مقالات

ما الحاجة للحشد بعد داعش

على الرغم من انسحاب اتحاد القوى وعدم تصويت بعض الكتل الكردية، صوت مجلس النواب العراقي على قانون يعتبر الحشد الشعبي قوة رديفة ومساندة للقوات العراقية.
وبخلاف موقف رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الذي أيد القانون اعتبر تحالف القوى العراقية الذي ينتمي له سليم الجبوري “أن تشريع قانون هيئة الحشد الشعبي “طعن إضافي” لمبدأ الشراكة و”نسف” للعملية السياسية.

من جانبه اعتبر أسامة النجيفي نائب الرئيس العراقي، وزعيم ائتلاف “متحدون للإصلاح”، أن “إقرار قانون هيئة الحشد الشعبي، إخلال بمبدأ الدولة وإخلال بالتوازن في المؤسسات الأمنية ومحاولة لخلق أجهزة موازية للقوات المسلحة تشبها بدول أخرى وأنظمة أخرى” في إشارة إلى إيران.

لكن رئيس الوزراء وكتلة التحالف الوطني ورئاسة هيئة الحشد الشعبي كان لهما كلام آخر معاكس تماما لكتلة اتحاد القوى العراقية.

فقد أكد العبادي من جانبه أن “الحشد أصبح تحت القيادة المباشرة للقائد العام للقوات المسلحة”، واعتبر التحالف الوطني، التصويت على قانون الحشد الشعبي “خطوة وطنية”، تمهيداً للتسوية الوطنية، فيما اعتبر رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، إقرار قانون الهيئة ركيزة مهمة لوحدة واستقرار العراق.

والملفت في التصويت على قانون الحشد الشعبي إنه أولا لم يكن مدرجا ضمن برنامج حكومة العبادي وثانيا جاء بعد أكثر من عامين على تأسيس الحشد الشعبي، وثالثا كان بديلا لقانون الحرس الوطني الذي هو فقرة من فقرات برنامج حكومة العبادي، ورابعا، جاء على أبواب انتهاء عصر داعش والذي يُفترض أن ينهي مهمة الحشد الشعبي الذي تأسس لأجلها.

وعليه فإن السؤال هو ما هي الحاجة التي دعت لسن هذا القانون وقد انتهى داعش أو يكاد؟ ولماذا تأخر أكثر من عامين؟ ولماذا تم رفض قانون الحرس الوطني المدرج في أروقة مجلس النواب منذ عامين؟ ولماذا لم يتم التوافق عليه في عملية سياسية قامت على الدستور وعلى مبدأ التوافق السياسي؟

وهل كان القانون انقلابا على الدستور والعملية السياسية وعلى التسوية السياسية كما يقول اتحاد القوى؟ وما هي تداعيات هذا القانون محليا وإقليميا والعراق مقبل على مرحلة ما بعد الموصل؟.

ربما يكون سبب تأخر سن القانون هو حدوث معطيات جيوسياسة لم تكن متوقعة يوم تأسس الحشد الشعبي قبل عامين. وقد تكون استدارة السعودية وتركيا الإقليمية وتقاربهما مع أربيل ودخول العراق في رادارهم وانتخاب ترامب، ربما قد دفع التحالف الوطني “المدعوم إيرانيا” إلى استعدادت محلية وإقليمية أشار لها المالكي قبل أيام وبحضور العبادي حين قال “قادمون يا حلب ويا رقة ويا يمن”.

وقد أكد ذلك هادي العامري زعيم منظمة بدر حين قال إن “الأسد قد طلب من الحشد الشعبي القدوم لسوريا بعد الموصل” وقد جاءت السيطرة على مطار تلعفر وسن قانون الحشد بعدها لتمنح الأمر واقعية أكثر من السابق.

وهكذا فإن سن قانون الحشد الشعبي بدلا من الحرس الوطني قد يعتبر تأجيلا لأي استحقاق سياسي بعد الموصل وخطوة في طريق شعار “قادمون” العابر للحدود.

وإن صح ذلك فإن الحشد الشعبي قد أصبح ذراعا لولاية الفقيه في المنطقة بشكل رسمي. وقد يكون قد اصبح بديلا عن حزب الله في لبنان الذي قد يضمر دوره ربما في المرحلة القادمة خاصة بعد انتخاب عون. وان صح ذلك فان سن قانون الحشد قد يعد انقلابا ورصاصة رحمة للدستور والعملية السياسية.

وربما فتح قانون الحشد الباب ام سيناريو مشابه لسيناريو اليمن. وقد يكون قد فتح الباب لتهديدات قد تحصل ضد اربيل او ضد الجوار وتحديدا تركيا التي تدخلت في حلب وفي الموصل وقد قُتل لها قبل يومين ثلاثة جنود قرب الباب في حلب وتقول التحليلات التركية ان يد ايران ليست بعيدة عنها. واما السعودية فقد اعتادت فصائل الحشد الشعبي ان تهددها بين فترة واخرى بالويل والثبور وعظائم الامور.

لكن وجهة النظر الأخرى تقول ان تشريع قانون للحشد الشعبي قد جعله تحت سلطة القائد العام للقوات المسلحة لأول مرة ومن شان ذلك ان يرفع عنها توجهاتها السياسية ويضبط حركاتها الميدانية.

لكن واقع فصائل الحشد الشعبي المرتبطة بمرجعيات دينية موالية لولاية الفقيه تمنع ذلك. ثم الم يكن رئيس الوزراء هو وغيره من مسؤولي الحشد الشعبي يكرر دوما ان الحشد الشعبي هيئة تابعة للقائد العام. فماذا اضاف هذا القانون لارتباط الحشد الشعبي بالقائد العام للقوات المسلحة سوى انه فرض واقعا سياسيا جديدا بعيدا عن التوافق السياسي اضافة الى انه قد سمم أجواء التسوية السياسية التي يروج لها التحالف الوطني؟

لكن ماذا عن تداعيات قانون الحشد على معركة نينوى هل سيدخل الحشد الشعبي تلعفر والموصل باعتباره قوة رسمية ولا تستطيع تركيا الاعتراض؟ وهل سيتحمل الحشد الشعبي كل الانتهاكات التي ارتكبها بنص القانون من عامين والى اشعار آخر؟ كما يقول بعض الخبراء؟

وهل يتحمل جمهور التحالف الوطني الذي اقتحم الخضراء وصاح ايران برا برا ان يعود المالكي من الشباك رئيس وزراء قادم في انتخابات 2018 بسيف الحشد الشعبي بعد ان خرج من الباب أم ينتفض؟

وهل تتحمل كتلة اتحاد القوى كل هذا السحق السياسي وتخضع؟ ام تقنتص الفرصة فتعلق عضويتها في الحكومة والبرلمان وتفعل بعد تحرير الموصل ما فعله الكرد في 1992 بعد تحرير الكويت. خاصة وأن قانون الحشد قد شطر العراق عموديا الى شطرين شطر قريب من اربيل وآخر قريب من السليمانية.

وفي الوقت الذي يقول فيه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إن زمن خضوع العراق لسلطة واحدة قد ولى فإن التحالف الكردستاني وليس التحالف الوطني ربما اصبح بقانون الحشد الشعبي رمانة ميزان العراق القادم.

عمر عبد الستار

مقالات ذات صلة

إغلاق