اخبار العالم العربي

هل تتحق دعوة إماراتية – مصرية لأهمية بناء استراتيجية عربية تواجه تحديات المنطقة / د. عبد الحفيظ محبوب

يبدو أن الأزمة المصرية السعودية الصامتة كانت صادمة خصوصا أنها بين ركنين من أركان البيت العربي، فيما إيران تواصل مسيرتها في التوغل في المنطقة العربية عبر وكلائها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، خصوصا بعدما تم كشف تهريبها للأسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن نتيجة تخلخل البنيان المرصوص بين اكبر قائدين عربيين.

رغم أن البلدين اتجها إلى احتواء الأزمة بينهما بعد تصويت مصر لصالح روسيا في سوريا، ومن قبل حضور شيخ الأزهر د أحمد الطيب مؤتمر غروزني أهل السنة الذي أخرج من بيانه الأخير السلفية المنتشرة في دول الخليج، لكن تراجع شيخ الأزهر وتبرأ من البيان الأخير لمؤتمر غروزني وقال لا أعلم عنه ولم أقص أحدا في كلمتي، بل حضر الرئيس الشيشاني رمضان قادريروف إلى الرياض لتعزيز العلاقات بين البلدين، حتى السعودية أقدمت على احتواء الأزمة وأقالت إياد مدني أمين مؤتمر التعاون الإسلامي بعدما تعرض إلى ثلاجة السيسي مازحا في تونس، ولم تسحب الوديعة التي تقدر بنحو ملياري دولار، بل اكتفت بوقف تصدير النفط الخام من أرامكو، ولم يكن إيقاف الشحنات صادر عن حكومة السعودية بل كان صادر عن مسؤول في شركة أرامكو.

لكن تبقى العلاقات بين الدول العربية بحاجة إلى إعادة تأسيس خصوصا وأن المشهد الشرقي مضطرب، حيث تعاني تركيا متاعب حقيقة على حدودها في سوريا والعراق حيث يهيمن على المشهد في شمال العراق الحشد الشعبي الذي طوق تلعفر وأقدم البرلمان العراقي على شرعنتها واعتبرها جزءا من الجيش العراقي، فيما تعاني تركيا في شمال سوريا التي تسابقها القوات الكردية ومنافستها في التقدم نحو مدينة الباب مما اضطر وزير الخارجية التركي ومدير المخابرات التركية اللذين ذهبا إلى إيران من أجل تنسيق المواقف والتعاون في البلدين وضمان مصالح تركيا، وتعاني تركيا مع الاتحاد الأوربي أزمة حول اللاجئين وعضوية تركيا في الاتحاد ما جعل وزير خارجية لوكسمبورغ يصرح بأن أنقرة تستخدم أساليب النازية ورد عليه وزير تركي أقرأ التاريخ، وبعدما ضغط أردوغان على بوتين بأن درع الفرات لم يدخل سوريا إلا من أجل إسقاط نظام الأسد، مما اضطر لافروف الإسراع في زيارة خاطفة لتركيا من أجل التأكد من تصريح أردوغان الصادم، وبعد تفاهمات قد تكون حصلت تركيا على ضمانات من روسيا لمراعاة مصالحها في سوريا تراجع أردوغان عن تصريحه. الغياب العربي في سوريا والعراق مكنا إيران وتركيا في تعزيز مصالحهما حتى ولو كانت على حساب المصالح العربية، خصوصا وأن هناك تحولات في المشهد الغربي التي لم يواكبها تحول في المشهد العربي، وبشكل خاص تحالف استراتيجي موحد بين دول الخليج ومصر حيث يمثلان كل منهما للآخر ظهر حماية، وهما بحاجة إلى تنسيق السياسات بينهما يقودان إلى تكامل المكانة الإقليمية للدول العربية حتى يؤثر في المشهد الشرقي وعدم تركه للإعلام في الجانبين خصوصا وأن مصر تعاني في ضفتها الغربية في ليبيا وفي ضفتها الشرقية في سوريا والعراق ولبنان التي تجاور دول الخليج فالخطر مشترك. المرحلة الراهنة التي تمر بها الأمة العربية من مواجهة التحديات القائمة على الساحتين الإقليمية والدولية تتطلب تأسيس علاقات استراتيجية تقوم على أسس راسخة بقيادة مشتركة بدلا من تعدد القيادات، لأن العرب عليهم أن يعوا تصريحات مثل تصريحات قائد الحرس الثوري الذي قال بأن الحشد الشعبي قد يشارك في المعارك السورية لضرب العلاقات العربية العربية خصوصا ما بين دول الخليج والعراق، ولم يقل المليشيات الشيعية لأن هناك فرق كبير بين الحشد الشعبي الذي يشتمل على العديد من المكونات وهو تحت نظر الحكومة العراقية، بينما المليشيات الشيعية هي مليشيات خارجة عن سيطرة الدولة وترعاها إيران عن طريق قائد القدس قاسم سليماني المسؤول عن طموحات المشروع الفارسي الخارجي.

رغم أن العرب يفترض أن يتنبهوا من عدم ترك العراق فريسة لإيران والتخلي عنه خصوصا وأنه الدولة الوحيدة التي تحفظت عن التصويت ضد اعتداء الحوثيين على مكة في الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي حيث وافق وزراء الخارجية بالإجماع على ما ورد في البيان الختامي وتصويت 50 دولة وهو إجماع من الأعضاء وتفويض للمنظمة بالتحرك الدولي. خصوصا وأن السعودية تقود حراكا من أجل التصدي لدور إيران وبدأت تحاصر إيران في أفريقيا وتعزيز علاقاتها بدول القرن الأفريقي خصوصا مع جيبوتي ما جعل الرئيس الجيبوتي يصرح بان علاقة بلاده بالسعودية تقوم على أسس راسخة من الثقة والتفاهم، وقال من حق العرب التصدي لدور إيران الهدام بشتى الوسائل الممكنة، وحتى وزير خارجية أريتريا قال نطالب إيران بوقف تدخلها في الشؤون العربية الأفريقية، وقال الشراكة العربية الأفريقية تحفظ المنطقة من التدخلات الخارجية، وأكد مشاركة أريتريا في تحالف دعم الشرعية في اليمن من خلال استخدام الإمارات العصب الأريترية.

وكان رئيس وزراء أثيوبيا أحد الذين زاروا السعودية لتعزيز مثل هذا التحالف العربي الأفريقي، الذي يدعم عودة الرباط إلى الاتحاد الأفريقي بعدما انسحب المغرب من القمةالعربية – الأفريقية التي عقدت في مالابو بغينيا الاستوائية في 23/ 11/2016 وسط خلافات عاصفة أدت إلى انسحاب تسع دول عربية تضامنا مع المغرب بعد إصرار الاتحاد الأفريقي على إبقاء لوحة الجمهورية الصحراوية في القمة وقد انسحبت دولعربية إلى جانب المغرب البحرين والسعودية والإمارات والأردن وقطر واليمنوسلطنة عمان والصومال.

الدول العربية بحاجة إلى شراكة كاملة والتطلع للمستقبل بروح أخوية وإبعاد شبح التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية على أساس المصالح والمنافع المتبادلة،والتغلب على التحديات، وإزالة العقبات أمام تفعيل التعاون الاستراتيجي وتطويره خصوصا وأن دول الخليج بدأت تدخل مرحلة الدفاع المشترك لتفعيل القيادة العسكرية الموحدة بعدما أصبح المجال العسكري والدفاعي هو الأهم في ظل التحديات بالمنطقة. حيث بدأت دول الخليج ترسم خياراتها العسكرية لمواجهة خطر الصواريخ الإيرانية، وهي تتجه نحو الحماية الذاتية الشاملة بقوات بحرية ودروع صاروخية، وهناك قلق إيراني من التقارب الأرجنتيني – الخليجي والتعاون في عدد من الأنشطة بينها النووية السلمية مع دول الخليج.

وقد قام درع الخليج بمناورات تقدمتها القوة السعودية في مساحة شاسعة شملت الخليج العربي وبحر عمان مرورا بمضيق هرمز، حيث أكدت القوات البحرية السعودية جاهزيتها لرد أي عدوان إرهابي في ممرات الملاحة الدولية. دول الخليج ومصر معنيتان بإعادة بناء جامعة الدول العربية خصوصا وأن الشد بين الحكومات والشعوب الذي أفقد الجامعة العربية الفعالية المطلوبة قد انتهى، وهي تدخل مرحلة جديدة من التحديات التي تواجه المنطقة.

تحتاج الجامعة العربية الجديدة إلى التعاطي مع المنظمات الدولية لمناصرة قضاياها المصيرية، خصوصا في ظل تأثير روسيا على توازن القوى في المنطقة، ويبدو أن أميركا تراجعت واختارت ألا تفعل شيئا لمواجهة الروس، ونجد كيري ينصح ترامب بعدم تغيير نهج أوباما في الشرق الأوسط، ما يعني أن هناك مخطط تقسيمي يطبق على المنطقة، ما جعل بريطانيا تصرح بأن سايكس بيكو هو الأفضل عندما تم تنفيذه وفق الواقعية السياسية، لذلك أصبح سائدا في المنطقة الخوف على الدولة ومنالدولة.

لذلك على مصر أن تنفتح على القيادات الخليجية الشابة التي انفتحت على جميع القوى الأعمق وعيا من التنظيمات التي تأسلمت لاحتكار الدعم الخليجي والتي هددت الأمن المصري في فترة من الفترات وتصدت تلك القيادات الخليجية لتلك التيارات ووقف مثل هذا الاحتكار الذي كان يهدد الأمن المصري، اندماج الأمن الخليجي، لا يعوضمتطلبات الأمن العربي احتياجه للأمن المشترك الخليجي المصري، بل إن أفغانستان تعول على دور السعودية في المصالحة مع طالبان بعدما عانت من الحروب الداخلية لذلك يمكن للتحالف الخليجي المصري أن يساهما في حلول سلمية في سوريا والعراق واليمن

 

مقالات ذات صلة

إغلاق