اقلام حرة

على أونا على دوي… الخاسر والرابح في بازار الحراك.

بقلم/ فؤاد جرادة... مدير المراسلين في تلفزيون فلسطين - غزة.

 

لا شك أن القبضة الحديدية التي إنتهجتها حماس في مواجهة الحراك الشعبي #بدنا_نعيش،

أجهزت عليه ميدانيا، ولكن ما زالت جذوة الإعلام مشتعلة وهو ما يُبقي تحت الرماد نارا، من تعاطف مع الذين عذبوا وقمعوا واعتقلوا، وهذا واضح من إجترار الفيديوهات والصور وتناقل الوسم الخاص بالحراك حتى اللحظة وبشكل لا يقل إتساعا عن اللحظات الاولى لإنطلاقه، وفي الواقع يبدو أن ممارسات حماس هي من أعلت صوت المنتفضين، وكانت المساهم الرئيس في اتساع رقعة صداه محليا واقليميا ودوليا.

تعالوا نتخيل كيف لو أن عناصر حماس الأمنية رمت المتظاهرين بالورود بدلا من رميهم بالرصاص؟؟! أو وزعت زجاجات المياه المعدنية عليهم!! هم ذات الأشخاص الذين صدروا مشاهد الملاحقة والضرب والعنف سيصدرون مشهدا حضاريا مسؤلا من رجل الأمن، وحينها ستنقلب كل الاحداث والتبعات والانعكاسات رأسا على عقب، فبدلا من جملة الإستنكارات والدعوات لوقف تلك الممارسات، لتغنى العالم بموقف الشرطي( المقاوم ) الذي ساند ابن البلد، وبدلا من الدخول بحالة من الاستقطاب المرهق للمواطن المأزوم، لحشرت حماس كل اللاعبين على وتر الإطاحة بحكمها في زاوية ضيقة، ولخرجت حماس من برواز المواجهة الدائمة مع ابناء شعبها.

 

ليس من مصلحة أحد خسارة حماس كونها مكون اصيل من النسيج الاجتماعي الفلسطيني، ولوحة الفسيفساء السياسية لا يكتمل عقدها إلا بها، ولكن ليس على قاعدة تصدير نظرية المؤامرة على المقاومة في كل مرة، من المتوقع بل من المؤكد في المحكات أن يمتطي الخصم السياسي أي حراك مضاد، واستثماره أيما استثمار، ولا شك أن هذا ذكاء، ولكن الذكاء يقابل بالذكاء لا بالهراوات ولا بالتخوين وشيطنة الآخر، فلم تعد نغمة (ضرب المقاومة) تداعب قلوب الجياع، وباتت أقل جدوى في جعل الكل يلتف حول ذاك المشروع.

خسرت حماس كثيرا من رصيدها الشعبي، خسرت تعاطف الفلسطينيين في الشتات معها، خسرت شعبا التف حولها في ثلاثة حروب حتى دون أن يعرف لماذا نشبت تلك الحروب، من ضُرب وسُحل وعُذب هو ذاته من رقص على وقع اغاني (الانتصارات) التي حققتها المقاومة، وهو أول من إستجاب (لدعوة الله ورسوله حينما دعاهم) للخروج بمسيرات (العودة)، هذا الشعب أعظم وأكبر وأنبل وأشرف من أن يضرب على رأسه لانه تألم من جوع معدته، خسرت حماس كثيرا وفاز الجائعون ورسى عليهم المزاد.

فؤاد جرادة … مدير المراسلين في تلفزيون فلسطين- غزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق