شعر وشعراء
أكرمُ الخلق / للشاعر الفلسطيني الفذ كامل النورسي
في يوم من الأيام ذهبت الى صديق قديم فصادفت عنده رجلا يحمل درجة الدكتوراه وأخذ يتكلم كلاما ممكن أن يُسمع ويناقش وبعد لحظات أخذ يتكلم عن ذوي الأِحتياجات ( هكذا يسمونهم رغم عدم قناعتي بهذه التسمية ) فأخذ يؤيد قانون المتخلّف (فرويد) بقتلهم لأنهم لا يستحقون الحياة (هذا بمنظور المتخلفين) على ضوء ما تقدم أهدي هذه القصيدة :
أكرمُ الخلق
ليسَ المُعـاقُ مُعـاقَ السـمـعِ والـبَـصَـرِ… أِنَّ الـمُعــاقَ مُـعـــاقُ الـفِـكْـــرِ والـفِــكَــرِ
مَنْ جـــادلَ الـنــاسَ في طيشٍ بلا سَنَدٍ … ولا يـعـيــشُ بِـهَــدْيِ الـحَــــقِِّ والـسِّــوَرِ
ويـسـتـخـفُّ بـرأيِ الـغــــيرِ في سَـفَـهٍ … يخشى الحوارَ وما يـنـفـكُّ في سُـعُـرِ(1)
كَـمْ مِـن عـظـيــمٍ أنـارَ الكونَ في دِعَةٍ … يمشي الهُوَيْنةَ ما في الخدِّ مِن صَعَرِ(2)
فـأكــرمُ الـخـلــقِ عـنــد اللــــه أنفعُهـم … وأطـيـبُ الـغَــرْسِِ مــا يـأتـيـكَ بالـثَّـمَـرِ
فَـرُبَّ أشـعـثّ لا تُـغــريـــك طـلـعـتــه … عـنـد الأِلــه عـظـيــمُ الـشــأنِ والــقَــدَرِِ
بـالـعــلم والـــديـن والأخـــلاق عـزَّتُنا … لا بـالـتـظـاهـــرِ بـالأشـكـالِ والـصُّــوَرِ
كَـمْ مِـن كـفيف يـقـودُ المبصرينَ أِلى … دربِ الـفـضـيـلــةِ في الأيــامِ والـعُـصُرِِ
هذا (ابن مكتومَ) فـوقَ الـفُـرِسِ هامته … في الـقــادسـيَّــةِ يُـعـلـي بـيــرقَ الـظّـفـرِ
و(الرافعيُّ ) أصَــمٌّ بــات يُــسْـمـعُـنـا … روائــعَ الأدبِ الــمـــشــحــونِ بـالــعِـبَـرِ
وابن الجموحِ وفوقَ الشركِ عرجـتُهُ … يـصــولُ كالـلـيــثِ لا يخشى مِن الخََطَـرِِ
أمـا رأيـتَ رهـينَ الـمحـبسـين حـوى … في شـعــره حِـكَـمــاً أغـلـى مِـن الـــدُّرَرِ
وهـلْ سـمـعـتَ بـعـمــيــاءٍ بها صَمَمٌ … بـكـمــاءَ بـالـعـــزمِ قد عاشتْ (هِلِنْ كِلَرِ)
قـد لــوَّنـوا الـكونَ في عِلْمٍ وفي أدَبٍ … والــدَّهْــرُ خـلَّـدَهُـــم في أنْـصَـعِ السِّـــيِرِِ
وأسْـقَـطــوا المثلَ المعـرفَ مِن زمنٍ … (وفـاقـــد الـشــيء لا يُـعْـطـيـهِ للـبَـشَرِ)
مَنِ الـمـعــاقُ بـربِّ العرشِ يا رجلاً … مَنْ زيَّنَ الكونَ أم مَن عاشَ في الحُفَرِِ؟!
(1) سُعُرِ: الجنون، شدة العذاب.
(2) صَعَرِ: يميل تراه متكبراً.