اخبار العالم العربي
تدهور اقتصاد غزة يضع الفلسطينيين أمام خيارات صعبة
أغلق الرجل الذي يصنع رقائق البطاطا (البطاطس) والشوكولاتة ووجبات خفيفة بطعم الفانيليا لغزة مصنعه مجددا بعدما مر بما قال إنه أسوأ أزمة اقتصادية في حياته.
ويدير وائل الوادية مصانع للمنتجات الغذائية منذ عام 1985 في قطاع غزة، الذي أصبح الآن مختلفا تماما بالنسبة للوادية ومليوني فلسطيني آخرين يعيشون فيه.
وفي ذلك الوقت كان الفلسطينيون يفصلهم عامان عن أولى انتفاضاتهم ضد الاحتلال العسكري الإسرائيلي والتي جعلت العالم يعرف كلمة “انتفاضة”.
وقال الوادية، الذي يبلغ من العمر 51 عاما، بينما كان يجلس في منشأة صناعية تتدهور ببطء بالقرب من الحدود الحصينة مع إسرائيل، إن النشاط في غزة يوشك أن يتوقف جراء عشر سنوات من حصار تفرضه إسرائيل وانقسامات فلسطينية داخلية.
وأضاف قائلا: “الوضع مزر للغاية. قدرة الناس على الشراء انخفضت إلى أدنى مستوى، لذا فإن أعمالنا والأعمال بشكل عام في قطاع غزة تعاني بشكل غير مسبوق”.
وخفض الوادية الإنتاج 70% والأجور 30%. وبعد أن كان الموظفون يعملون كل يوم، أصبحوا الآن يعملون يوما واحدا كل 3 أيام.
وقال الوادية “إذا لم تنفتح الأمور، وإذا لم تحدث معجزة، فإن المصانع والشركات سوف تغلق أبوابها، وعندها سيحدث الموت الفعلي للاقتصاد”.
وتعاني غزة منذ وقت طويل من الفقر، لكن مع وصول معدل البطالة إلى 43.6%، بحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن تجارا كانوا يوما ما أثرياء أصبحوا غارقين في الديون، وهو ما أدى إلى انهيار متتابع لأنشطة أعمال أخرى.
الفقر والأمن
الوضع الحالي في غزة هو نتيجة للحروب الإسرائيلية على القطاع والنزاعات الداخلية. وفي العام الماضي، خفضت رواتب 60 ألف موظف حكومي في غزة بنسبة 30%، وهو ما قلص قدرتهم الشرائية في المتاجر والأسواق بعد سداد قروضهم للبنوك.
وتضاعفت قيمة الشيكات المرتدة إلى المثلين تقريبا في غزة من 37 مليون دولار إلى 62 مليون دولار بين 2015 و2016، ثم ارتفعت مجددا إلى 112 مليون دولار في 2017، بحسب سلطة النقد الفلسطينية.
وساهم انخفاض القدرة الشرائية في هبوط الواردات عبر المعبر التجاري الوحيد الباقي مع إسرائيل، حيث تعبره الآن 350 شاحنة فقط يوميا مقارنة مع 800 شاحنة في الربع الأخير من 2017.
وقام بعض التجار بمبادرة دينية في ديسمبر/ كانون الأول عرضوا فيها شطب ديون العملاء تحت شعار “سامح تؤجر”، دعمتها حماس وفصائل أخرى، لكن حجم الديون كان أكبر بكثير من تلك المبادرة المحدودة.
وقال ماهر الطباع، وهو محلل اقتصادي في غزة: “غزة دخلت حالة الموت السريري، وتحتاج إلى حلول جذرية وحقيقية ومستدامة وليس إلى حلول مؤقتة قصيرة الأجل”.
وفي الجانب الآخر من الميزان الاقتصادي، يقوم صهيب وشادي وأحمد الولود بالبحث في كومة من القمامة بالقرب من منزلهم في شمال غزة عن منتجات بلاستيكية لبيعها إلى مصانع إعادة التدوير.
ووالدهم أحد مواطني غزة الذين فقدوا وظائفهم في إسرائيل قبل أكثر من 10 سنوات، حينما أغلقت إسرائيل الباب أمام آلاف من العمال الفلسطينيين في أعقاب سيطرة حماس على القطاع.
وقال صهيب، 19 عاما، من بيت لاهيا: “أنا في هذا العمل منذ صغري”. لكنهم يحصلون الآن على ما يكفي “لمجرد أن نعيش”، على حد قوله، لأن أسعار البلاستيك المستعمل هبطت 80%. وأضاف صهيب قائلا “لا يوجد عمل كثير الآن والناس لا ترمي بلاستيكا مثل زمان”.
وقال رئيس جمعية رجال الأعمال علي الحايك: “نحن نشهد مأساة حقيقية. غزة تمر بأزمة إنسانية حقيقية، انهيار اقتصادي سيقود إلى انهيار أمني، وهذا سيسبب متاعب للمجتمع الدولي ولإسرائيل أيضا”.
المصدر (رويترز)