. كذلك هناك الأزمة الاقتصاديّة التي تعانيها “أونروا” والتي أدَّت إلى عدم فتح قسم من المدارس في العام 2015 في الضفة والقطاع.
في كل حال، وأمام احتمالات انفجار الوضع في القطاع، طالب كبير كتاب التحقيقات في صحيفة “هآرتس”، آري شافيت، إسرائيل بالعمل على منع الانفجار. وبعنوان “غزَّة أولاً” كتب أنَّ “هناك شيئاً تقشعرّ له الأبدان من الطريقة التي تسير فيها دولة اسرائيل ودولة حماس باتجاه المواجهة العسكريّة بينهما. كما في الماضي، اليوم أيضاً لا يريدون سفك الدماء في إسرائيل. وكما في الماضي، اليوم أيضاً لا يريدون سفك الدماء في قطاع غزَّة. لكن كما في الماضي، اليوم أيضاً، فإنَّ العجز عن المبادرة بفعل إيجابي لمنع المواجهة قد يجعل المواجهة المقبلة بين إسرائيل والفلسطينيين في قطاع غزَّة أمراً محتوماً”.
وأضاف أنَّ لا أحد يعلم متى ستندلع المواجهة ولا سببها، ولكن بعد سقوط مبادرة كيري للسلام، من الواجب البحث عن مبادرة جديدة. فالوضع في غزَّة بعد الحرب في ظلّ الفراغ السياسي الخطير وعدم إعادة الإعمار، يعني أنَّ عقارب الساعة تعود إلى الوراء عامين. وحذّر شافيت من أنّه لا يمكن لإسرائيل مواصلة إغماض عينيها عن واقع البؤس ومصير 1.8 مليون فلسطيني في القطاع يفتقرون إلى المياه والكهرباء والأمل. وشدّد على وجوب قيام إسرائيل بالمساعدة في إنشاء محطة تحلية مياه في القطاع ومده بالغاز لمحطات الطاقة والمبادرة لإنشاء مصانع ومعامل بالتعاون مع أميركا ودول الخليج، ومحاولة إقناع مصر بإنشاء ميناء في شمال سيناء يخدم غزَّة أيضاً. وفي نظره، فإنَّ هذه مبادرة غزَّة أولاً التي تمنع الحرب وتسمح بالتعايش والاستقرار.

مقالات ذات صلة

إغلاق