الرئيسية
تفاصيل مثيرة حول استهداف موكب الحمد الله بغزة
تفاصيل مثيرة حول استهداف موكب الحمد الله بغزة
فجّرت العبوة التي اعترضت موكب رئيس حكومة الوفاق الوطني، رامي الحمد الله، فور دخوله قطاع غزة، بهدف افتتاح محطة تحلية مياه، مزيداً من الخلافات بين حركة “حماس” و”فتح”، وأوقفت عجلة المصالحة التي كانت تسير ببطء في ظل الخلاف على حل مشكلة موظفي غزة وهي التي كان من المفترض أن تكون قد وضعت على طريق الحل بعد عودة الوفد المصري الأمني.
ورغم أن العبوة انفجرت بمؤخرة الموكب ولم تسفر إلا عن أضرار مادية طفيفة بالسيارات، وإصابات طفيفة وفق حديث مصادر إعلامية محلية، كان ملاحظاً مسارعة وسائل الإعلام التابعة للسلطة والمقربة منها إلى تضخيم عملية التفجير واتهام “حماس” بالمسؤولية عنها وعن الأمن في غزة.
وفضلاً عن تضخيم الحدث نفسه والحديث عن اشتباك مسلح، الأمر الذي رأت مصادر في “حماس”، أنه “مسرحية تهدف إلى رفع الحرج عن السلطة في التنصل من المصالحة وفرض مزيد من العقوبات على غزة”.
وفي الرد الأبرز، حمّل الرئيس محمود عباس، ما سماها “حكومة الأمر الواقع في غزة” المسؤولية كاملة عن هذا “الحادث الإجرامي المدان”، مشيداً بـ”الموقف المسؤول والشجاع والثابت الذي أبداه رئيس الحكومة ورئيس المخابرات العامة، في إتمام الهدف الذي ذهبا من أجله الى القطاع للتخفيف من معاناة شعبنا هناك”.
وقال: “هذه الجريمة مخطط لها ومعروفة الأهداف والمنفذين، وتنسجم مع كل المحاولات للتهرب من تمكين الحكومة الفلسطينية من ممارسة عملها في غزة، وإفشال المصالحة، وتلتقي مع الأهداف المشبوهة لتدمير المشروع الوطني بعزل غزة عن الضفة الغربية، لإقامة دولة مشبوهة في القطاع”.
على الأرض، نقلت مصادر أمنية على اطلاع بمجريات التحقيق الذي فتحته وزارة الداخلية في غزة، أن النتائج الأولية تشير إلى أن العبوة التي وضعت في الطريق كانت على بعد 750 متراً من “نقطة 4/4” جنوب معبر بيت حانون/إيرز، شمال القطاع، وكانت من النوع المتوسط، وهي مصنعة محلياً.
وأضافت المصادر الأمنية أن التحقيقات نفسها أظهرت أن “العبوة زرعت على جانب الطريق بطريقة مدروسة حتى لا تؤدي إلى قتلى في الموكب الذي كان مكوناً من سيارات مصفحة دخلت من رام الله عبر معبر بيت حانون، وأخرى غير مصفحة يقودها عناصر جهاز الأمن والحماية التابع لداخلية غزة، بعدما تم التنسيق في وقت متأخر من أمس مع الأخير لإكمال الحماية، كما جرت العادة في زيارة الحمد الله السابقة، أو وفود حكومة الوفاق الوطني عادة.
وتقول المصادر إن “الموجة الانفجارية جاءت إلى الأعلى وليس باتجاه الطريق الذي يمر منه الموكب، وأيضاً خلت من أي شظايا، وهو ما أظهرته صور السيارات الثلاث التي تضررت من الانفجار”.
و”نقطة 4/4″ كانت “حماس” قد أخلتها عقب اتفاق المصالحة مباشرة، لكنها عادت وشغلتها بسبب “خروق أمنية” تتعلق بعملاء الاحتلال، لكنها أعادت إزالة النقطة بعد ضغوط مصرية بسبب شكوى من رام الله، علماً بأن تلك المنطقة تصنف وفق أمن المقاومة بـ”رخوة أمنياً”، وهي تقع في إطار الكيلومتر الأول بعد معبر بيت حانون، وهو ما يزيد صعوبة متابعتها أمنياً.
أما عن مسؤولية تأمين طريق الحمد الله، فأوضحت المصادر نفسها أن التأمين المسبق لطريق الحمد الله هو من مسؤولية عناصر تتبع لحكومة رام الله، ويجري التنسيق بينها وبين جهاز الأمن والحماية التابع لداخلية غزة، وهو أمر تم الاتفاق عليه مسبقاً قبيل زيارة الحمد الله في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خلال اجتماع عقد بين وفد من حرس الرئيس ووفد من وزارة الداخلية ضم ضباطاً من أجهزة مختلفة، بمشاركة وزير الأشغال مفيد الحساينة.
ووفق الداخلية، أوقفت الأجهزة الأمنية في غزة شخصين مشتبه في أن لهما علاقة بالتفجير، أحدهما يشتبه في أن له علاقة بـ”الفكر المنحرف” وفق توصيف المصادر الأمنية، في إشارة إلى مؤيدي تنظيم “داعش”، فيما قال المتحدث باسم الوزارة إياد البزم إنه “تم توقيف عدد من المشتبه فيهم في إطار التحقيقات في استهداف موكب رئيس الحكومة”.
بعد الانفجار، أكمل الحمد الله طريقه وتوجه إلى افتتاح محطة معالجة مياه الصرف الصحي شمال القطاع، أعلن أن تكلفتها 105 ملايين دولار، ثم عاد أدراجه إلى رام الله مباشرةً من دون لقاء أي من قيادة “حماس” أو الوفد المصري، كما كان معداً له مسبقاً.
إلى ذلك، ذكرت مصادر أخرى أن الحمد الله لم يكن قد ثبت حجزاً له وللوفد المرافق في فندق “المشتل” كما أشيع، ولا في أي فندق آخر، علماً بأن “المشتل” هو وجهة وفود رام الله عادة.
وسارعت حركة “فتح” إلى اتهام “حماس” وحمّلتها مسؤولية الحادث، كما أصدرت الرئاسة الفلسطينية بالتزامن بياناً شبيهاً وحمّلت “حماس” المسؤولية بعد دقائق معدودة من الانفجار.
في المقابل، استنكرت “حماس” ما وصفتها بـ”جريمة استهداف موكب الحمد الله”، معتبرة أن “هذه الجريمة جزء لا يتجزأ من محاولات العبث بأمن قطاع غزة، وضرب أي جهود لتحقيق الوحدة والمصالحة، وهي الأيدي ذاتها التي اغتالت الشهيد مازن فقها وحاولت اغتيال اللواء توفيق أبو نعيم”.
كذلك، دعا رئيس المكتب السياسي لـ”حماس”، إسماعيل هنية، حركة “فتح”، إلى عدم التسرع في اتهام حركته والتحلي بالمسؤولية الوطنية ومغادرة مربع المناكفة والجزافية في توزيع التهم، معبّراً عن إدانته أيضاً.
أما الحمد الله، فطالب فور عودته، “حماس” بتسليم الأمن لتمكين الحكومة في غزة، وذلك قبل أن يذهب إلى لقاء عباس، في وقت قال فيه الوفد الأمني المصري إنه يدين استهداف الموكب، مؤكداً في الوقت نفسه بقاءه في غزة والاستمرار في جهود إتمام المصالحة.