نشاطات

غرور ***** قصة ******* للكاتب والأديب ******* أ. نضال أبوغربيه

                             غرور

وقت الظهيره , والشمس ما تزال في كبد السماء , والمارة مستاءون من حرارة الشمس وقوة لهيبها معلنين ذلك بكثرة ضجرهم وتأففهم ، كانت تقف عند مفترق للطرق , يؤدي الى مجموعة من المحال التجارية , في لباس يثير الفتنة والاشمئزاز معا ……

 لباسا يشف قليلا  عما تحمله المرأة من مكامن الفتنة والاغراء والعرق يتصبب من جبينها ووجنتيها ليتلاقى بين ثدييها امرأة عجوز هرمه تجوب الطرقات والأودية بحثا عن رجال تقطعت بهم سبل العلاقات الحلال , يبحثوا عن وعاء يفرغون به رغباتهم المكبوتة، ذئاب بشرية تبحث عن فريسة سهلة المنال , ينهشوا جسدها وينقدوها بعضاً من المال

 مال تقتات به ما يسد جوفها من الطعام , ومن  مأوى يقيها برد الشتاء القارص

 امرأة ذات جسد مترهل يفر الناظر من رؤيته تملك مسحة من جمال مضى عليه ما يكفي من غبار زمان مضى

 زمان ولى وانقضى , يوم  كانت صبية قي مقتبل العمر ذات جمال آخاذ , وفتنة تهتز لها أعنان الرجال , وأفئدتهم .

        جلست بعد أن طال  عليها الانتظار , وأرهقتها كثرة الوقوف , جاءتها سحابة من الذكريات تدق باب مخيلتها , منذ ما يقارب من نصف قرن من الزمان , يوم أن كانت في الخامسة عشرة من عمرها من أسرة كثيرة العدد تضمها هي ووالديها وتسعة أخوة آخرين متذمرة عنيدة تريد كل شيء ولا تقبل بالتنازل عن شيء يتملكها حب الذات ولا تحب أن يشاركها أحد في أي أمر ما , لأنها وكما تتفاخر بينهم , انها  الأجمل لأنها تملك العيون الجذابه الساحرة , والقد الرائع والشفاه الكرزيه والبياض والخد الأملس .

بدأت طلباتها تثقل كاهل أسرتها وتزيد من حجم معاناتهم أما والدها فلا يستطيع أن يلبي جميع رغباتها التي تزيد يوما بعد يوم ولقد كان لهذه الأسرة جيران بالقرب منهم وكان من بينهم  شاب  في عنفوانه ذو جسد قوي مفتول العضلات طويل القامة  أشعث الشعر والوجه دائري  وصاحب أنف أفطس  يرهب الناظر اليه

                 كانت رفيقاتها تتسابق عليه وتحاول كل منهن أن تفوز به ولكنها هي من ظفرت به وتملكه قلبها ، أحبته بكل ما أوتيت من مشاعر وأحاسيس مرهفه وتصورته فارس أحلامها الذي سيمسك بيدها ويخرجها من عبودية أهلها وينقلها الى قصرها الذى ستجد فيه  كل ما تحب وتشتهي من مجوهرات وخدم  الذين من دورهم  سيبذلون كل الجهد لأرضائها وسماع أوامرها كانت تجري وراءه مغمضة العينين فاقدة الأدراك كأن به سحراً يجذبها نحوه كان يلعب بعواطفها ويبهرها بكلامه وبوعوده التي بلغت عنان السماء مستغلا الضغط الكبير الذي حدثته عنه من أهلها محاولا أن يأخذ مبتغاه منها فمرة يداعبها وأخرى يقبلها ، وأُخرى يفقدها جوهرتها التي تملكها عند ذلك وقفت لتجد أنها قد ابتعدت كثيرا عن أهلها وناسها فهل تهب بالعوده إل أهلها أم ماذا …؟

 ان أمرها سينكشف وما ستر اليوم سينفضح غدًا عندما تظهر بوادر الحمل عليها ويبدأ بطنها بالظهور والكبر ولكن الى أين ستذهب …؟ وأين ستبيت ليلتها والليالي الأخر …؟

 بحثت في ثنايا حقيبتها لتعلم كم من المال تملك أحصتهم فوجدت مبلغا يزيد عن الخمسين دينارا بقليل استقلت سيارة أجرة وطلبت من سائقها أن يوصلها الى أحد الفنادق الفقيرة والتي تؤمها الطبقة الكادحة من الناس فأوصلها الى أحدهم دخلت اليه وبحثت في أرجاءه على من يدلها ويساعدها بإستئجار غرفة فيه إلى أن وجدته رجلاً طاعناً بالسن يجلس خلف طاولة صغيرة متعب ينطق بصعوبة بالغة فأخبرته بأنها قد جاءت من احدى القرى لتعمل في المدينة ولتعيل نفسها وأهلها وطلبت منه أن يعينها فعطف عليها وأسكنها وصار يبحث لها عن عمل

          وبعد أربعة أيام من مكوثها في الفندق وبعد أن غطت في نوم مضطرب أفاقت على دقات خفيفة على باب غرفتها ففزت من نومها مذعورة تخاطب الطارق وتسأله عن هويته فأخبرها بأنه عامل النظافة  وان صاحب الفندق يطلبها لأمر هام فطلبت منه  أن يأذن لها عند صاحب الفندق في دقائق معدودات ترتدي بها ثيابها وتلحق به، ارتدت ثيابها على الفور وخرجت للقاء صاحب الفندق الذي أسعد سماعها بإيجاد عمل يليق بها وبعمرها وهو عبارة عن بائعة في أحد المحال التجارية فسرت سرورا بليغا لسماعها ذلك ودعت للرجل العجوز بالخير فتواعدا على أن يصطحبها صباح اليوم التالي ليريها مكان عملها فاستيقظت مبكرة على غير عادتها فرحة بعملها الجديد فقادها صاحب الفندق الى المحل الذي ستعمل به فرحب بها صاحب المحل وبهر بها لما تحمله الفتاة من اغراء وجمال فزاد أجرتها وأغدق عليها بالكثير من الهدايا  , فإطمئنت له وأعلمته بسرها فما كان منه إلا أن هددها بكشفها وفضحها للناس في حال لم تلبي رغباته,  فأخذت بملاطفته بحديثها حذرة من أن يوقعها في مأربه الى أن انقضى يومها ورجعت الى الفندق وهناك لملمت حوائجها ونقدت صاحب الفندق ما ترتب عليها من أجرة , وطلبت منه أن يبقي على غرفتها لحين عودتها من عند أهلها بعد يومين لأنها كما أفهمته أنها قد اشتاقت اليهم وأرادت أن تزورهم وغادرت من فورها خارجة الى الشارع تحاور نفسها وقد ظهرت بوادر الحمل عليها وانكشف سرها

إلى أين ستذهب …؟

والى من ستلجأ وبمن ستحتمي من مطامع الرجال …؟

فقادتها قدماها نحو أحد الأنديه الليلية , كتب عليه اعلانا أنهم بحاجة الى عمال وعاملات للنظافة , دخلت الى صاحب النادي فتفرسها بإمعان تفرس التاجر بالبضاعة فوجد بها اغراءاً كبيراً ملفتاً للنظر يجلب الزبائن فسمح لها بالعمل لحين أن تضع مولودها ولتكن أسيرة له لكثرة مديونيتها , استمرت بعملها الشاق  , ولم تكن لتدرك ما يطمح اليه صاحب النادي في الوصول اليه .  

        شهور عده مضت وضعت بعدها طفلاً بغاية في الجمال يشبه أمه لحد كبير ولكن فرحتها لم تكتمل لأن أيد الرحمن سرعان ما تلقفته لتسكنه فسيح جناته ، فقد خلق مصابا بشق بالقلب بسبب ضعف الأم وسوء تغذيتها فأصبحت فجيعتها كبيرة ونكست رأسها واستمرت في عملها الى أن عادت لها صحتها فتقدم لها صاحب النادي ليطالبها بما في ذمتها من ديون مستحقة الدفع فأخبرته بأنها لا تملك شيئاً من المال وطلبت منه أن يمهلها بعض الوقت حتى تجمع له ما يطلبه , فأكثرمن قهقهة عاليا مستخفا بما قالته , ومحذرا اياها اما أن تدفع , واما أن يسلمها الى مركز الأمن , أو أن تفعل ما يمليه عليها من طلبات,  فرضخت لكلامه , فأخبرها بوجوب أن تلاطف  الزبائن وتداعبهم وتلاعبهم حتى يطلبوا طلبات اضافيه فيكثر الدخل للنادي , فما وجدت نفسها الا ورجلها تنزلق لدرب الدعارة  والبغاء , فاستمرت كذلك سنين طويلة كان معجبوها في ازدياد الا أن كبرت بالعمر وفقدت رونقها وقلت حركتها فأصبحت عبئا كبيرا وثقيلا على ادارة النادي التي جمعت من ورائها أموالا طائلة فما كان من صاحب الفندق إلا القائها خارجا الى الشارع

 وما زالت تتخبط في الطرقات وتبحث عن ذئب جديد ….. ….

 بقلم : نضال أبوغربيه

       [email protected]

   

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق