مقالات

سوريا…نكبة وتغربة

سوريا…نكبة وتغربة
بقلم الإعلامية:- براء العوري
سؤال كل ليلة يحاصرني وكأننا على موعد مسبق بأن نتواجه، أفكر وأفكر حتى مجرد التفكير بذلك يخنقني،أسأل نفسي ما هو حال سوريا الآن أين ينام السوريون؟ كيف يتدبرون حياتهم؟هل إلتهمهم البحر أم نجوا منه بمعجزة! هل نستطيع أن نحصي كم سوري يسفك دمه في الثانية الواحدة؟ أشعر بالقلق حيال هذا فأحاول التهرب من الإجابة لأنني أتوه في الأبجدية العربية حين يتعلق الأمر بسوريا .
ذات مساء سمعت في نشرة الأخبار بأن سوري يقتل بناته، لكن حين أكمل المذيع وقال بأن السبب وراء ذلك هو خوف الأب من أن يتم إغتصابهن أمام أعينه من قبل عصابات داعش ومن ثم إبادتهن، لهذا أراد الأب أن يحفظ كرامته وشرف بناته، أيعقل بأننا وصلنا إلى هذا الحد! صرخ الأب قائلآ ما الفتوى الشرعية من ذلك؟ هلا تجيبوني من فضلكم ! في سوريا هناك من تغتصب أمام زوجها وأولادها، والأخريات يصبحن سبايا ليمتعن افراد داعش القذرة، في سوريا إذا نجحت في الفرار من الحرب فسيكون البحر في إنتظارك ليلتهمك ويسحبك إلى قاع البحر، وإن نجوت منه فستلاقي مصيرآ بائسآ وسينتهي بك المطاف عند حدود أول دولة سيرسي عليها القارب، فهيئ نفسك لأول شتيمة وإهانة ولا تنتظر بأن يستقبلوك فاللاجئ السوري منبوذ غير مرحب به ولا تستغرب إن قاموا بترحيلك فكل الإحتمالات واردة لكن إعذرهم ولا تلومهم لأنهم لم يتعلموا في درس الإنسانية بأن إحترام الضيف واجب ، نعود إلى طفل يبكي جوعآ مستغيثآ بخبزة يابسة ليتفادى الموت، هذا الطفل أليس من حقه أن يحلم بلعبة بدلآ من ذلك، وفتاة بعمر الوردة تبحث هنا وهناك في ذاك المخيم الشنيع عن أفراد أسرتها ولا تعلم بأنها الناجية الوحيدة وتسأل المارة دون جدوى عن أي قطعة ملابس ليسوا بحاجتها لتستر بها جسدها العاري، يتعالى النواح في المخيم فور إعلان وفاة عجوز تجمد من البرد كان آخر أمنياته أن يدفن في مسقط راسه، وعن أم فقدت طفلها بين ذراعيها لأنها لم تجد من يسعفه حرقة هذه الأم من سيطفئها يكفي بأنها قالت حسبي الله ونعم الوكيل فيا ربي إنتقم لنا،كيف ستهربون؟ ما من قوة في الكون ستنقذكم من غضب الله عليكم . لم تنتهي الحكاية بعد ،،، كلنا نتذكر قصة السوري المشرد الذي كان يحمل إبنته المريضة على كتفه ويبيع الأقلام في شوارع لبنان،وأخجل من قول هذا لم يحرك ساكن ولم يكترث لأمره ولولا ناشط اجنبي مر من جانبه وقام بتصويره فأشعل مواقع التواصل الإجتماعي بقصته وخلال عدة أيام تم جمع التبرعات وشراء منزل ليتأوى به ومحل تجاري يسترزق من ورائه، لعل هذا الأجنبي أشبه بملاك بعثه الله ليساعد السوري البائس. لن تفلتوا من العقاب، ستبقى صرخات السوريات المغتصبات تلاحقكم في أحلامكم حتى لو أغلقتم آذانكم لن تستطيعوا إيقافها، وصورة الطفل الغريق على شاطئ تركيا سترونه حيثما تنظرون، ومشاهد الدماء والبيوت المهدمة فوق رؤوس أصحابها هل بوسعكم تجاهلها، كيف ستنشدون بلاد العرب اوطاني وجملة “من الشام” ناقصة وغائبة وغارقة في الدماء، والله حروف الأبجدبة العربية من الألف إلى الياء لن تصف حجم معاناة وقهر السوريون ولا حتى أي لغة في العالم تستطيع ذلك، لأن هذا وجعهم ومأساتهم وهم الذين شردوا من وطنهم وليس نحن، صمتنا المخزي عن كل ما يجري هو بمثابة خيانة وتواطئ بكل معنى وتفسير الكلمة. متى ستدركون بأن سوريا أكلت يوم أكل الثور الأبيض “فلسطين” فأخشى أن يكون قد فات الأوان، ستتحسرون بحرقة ولن ينفعكم الندم فهذا نتاج عدم إكتراثكم بالموعظة والعبرة ويومآ ما ستحصدون ما زرعتم، تأكدوا بأن الدور آتيكم يا إخوتي في الدم، دم واحد يجمعنا نتكلم بلغة واحدة عاداتنا متقاربة تقاليدنا متشابهة فأين الإختلاف؟.
يا سوريا من باع القدس وتآمر على بغداد لن يشتري دمشق، وثقي تمامآ ما من أحد سيعيد لك مجدك وعزك سوى رجل شامي ولد في أرضك وترعرع على عشقك ينتمي إليكي بدمه وروحه، وعسى أن يكون هذا الرجل قد يولد في أثناء هذه اللحظات،أو لربما موجود تحت ركام حلب لكنه حتمآ سينهض من موت محتمل ،أو عساه يدفن جثث ضحايا إدلب لكي لا تنهشها الحيوانات، هذا الشجاع لن يفر ويتركك لإستباحة الأعداء، سنرى الأمان والإستقرار يعم عليكي قريبآ بمشيئة الله . داعش الارهاب هو ذاك السرطان الذي يأكل دول وطننا العربي الواحدة تلوى الاخرى،هم وحوش مجردة من البشر،ينفذون أفعالهم الشنيعة المفزعة وراء كلمة الله اكبر وتحت شعار لا إله إلا الله يحاولون تشويه الاسلام ووالله إن الاسلام وكل الأديان بريئة منهم، الله أكبر عليهم والله أقوى منهم. كل المحاولات لإبادة الشعب السوري ستفشل والفتنة ستخسئ، لا أحد يستطيع دثر دمشق العتيقة ولن تطمس حضارة الشام وستبقى الهوية السورية عربية، وبالمختصر لن نقبل بخريطة تضم دول الوطن العربي دون سوريا، فمن سوريا تعلموا الحب من القلب والرجولة والشهامة، الشام وما أدراكم ما الشام، أنظروا إليها عن قرب .

مقالات ذات صلة

إغلاق