الرئيسية

قراءة لقصيدة هل تذكرين ؟! لشاعر الأمة محمد ثابت بقلم الكاتبة والناقدة التونسية سعاد ثابت

شاعر الأمة محمد ثابت

قراءة لقصيدة هل تذكرين ؟! لشاعر الأمة محمد ثابت بقلم الكاتبة والناقدة التونسية سعاد ثابت

هل تذكرين ؟ للشاعر محمد ثابت قصيدة يسودها خطاب مباشر للحبيبة يدعوها إلى استحضار عشق انطفأ بريقه مع السنين الشاعر يذكر يعاتب يقسو ويلين محفزا ذاكرة الحبيبة عساها تستحضر زمن الوصل أيام كان الغرام رسمة على الجبين و كان الحب سهر الليالي و لحظات السنين العتاب يخفي رغبة في الحفاظ على هذا المخزون العاطفي مخزون مازال ينبض بالحياة في وجدان الشاعر أنا مازالت الذكريات تملأني و يحزنه تجاهل الحبيبة له ( تلونت تمردت

كم من المتضادات جمعت شتات القصيدة… وفاء و غدر صدق و کذب متضادات لونت الزمان فإذا هو أزمنة الماضي و قد كان زمن اللحظات الجميلة ذلك الحب الذي ملأ الليالي)

الحاضر و هو زمن الهجر والخيانة يقف فيه وفيا و تقف جاحدة

المستقبل و قد اختزله الشاعر في قوله (ستندمين) فالخيانة

عنده ذنب ستدفع الحبيبة ثمنه ندما و حسرة هو بناء درامي محكم ابتدأ بالحب و آل إلى فراق فإنذار بالندم

تعددت الأساليب لتعضد المعني في القصيدة و أبرزها التكرار الذي أضفى عليها إيقاعا موسيقيا تجاوز الزخرفة ليكون وسيلة ضغط و تأثير عاطفي من جهة و حزام أمان جمع مقاطع القصيدة من جهة أخرى و لم يقف التكرار عند الجمل و التراكيب ( هل تذكرين ؟ بل تعداها إلى جذور الكلمات حديثنا حدثا صلى الصلاة و هو تكرار ضاعف من تنغيم القصيدة وقربها إلى سمع القارئ رغبة منه في إشباع كل حواسه كما طال التكرار أيضا الحروف و أبرزها حرف ( الهاء) هذا الحرف الضعيف المهموس الرخو المنفتح و لعلها صفات تعكس ضعف الشاعر أمام ماضيه و مشاعره الضمير في القصيدة هو المحرك للأحداث في تجاذبها بين الماضي والحاضر فضمير أنا وفيت لا أفسر) و هو الذي لا ينثني من جهة و هي ( تلونت و أنت لا تنكري) من جهة أخرى هو صراع المشاعر صراع الوفاء و الخيانة المعجم كان في علاقة بغرض الغزل () و لكن ما يلفت الانتباه حضور المعجم الديني ) صلاة خشوع توضأ و كأن الشاعر أراد أن يدغدغ به إيمان المتلقي ويُشرع به للحب فالحب حلال و لا حرج على المؤمن أن يعشق و أن يتلذذ حلاوة الحب أو أن يكتوي بناره فالعشق طهر عشق توضأ و هو عنده نوع من العبادة

و لا نستغرب حضور المعجم الديني في هذه القصيدة فلطالما كان الشاعر محمد ثابت وفيا له و هو كالعادة حضور لا يقطع مع غرض القصيدة بل يتلاحم به

الصورة الشعرية في شعر محمد ثابت ألبست المعنى نوعا من التفرد والخلود عشقا توضأ بالحنين) (على جدار الصمت كان حديثنا لقد أعطى التشبيه و أعطت الاستعارة النص أبعادا صوفية وروحية تشبع حواس المتلقي و تشده إلى القصيدة كذلك الكناية جمع الثريا في هواه هي كناية عن الرفعة أضفت على الحب قيمة النبل و السمو

القصيدة كانت قصيدة التنوع في الأساليب وشت المعنى و ابتعدت به عن السطحية و لم تكن مجرد زخرفة على سطح الحدث الشعري بل تضرب في عمقه و تضاعف الإحساس بالمعنى لدى القارئ

لقد كانت قصيدة هل تذكرين ؟ رسالة محملة برغبة في عدم إسدال الستار على تجربة إنسانية وجرها نحو الخلود

فالشاعر لم يكن مجرد عاشق بل صاحب موقف يرتقي بالحب من كونه لحظة عابرة ليجعله قيمة إنسانية تستحق البقاء و إن تغيرت الظروف أو خان الحبيب و رغم شعور الإحباط و الحسرة على الماضي و ما فيه من حب وحنين إلا أن الشاعر انتهى قويا مهددا متوعدا (ستندمين فالحضيض لها و الثريا له

بقلم الكاتبة والناقدة

سعاد ثابت ٠ تونس

—-

هَلْ تَذْكُرِينْ ؟؟؟ قصيدة لشاعر الأمة محمد ثابت

—————–

هَلْ تَذْكُرِينَ حَبْيبَتي ؟

هَلْ تَذْكُرِينْ ؟

هُوَ ذلك الْحُبُّ الَّذي

مَلَأ اللَّيَالي والسِّنِينْ

وَعَلى جِدَارِ الصَّمْتِ

كَانَ حَدِيثُنَا

حَدَثًا عَظِيمًا بَعْدَهَا

صَارَ التَّخَاطُرُ

مِنْ عُلومِ الْكَوْنِ فَنّاً رَائِعًا

لِلدَّارِسِينْ

هُوَ ذلك الْقَلْبُ الشَّجِيُّ

وذلك الْحُبُّ الضَّنِينْ

هَلْ تَذْكُرِينْ؟؟

عِشْقًا تَوَضَّأَ بالْحَنِينْ

وإذا تَوَجَّهَ لِلصَّلاةِ

إذا بِهِ

صَلَّى صَلَاةَ الْخَاشِعِينْ

وَكَأَنَّهُ

مِنْ آلِ بَيْتِ الْمُخْلِصِينْ

أَنَا ذلك الَّرجُلُ التَّقِيُّ

وذلك الْعِشْقُ الدَّفِينْ

لَا تُنْكِرِي

ذاكَ الزَّمَانَ

وَلِلْأَمَاني تَقْتُلِينْ

هذا الْغَرَامُ عَلَى جَبِيني

لَا يَضِلُّ ولا يَلِينْ

هَلْ تَذْكُرِينَ حِكَايَةً ؟

تُرْوَى لِكُلِّ الْعَالَمِينْ

حَدَثًا عَظِيمًا

فِي زَمَانِ الْغَدْرِ

أَنْ أَبْقَى وَفِيًا

مِثْلَ كُلِّ الطَّيِّبينْ

وإذا تَقَلَّبَتِْ الْقُلُوبُ

فَكُنْتُ شَيْخَ الْمُلْهَمِينْ

مَهْمَا تَبَاعَدتِْ السُّنونُ

يَظَلُّ قَلْبي بِالْيَقِينْ

هَلْ تَذْكُرِينْ ؟؟؟

وسَتَعَلمِينَ مَنِْ الَّذِي

لا يَنْثَنِي

وعَلَى طَرِيقِ الْحُبِّ

قَلْبِي ثَائِرٌ لا يَسْتَكِينْ

مَاذَا عَلَيَّ إِذا وَفَيْتُ

حَبِيَبتِي زَمَنًا

وَقَدْ ولَّى زَمَانُ الصَّادِقِينْ

أَنَا لَا أُفَسِّرُ مَا جَرَى

بَيْنِي وَبَيْنَ الْخَائِنِينْ

تِلْكَ الَّتِي لَبَثَتْ ثِيابَ الْوَاعِظِينْ

وَتَلَوَّنَتْ وَتَمَرَّّدَتْ

ولَبِئْسَ مَثْوَى الْكَاذِبِينْ

عُذْرًا إذا خَابَ الرَّجَا

وَسَتَنْدَمِينْ!!!

وسَتَعَلمِينَ مَنِْ الَّذي

جَمَعَ الثُّريَّا في هَوَاهُ !!!!!!!

وَمَنِْ الَّتي

كَانَ الْحَضِيضُ جَزَاءَهَا

وسَتَذْكُرِينْ!!!!

—–

قصيدة لشاعر الأمة

محمد ثابت

مؤسس شعبة شعر الفصحى باتحاد كتاب مصر

مؤسس نوادي الأدب بإقليم شمال الصعيد الثقافي

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق