مقالات
المدير.. وسياسة الباب المفتوح..
بقلم: د. رائد محمد طه
بدون تردد كتبت مقالي هذا لأتحدث فيه عن صورة حية نابضة من واقع المسئولية والمهنية والتواضع الاخلاقي في العمل. أردت أن أكتب عن مشهد أتمنى أن أراه في كل مؤسساتنا الوطنية حتى يصبح سلوكً عاماً لكافة رؤسائها ومدراها ومسئوليها. وكنت ضاناً بأنني سأكون أول من لاحظ ما شاهد وكتب عن هذا الموضوع تحديداً . إلا أن اهتدي لذلك قبلي الكاتب د. سمير قديح. ورغم ذلك أمسكت بقلمي الحبري.
المكان: قطاع غزة شارع الجلاء، وتحديدا تقابل جمعية الشبان المسيحية عمارة وموجود فى قلب هذه العمارة بدوريها الاول والثاني دائرة العلاج بالخارج، ومديرها دكتور مهنى بأمتياز، صاحب الملامح الفلسطينية، يتمتع بفلسفة الادارة – وبكل تأكيد- انه مغير ومحدث، صاحب الابتسامة الدائمة والخلق الطيب، يعمل على مدار الساعة بدون كلل أو ملل انه الدكتور بسام البدري.
مكتبة يقع بالدور التاني فى غرفة لا تتجاوز مساحتها 16 متر، يتوسطها مكتبة المزدحم بأوراق المراجعين، يعتليه جهاز كمبيوتر، وعلى يمين المكتب توجد اله تصوير، وأمامه بعض الكراسي التى لا تتسع لعدد زائريها من المراجعين وأصحاب المطالب والشكاوى وأصحاب الامراض المستعصية.
في هذه الغرفة يستقبل الدكتور البدري يومياً عشرات المراجعين، ويعمل على إنجاز معاملاتهم المتعثرة في لافتة نادراً ما تشاهدها في قطاع غزة، لافتة شعارها سياسة الباب المفتوح.
والملفت للنظر ان جميع المراجعين يتمكنون من الدخول لمقابلته في وقت واحد فأثناء تواجدى في الغرفة كان عدد المراجعين تجاوز الثلاثين مراجع، يدخلون بدون اذن من موظف او سكرتير لمكتبة ، كما انه لا يقوم بتحدد عدد دخول المراجعين، فيستطيع المراجع –المريض المطالب لعلاجه بالخارج – أن يعرض مشكلته في حين يكون الدكتور “البدري” اطلع على ملفه بالكامل الموجود على جهاز الكمبيوتر، أو من خلال ملف الحالة الخاص بالمريض ومن ثم يقوم بالرد على استفساراته وأسئلته بكل نزاهة وشفافية امام جميع المراجعين –المرضي- وأصحاب المطالب.
ان صفات “البدري” الشخصية – الكاريزمية – الاستثنائية، جعلته متميزاً عن المدراء الاخرين ونستطيع بوضوح ان نجد الازمة الاخلاقية عند كثير من المسئولين لدينا وما يحملون بفهمهم مفاهيم خاطئة، منها: – ان تكون مسئول يعنى يجب عليك ان تكون سلطويا، وتتعامل مع الاخر بعنجهية وبفوقية من مكانك، بالإضافة الى بث احساس لمتلقي الخدمة بالدونية. وبدون جهد ايضاً نستطيع ان نجد ان الذين يشغلون المناصب الرئيسية يفرضون الطاعة على مرؤوسيهم، اما الدكتور “البدري” فانه بالمجمل يستخدم الاساليب الادارية وإجراءات التعامل بشكل مباشر مع المريض وإعادة تنظيم العمل، وهى التى جعلته ينال حسن معاملة العاملين والمراجعين. وتحقيق مستوى رضا واضح من الجمهور على عمل الدائرة.
ان الاهتمام والكتابة لمن هم يقومون بعملهم بتواضع لهو جزء من العناية بتنمية المجتمع, وتحقيق الرضا الخدماتي للمواطنين، وتأكيد لقول الرسول كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته، فالمسئولية هي متابعة شئون المحتاجين والعمل على حل قضاياهم المعقدة.
وفي النهاية فإنني لأدعو الله مخلصاً ان ينتفع هذا الوطن برجاله المخلصين. فلك منا دكتور بسام ولجميع العاملين في دائرة العلاج بالخارج كل الشكر والامتنان والتقدير والمحبة. وأسأل الله العافية لنا ولكم في الصّحة والدّين بإذنه تعالى .. آمين.