نشاطات
كتبت ألروائيه والشاعره نزهه ألرملاوي لهمسة سماء ألثقافه
المقطع الثاني من عشاق المدينة (١٥)
بدأت بشائر السماء تفيض برحماتها على أرضنا…وبدأ قلبي بالطيران، والرقص في اجوائها، فرحت .. ابتسمت مددت يدي الى مجموعة من المظلات لاختار واحدة منها ( فما وطأت قدماي السوق في ذلك اليوم الا لشرائها ) ، يا محاسن الصدف والاختيار، فقد وقع بصري على مظلة حمراء كان قد اختارها لي صاحب المظلات…
مدت عيوني اليه شعاع عطف وحب، حلق بين الغيم .. حمل قلبي..وسلب عقلي..وأقمع دوائر الخوف في داخلي، وتخيلت أن أوجه له سؤالا: لم لا تفتح مظلة مما تبيع وتختبئ تحتها من الشتاء؟
لم ينطق نظر الي وتعلثم الكلام بين شفتيه…تناول مظلة سوداء كبيرة ، فتحها..ووقفت نظراته على حواجز صمتي وراحت تحاكيه وتحاوره….ترك كل المظلات خلفه …ومشينا كل تحت مظلته، كان يتبعني كظل تمحيه زخات المطر فلا أحد يراه غيري…وكموسم حصاد خبأته الثلوج تحت تراكمها فلا أحد يلحظه غيري…
لا أريد إعفاء نفسي من اللوم تجاه هذا التصرف، فأنا أول مرة اترك لبصري العنان فأنظر رجلا.
طلبت من عيوني عدم النظر يمينا أو يسارا كما هي عادتي لا أرى إلا ما هو أمامي من الأرض ..!
ظلت قدماي سائرتان بلا هدف…وبقي يتبعني كقمر خبأته غيوم الشتاء خلفها حتى لا يستنير به أحد غيري… سرنا … شارفت قدماي مقهى يركن في حضرة المدينة يرتاده أبي بعد انتهائه من العمل، ارتعدت قدماي فأسرعت الخطوات، متجاهلة نظرات العالم من حولي، وفي كل خطوة أصعد بها درج باب العامود.. أتخيل يد أبي تشدني إلى الخلف وتقذف بي الأرض فيلتقطني خان الزيت ويسندني بابه، أحاول ..أنهض، أهرب أركض أختبئ في حانوت أو معصرة زيتون ..فلا زال صوت أبي يزمجر في الفضاء فتتزلزل الأرض تحت أقدام العابرين..إنه يريد ذبحي .
استبدلت دمي بغليان سري في عروقي، واستبدلت هدوء بيتنا بأبشع عنف رأيته في وجه أبي…
أين ترك طيبته حين لمحتني عيونه وأنا أصعد درج المدينة؟
وما الذي أفقده عقله ؟؟
أهو الشرف؟؟
أهي كرامة النفس وعزتها؟؟
أهي العادات والتقاليد وما توارثته الأجيال من مبادئ وأخلاق وتهذيب للنفس ؟؟
أهو الدين فالحلال بين والحرام بين ؟؟يالهذا المأزق الذي وضعت به نفسي !ويالهذا السؤال الذي وجهته لصاحب المظلات فكسر مبادئي وأخذ حيائي مني…!