مقالات

العنوان : صراع الداخلية و السياسة في تونس / بقلم الاعلامي المعز بن رجب / تونس

السيناريو الآخر

قرار رئيس الحكومة هشام المشيشي تنحية وزير الداخلية توفيق شرف الدين لا يخرج عن إطار الصراع المحموم للسيطرة على الداخلية. فما يظهر في التحاليل والقراءات من أن الإقالة هي سعي من المشيشي للتخلص من وزراء رئيس الجمهورية قيس سعيّد في حكومته، وشرف الدين واحد منهم، ليس إلاّ الظاهر. ما هو أعمق يكمن في معركة لي الذراع بين حركة النهضة وسعيّد… هيّ التي تبدو معنية بالإقالة لأن وزارة الداخلية كانت ستفلت من بين يديها لو مرّت الاعفاءات التي قررها الوزير شرف الدين في صفوف قيادات قوات الأمن والحرس الوطني الذين كانت النهضة قد أملت تعيين أغلبهم على يوسف الشاهد في إطار ذاك التحالف المصلحي المعروف. ويبرز من بين هؤلاء الازهر محمد اللونقو الملحق الأمني في سفارة تونس بباريس الذي فُرض تعينه سابقا مديرا مركزيّا للاستعلامات العامة بوزارة الداخلية… ولا يخفى أن حركة النهضة عملت دائما منذ أن استلم علي العريض وزارة الداخلية في حكومة حمادي الجبالي على زرع قيادات أمنية يشكلون غطاء لها في الداخلية يستكمله القضاة الموالون في المحاكم. ولا نستبعد أن تكون النهضة قد دفعت المشيشي إلى إبعاد الوزير شرف الدين لإعاقة سعي الرئيس سعيّد، خصمهما المشترك، إلى تحجيم تغولها الذي بدأه بإخراجها التدريجي من الحكومة وتجاهل حليفيْها “قلب تونس” وائتلاف الكرامة، ثمّ واصله بالتلميح لها في شأن ما يحصل من فوضى داخل مجلس نواب الشعب ومن عبث بالمشهد السياسي. وما قد يزعج النهضة أكثر هو أنّ الرئيس سعيّد كرّر مؤخرا الوعيد بضرب الفاسدين، ومن الفاسدين مهربون وأصحاب أعمال وسياسيون بينهم نواب مطلوب رفع الحصانة عنهم، يلقون الحماية من الحركة بمقابل. وقد خشيت النهضة، على الأرجح، أن يكون الوزير المقال شرف الدين اليد التي يطال بها سعيّد القيادات الأمنية القريبة منها، ولكن أيضا المفيوزيين الذين يحتمون بها، خاصة أن نقابيين أمنيين أقرّوا “بنزاهة شرف الدين وصدقه وكفاءته” وبأنه من أفضل مَن تولوا منصب وزير داخلية، وهي شهادة لم نر المشيشي يأخذ بها، وبدلا من أن يقيل الوزراء بناء على تقييم لعملهم كما وعد في خطاب منح الثقة فإنه يفعل لأسباب أخرى تثير الجدل وتثَبت حرب الإرادات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق