أخبار عالميه

الدكتورة شيرلي فاسو صارت تاريخا

كيرالا : الدكتورة شيرلي فاسو التي توفیت اليوم من أشجع النساء اللواتي عرفتْهن كيرالا. فقد سطَّرت اسمها في سجلّ التاريخ بوصفها أولَ امرأةٍ متخصِّصة في التشريح الجنائي (الطب الشرعي) في الولاية، وكرَّست حياتها لمواجهة أبشع صور الجريمة والظلم، ووقفت بصلابةٍ نادرة أمام قسوة الواقع.

في إحدى المرّات، أُجري معها حوار صحفي لمجلّة «مادهيامام» الأسبوعية داخل غرفتها الصغيرة الملحقة بالمشرحة. وكان في الغرفة المجاورة يُجرى التشريح، فيما يترقّب ذوو الضحايا في الخارج أجساد أحبّتهم التي سُجِّيت وارتُقِيَت بخيوط الجراح.

تحدَّثت الدكتورة شيرلي يومها عن جريمةٍ مروِّعة، حين اضطُرّت لإجراء التشريح على جثمان طفلةٍ نازحة، وقعت ضحية اغتصابٍ وقتل على طريق «ماوور». وما إن ذكرت تفاصيل تلك اللحظة حتى انفجرت بالبكاء كطفلة. قالت بصوتٍ متهدّج:
«لم يكن على جسدها النحيل أثرُ قطعةِ قماشٍ واحدة…»
وكانت عبارتها المأثورة التي كثيراً ما ردّدتها:
«لسانُ الميّت هو جرّاحُ الشرطة» — في إشارةٍ إلى أنّ جسد الضحية هو الشاهد الأصدق على ما جرى له.

وذات يوم، دخل عليها بائع يانصيب. ناولته مئة روبية، وقالت له: «أنا لا أشتري التذاكر…»، ثم أضافت جملةً ظلّت تُروى عنها دائماً:
«لا أريد مالاً ليس لي».

لقد غادرت شيرلي فاسو الحياة، لكنّ سيرتها ستبقى حيّة، شاهدةً على شجاعةٍ استثنائية وصدقٍ نادر، وعلى امرأةٍ اختارت أن تكون صوتاً للضحايا الصامتين.
إنها صفحة مشرقة في تاريخ كيرالا، واسمٌ لن يُمحى من ذاكرة العدالة والطب الشرعي.

إغلاق