أخبار عالميه

ماذا لو فاز دونالد ترامب برئاسة أمريكا؟

imageضمن الحملة الطويلة لاختيار مرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية، وبعد فوز هيلاري كلينتون وخسارة دونالد ترامب الأخيرة في ترشيحات ولاية إيوا ستنتهي اليوم الأربعاء الانتخابات التمهيدية في ولاية نيوهامبشير، وإذا صدقت الاستطلاعات فإن الفائزين في الجولة المقبلة هذه سيكونان ترامب عن الجمهوريين وبيرني ساندرز عن الديمقراطيين.
ستكون النتيجة صعبة على فريق هيلاري وخصوصا بعد أن تبين أن مساهمة زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون في حملتها جاءت بنتائج عكسية، وبالمقابل فإن النتيجة ستعطي دفعة إيجابية كبيرة لساندرز الذي يمثّل نمطاً جديداً من الساسة الأمريكيين فهجومه قائم على المؤسسات الأمريكية الكبرى ممثلة بتحالف عمالقة المال والصناعة والسياسة الذين يمثّلهم دونالد ترامب خير تمثيل، فهو ملياردير «عابر للقارات»، وهو شخصية تلفزيونية شهيرة بعد اشتراكه لسنوات في برنامج «المتدرب» The Apprentice وهو يستخدم قوته المالية الضاربة وخبراته في التسلية الجماهيرية في ركوب تيّار الدعاية الشعبوية لتيار اليمين المتطرّف والتي لا تقف عند حدود.
حظوظ كلينتون في أن تصبح أول امرأة تستلم منصب رئاسة أمريكا، بعد باراك أوباما، الذي أسس لسابقة كونه أول رئيس أسود، كبيرة، فإلى كونها «سيدة أولى» سابقة، وهي، بالتالي، من أسرة سياسية مخضرمة، لكنّها لم تكتف بالمنصب الشرفيّ وأثبتت قدراتها الكبيرة من خلال تسلمها مناصب حكومية عليا، بما في ذلك رئاستها وزارة الخارجية الأمريكية ضمن إدارة أوباما، وهي، بهذا المعنى، ستشكل استمرارية سياسية للخطّ الديمقراطي العامّ منذ بيل كلينتون وليس انتهاء بأوباما.
لكن هذا الإرث نفسه، وكونها من المؤسسة التقليدية للسياسة الأمريكية، يمكن أن يكونا حمولتين ثقيلتين في مواجهتها مع شخص أكثر جذرية منها وقد أعطى أملاً كبيراً للشباب الأمريكي الذي وظّف وسائل التواصل الاجتماعي لدعمه سياسيا وماليا في حملات تستهلك عشرات الملايين من الدولارات، كما أنّ حملة ترامب تتأهب للهجوم عليها عبر زوجها، وقد وظّفت إحدى النساء اللاتي زُعم أن كلينتون تحرّش بها جنسياً لقيادة حملات تشهير إعلامية ضدها.
وسواء فازت كلينتون بترشيح الديمقراطيين لها أو فاز ساندرز فإن حظوظ ترامب بالرئاسة قويّة جدّا، فهو يستجيب للكثير من أحلام الجمهور الأمريكي العريض بجمعه بين سرديّة النجاح الماليّ الكبير مع نجوميّة تلفزيون الواقع وفضائحيتها التي تكسّر المحرّمات السياسية التي لا يتجرأ غيره على ارتكابها، أو النجاة، كما يفعل ترامب، من عثراتها.
ولعلّ المعركة الحقيقية ذات المعنى، لو حصلت، ستكون بين ساندرز وترامب، فالشخصان على طرفي نقيض تام، فساندرز اشتراكيّ في الـ74 من العمر، وبرنامجه الجريء يتحدى مركز الرأسمالية العالمية الأكبر ويقود جمهورا متعاظما متحمسا ضد المؤسسة التقليدية، وهي ظاهرة يمكن ربطها بأوروبا مع حزبي سيريزا اليوناني الذي فاز بالانتخابات وشكل الحكومة، وبوديموس الإسباني، وحتى مع ظاهرة جيرمي كوربين في رئاسة حزب العمال البريطاني.
عداء ساندرز لمؤسسات السياسة والمال، رغم ذلك، لن يقلل من مخاوف قطاع واسع من الأمريكيين من الخطورة التي يمكن أن يشكّلها نموذج ترامب، فانتشار هذا النموذج بعد اعتباره، عملياً، كل المسلمين إرهابيين، ومطالبته بطرد أقليات أخرى كالمكسيكيين بعد أن وصفهم بالمغتصبين والمجرمين، يتراكب بسهولة مع دعاوى اليمين العنصري المتطرّف، وهي، بحسب مصادر إعلامية عديدة، تشكّل خطراً أكبر على الدولة والجمهور الأمريكيين من أي خطر آخر، وهذا الجمهور المتطرّف يضم حاليا 276 ميليشيا، وبعض هذه الميليشيات خططت لعمليات إرهابية عام 2011 و2014 لتفجير أبنية ومحطات طاقة، ونشر غازات سامة على أمل إشعال عصيان عام ضد الحكومة.
حالة ترامب تقول إنه بالمقاييس الانتخابية الأمريكية غير مهم أن تتشبّه بهتلر في تجريمك أكثر من مليار شخص لأنهم مسلمون، او تسخر من النساء بسبب الحيض، كما فعل مع مذيعة أحرجته بالأسئلة، أو تعتبر المهاجرين المكسيكيين إلى أمريكا مجرمين ومغتصبين، فالجمهور الانتخابي لا يفرّق بين تسليات برامج تلفزيون الواقع والدماء التي يمكن أن تسيل في شوارع أمريكا قبل شوارع العالم

مقالات ذات صلة

إغلاق