مقالات
في مواجهة إعلان ترامب.. هل ننتظر موقفا احتجاجيا من الطلاب والمثقفين الغربيين؟ بقلم الكاتب محمد جبر الريفي
الطلاب والمثقفون الغربيون هم أكثر الفئات الاجتماعية احتجاجا على سياسات الدول الغربية الكبرى خاصة منها التي لها ماض استعماري كبريطانيا التي أصدر وزير خارجيتها قبل مائة عام وعد بلفور أو كالولايات المتحدة الأمريكية التي أعلن رئيسها القدس عاصمة الكيان وكلها دول تمارس عملية نهب منظم لموارد دول العالم الثالث النامية وتحتكر لنفسها حق امتلاك التكنولوجيا وما افرزه التقدم العلمي من تطور هائل في كافة مجالات الحياة .. تقف فئة الطلاب والمثقفين الغربيين موقفا مناصرا لقضايا التحرر الوطني وتبدي تعاطفا ملموسا لانتفاضات العالم الثالث ضد الأنظمة الاستبدادية ويعود هذا الدور السياسي للطلاب إلى ما حققه العلم من تطور تكنولوجي حيث اصبحوا في ظل التطور الاقتصادي قوة منتجة تتشابه الى حد كبير مع خصائص الطبقة العاملة فهم لا يمتلكون وسائل الإنتاج مثلهم في ذلك مثل العمال ثم انهم يقفون خارج نطاق البحبوبة في المجتمع الصناعي الرأسمالي هذه البحبوبة المحصورة على الطبقة البرجوازية التي تحتكر ملكية الشركات الراسمالية الكبرى الاحتكارية لكنهم في نفس الوقت الذين لا يتمتعون بمزايا الحضارة الاستهلاكية ولا يقفون في نطاق هذه البحبوبة الي يوفرها النظام الرأسمالي في بلدانهم للطبقة البرجوازية ويبقوا محرومين منها خارج النظام التكنولوجي يساهمون في خلق رأس المال لأرباب العمل أي لاصحاب الشركات الراسمالية باعتبارهم منتجين لفائض القيمة …كل ذلك جعل منهم قوة جماعية لها وزنها السياسي في الحركات الاحتجاجية الغربية مما دفع بسلطات القمع الراسمالية لأن تتخذ منهم مواقف عنيفة بهدف أضعاف دورهم النضالي …في بلداننا العربية اليوم التي تعاني معظمها من مشاكل وأزمات سياسية طاحنة وصلت في بعضها إلى حد الصراع الدموي المسلح على السلطة لا نكاد نجد أي دور هام متميز للطلاب والمثقفين العرب احتجاجا على هذه الفوضى السياسية والأمنية المتفجرة لأن أغلبية الجماهير الطلابية إنغمست في الحضارة الاستهلاكية الغربية بتقليد مظاهر هذه الحضارة في أشكال الحياة وهي مظاهر تبعدهم عن الإحساس بالهموم الوطنية والمعيشية وتجعلهم يميلون إلى حياة العزلة السياسية والانكفاء إلى الثرثرة في المقاهي و أروقة الجامعات والنوادي الرياضية …الآن مرحلة جديدة تدخل بها المنطقة العربية بعد انحراف ثورات ما يسمى بالربيع العربي تعود بها القضية الفلسطينية بعد تهميشها مرة أخرى إلى صدارة الاهتمام العربي والدولي وكل ذلك يحدث بعد إعلان الرئيس الأمريكي ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وهو ما يخالف قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على أن القدس الشرقية هي اراض محتلة وقد كان لغالبية دول العالم موقفا معارضا لهذا الموقف السياسي الامريكي الذي من شأنه أن ينهي عملية السلام القائمة على معادلة الأرض مقابل السلام بل وينهي أي دور سياسي أمريكي في اطار البحث عن حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي واذا كان هذا الموقف السياسي المعارض لإعلان ترامب والذي صدر بشكل خاص من عديد الدول الغربية هو مكسب رسمي كبير يسجل لصالح القضية الفلسطينية فإن المكسب الهام الذي ينتظره شعبنا هو في وجود موقف شعبي غربي ايضا وذلك بوقوف فئة الطلاب والمثقفين الغربيين بشكل خاص باعتبارها فئة اجتماعية نخبوية لها دور هام في صناعة الحدث والتأثر به ..وقوف هذه القوى الاجتماعية النوعية موقفا مماثلا لمواقفها السابقة المناصرة لحركات التحرر والثورات الوطنية والقضايا العادلة وقد حدث أن كان للطلاب الأمريكيين موقفا سياسيا احتجاجا على حرب فيتنام وللثورة الطلابية التي شهدتها فرنسا في عهد الرئيس ديجول دورا في كبح جماع السياسية الاستعمارية الفرنسية في أفريقيا ..اما بالنسبة للطلاب والمثقفين العرب فإن المرحلة الحالية التي يمر بها الوضع العربي تستدعي منهم موقفا طليعيا مناهضا لكل ما يدور في المنطقة من أحداث سياسية خاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الصهيوني وبالقضية الفلسطينية وقد جاءت المسيرات التي قام طلاب بعض الجامعات المصرية المنددة بالإعلان أمريكي مؤشرا على بداية تفعيل لهذا الدور السياسي الهام في اطار المشروع النهضوي القومي العربي المناهض لكل ما يجري من مخططات ضد شعوب المنطقة