شعر وشعراء

الحضارة شعر / جواد يونس

من وحي تساؤل للأستاذ محمد البياسي عن معنى الحضارة
===========
الحضارة

يَظُنُّ الْغَرْبُ قَدْ بَلَغَ الْحَضارَهْ *** وَمْنْها لَمْ يَنَلْ إِلّا الْقُشارَهْ

فَلا يَبْني الْحَضارَةَ غَيْرُ دينٍ *** جَنى مَنْ يَسْتَظِلُّ بِه ثِمارَهْ

فَما نَفْعُ التَّمَدُّنِ دونَ خُلْقٍ *** قَويمٍ في دُجى الدُّنيا مَنارَهْ؟

وَما نَفْعُ الْعُلومِ إِذا اسْتَحالتْ *** سِلاحًا يَهْدِمونَ بِهِ الْحَضارَهْ؟

وَما نَفْعُ الْفُنونِ إذا تَعَرَّتْ *** مِنَ الْأَخْلاقِ مُذْ صارَتْ تِجارَهْ؟

وَما نَفْعُ الرِّواياتِ الَّتي كَمْ *** تَعَمَّدَتِ الْبَذاءَةَ وَالْإِثارَهْ؟

فَذي الْآدابُ كَمْ مَنَحوا دَعِيًّا *** جَوائِزَها وَلَمْ تَكُ عَنْ جَدارَهْ!

وَكَمْ جَعَلوا مِنَ الْإِلْحادِ فِكْرًا *** وَفَلْسَفَةً لِمَنْ رَفَضَ الطَّهارَهْ!

وَكَمْ قَتَلوا مِنَ الْأَحْرارِ فَذًّا *** يُقاوِمُ غاصِبًا يَحْتَلُّ دارَهْ!

وَكَمْ مِنْ جائِرٍ قَدْ نَصَّبوهُ *** وَحُكْمٍ ظالِمٍ مَنَعوا انْهِيارَهْ!

وَكَمْ نَهَبَ الْخَنا ثَرَواتِ شَعْبٍ *** لِغَيْرِ اللهِ لا يَشْكو افْتِقارَهْ!

سَلوا مَنْ نَظَّروا لِلْغَرْبِ دَهْرًا *** أَلَمْ يَرَ مُبْصِرٌ مِنْهُمْ عَوارَهْ؟

سَلوا مَنْ فيهِ قَدْ عاشوا سِنينًا *** أَيَرْضى في لَظى الْفُحْشِ انْصِهارَهْ؟

عَرَفْتُ الْغَرْبَ مُجْتَمَعًا لَئيمًا *** بِهِ لا يَعْرِفُ الْإِنْسانُ جارَهْ

وَكَمْ هُدِمَتْ بِهِ أُسَرٌ فَأَمْسى *** كَمَلْجَأِ يُتَّمٍ هَدَموا جِدارَهْ

سَلوا نَغْلًا يُبيحُ زَواجَ أُنْثى *** بِأُنْثى، كَيْفَ قَنَّنْتَ الدَّعارَهْ؟

وَكَيْفَ غَدا اللِّواطُ حُقوقَ مَرْضى *** لَهُمْ وَجَبَ الْعِلاجُ بِلا اسْتِشارَهْ؟

وَكَيْفَ الْغيدُ تُعْرَضُ في النَّوادي *** عَرايا مِثْلَ أَحْذِيَةٍ مُعارَهْ؟

وَكَيْفَ تُقامُ أَعْيادٌ جَهارًا *** بِها تُفْتَضُّ لِلْغيدِ الْبَكارَهْ؟

بُهِرْنا بِالتَّمَدُّنِ دونَ وَعْيٍ *** وَفَضَّلْنا الْقُشورَ عَلى الْعُصارَهْ

لَهَثْنا دونَ إدْراكٍ وَفَهْمٍ *** وَراءَ حَداثَةٍ مِثْلِ (الْفُشارَهْ)

هَدَمنا جَوْهَرَ الْإِنْسانِ فينا *** وَلَمْ نَعْلَمْ بِمِقْدارِ الْخَسارَهْ

وَأَبْدَلْنا بِشَرْعِ اللهِ عُرْفًا *** نُقَلِّدُ فيهِ أَرْبابَ الْقَذارَهْ

وَلَمْ نَأْخُذْ بِأَحْسَنِ ما لَدَيْهِمْ *** وَلا مِنْ عِلْمِهِمْ نِلْنا أَثارَهْ

نَسينا في مآسينا عُصورًا *** بِها أَبْدى بِنا الْغَرْبُ انْبِهارَهْ

وَما ذاكُمْ سِوى مِنْ فَضْلِ رَبٍّ *** أَعَزَّ بِدينِهِ مَنْ خافَ نارَهْ

فَقَبْلَ مُحُمَّدٍ كُنّا رُعاعًا *** وَبِـ(اقْرَأْ) أَعْلَنَ الْجَهْلُ انْحِسارَهْ

وَكانَ بِنوقِهِ الْعَرَبِيُّ يَزْهو *** فَصارَ بِعِلْمِهِ يُبْدي فَخارَهْ

وَصِرْنا بِالْعَقيدَةِ خَيْرَ قَوْمٍ *** وَبِالْإِسْلامِ قَدْ حُزْنا الصَّدارَهْ

فَذي كُتُبُ الْجُدودِ كُنوزُ بَحْثٍ *** وَكَمْ دُرَرٍ لَنا خَبَأَتْ مَحارَهْ!

وَذي الْحَمْراءُ فَاسْأَلْ مَنْ بَناها *** مِنَ الْأَفْذاذِ عَنْ فَنِّ الْعَمارَهْ

وَسَلْ عَنْ عَدْلِنا لَمّا مَلَكْنا *** وَأَعْلَنَ دينُنا الْحَقُّ انْتِصارَهْ

وَسَلْ مَنْ آمَنوا مِنْ دونِ حَرْبٍ *** وَقَدْ لَمَسوا الْأَمانَةَ في التِّجارَهْ

فَعودوا يا بَني قَوْمي لِدينٍ *** يُعِيدُ لِكُلِّ مَنْ ظُلِمَ اعْتِبارَهْ

فَبِالْإيمانِ نَرْجِعُ خَيْرَ قَوْمٍ *** نُعُلِّمُ مَنْ طَغى مَعْنى الْحَضارَهْ

الظهران، 17.10.2016 جواد يونس

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق