مقالات
حياة بلا قلق٠ كتاب لشاعر الأمة محمد ثابت ٠
إن القلق لا شك هو السوس الذى إذا رمي به فى بذرة الإنسان لا يتركها على حالها فيظل ينخر في بنائه حتي يجعله ينهار ويتداعى ويقضي عليه فلماذا يقلق الإنسان ؟ هل الإنسان يقلق على الرزق ؟ أم الوظيفة ؟ أم المستقبل أم فتاة يتزوجها ؟ كل هذه الاسئلة أجاب عنها حبيبنا المصطفي صلى الله عليه وسلم عندما قال لابن عباس
” احفظ الله يحفظ .. احفظ الله تجده تجاهك .. اذا سالت فاسال الله واذا استعنت فاستعن بالله . واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشئ لم ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك . رفعت الأقلام وجفت الصحف ”
وفي رواية اخري زيادة هي:
” واعلم ان ما أصابك لم يكن ليخطئك وان ما أخطأك لم يكن ليصيبك ” فعلام يقلق الانسان ؟ وكل مصيره مرتبط بيد الله وأن الله هو الذى خلقنا ونحن عباده فكيف يهيننا ؟ وكيف يغفل عنا وهو الكريم الرزاق أليس هو القائل
عز وجل ” لا تخف من ذى سلطان أو ملك مادام سلطاني وملكي لا يزول. لا تخف من فوات الرزق مادامت خزائني مملوءة لا تنفد ” حقا .. حقا .. حقا يا مولاي يا واحد يا احد يا رازق يا وهاب يا منتقم يا جبار يا معز يا مذل . لماذا نقلق بعد هذا الكلام الجميل الذى صدر عن رب العزة سبحانه وتعالي كيف نقلق والرزاق موجود الذى يرزق البشر منذ ملايين السنين الذى يعطيهم طعاما واموالا ولم تنفد خزائنه أليس هو الرزاق ؟ اليس هو الوهاب ؟ اليس هو الكريم ؟ وقد قال العلماء ان القلق على الرزق ربما يقود إلى الشرك والكفر لان مادام الله موجودا لا يجب على البشر إلا السعي والأخذ بالأسباب ثم يرزق الله من يشاء .
لا يوجد بيننا من لا يستبد به أحساس القلق فى فترة من فترات حياته؛ سواء كان القلق على فقدان حبيب أو قلق الأم على أولادها والطالب على نتائج الامتحان والفنان على نجاح عرضه وفقد شهرته والتاجر على ركود بضاعته والخوف من الإصابة بالامراض والخوف من فقدان الرزق ومن ضعف الإيمان وقد يكون القلق لأشياء أبسط من ذلك مثل تغيير الأماكن أو الوظيفة . والقلق يعتبر حالة نفسية تسيطر على الانسان وتجعله فى حالة من الترقب والخوف من المجهول دون دليل على ذلك وهو يستبد بالمشاعر ويترتب عليه كثير من الضيق والألم وعدم الارتياح ويتسبب فى إصابة صاحبه بأعراض عضوية كثيرة من حموضه فى المعدة وارتفاع ضغط الدم ونهجان وسرعة ضربات القلب وسواء كان القلق وليد لحظة طارئة أو مزمنا فان تجنبه قدر الإمكان ضروري للتمتع بالحياة .
بشكل بسيط وللبعد عن الأمراض التي يسببها وهناك طرق كثيرة للتخلص من القلق أهمها الإيمان بالله وقد تحتاج الحالة الى زيارة الطبيب.
ويقول الدكتور” احمد عكاشة” رئيس أطباء نفس العالم ان هناك نوع يسمي القلق الطبيعي وهو مفيد مثل القلق من الامتحانات وما قبل الزواج او قبل القيام بعمل مبدع أو القلق لتحقيق إنجاز وهذا النوع من القلق يقود صاحبه الى الإتقان فى العمل ولكن إذا كان القلق يساعد على تحقيق الإنجاز الا ان زيادته عن حد معين تعمل على تعويق الإنجاز وفي هذه الحال يسمي ( قلقا مرضيا) والقلق النفسي العام أو اضطرابات القلق فى الطب النفسي تشمل عدة أمراض منها القلق النفسي العام ـ والخوف أو الرهاب ـ خوف اجتماعي أو من الإماكن المتسعة أو الضيقة ـ أو من الحيوانات ـ الزلازل ـ او (القلق الأكتئابى) وهو المصاحب لاعراض الاكتئاب بالإضافة إلى اضطراب الهلع وهذا نوع من أنواع القلق الحاد .. وقلق الإجهاد وقلق الفزع والوسواس القهري يصنف تحت اضطراب القلق فى التقسيم الأمريكي ولكن فى التقسيم العالمي غير ذلك . والقلق النفسي هو اكثر انواع القلق انتشارا فى العالم وهو يعرف بالخوف او الرهاب وهو يصيب الانسان فى اى مرحلة من مراحل حياته بنسبة 10% من مجموع اى شعب القلق النفسي العام من 3- 5 % والهلع
من 1 – 2 % ويتساوي القلق بين الرجال والنساء بعكس الاكتئاب فهو فى النساء ضعف الرجال وأسباب القلق النفسي متعددة ومنها الاستعداد الوراثي؛
والبيئة تعزز او ت ضعف هذا القلق فإذا كان الشخص مولودا ولديه استعداد لذلك وكان والده أو والدته لديها قلق شديد فلا شك أن هذا سوف يؤثر فى ظهور القلق عنده ٠
وأهم أعراض القلق هو الترقب غير المريح طوال الوقت والخوف من الأمراض مثل القلب أو السرطان والجنون والإيدز والزهايمر ولكن أهم أعراض القلق هي التي تظهر من أجهزة الجسم التي تتغذى بواسطة الجهاز الدوري سوف يترتب عليه ظهور نفس أعراض الإصابة بأمراض القلب من زيادة فى ضغط الدم والآم فى الناحية اليسري من الصدر وعدم انتظام ضربات القلب والقلق يسبب الاما فى الظهر و الكتف وصداع ودوخة والتوتر أو الغضب او الإجهاد كل ذلك يسبب صداعا يسمي صداعا نفسيا وهذا هو القلق النفسي والقلق يؤثر على الجهاز البولي التناسلي فيجعل التبول متكررا أو يحدث له احتباس ويمكن ان يسبب برودا جنسيا للمراة او سرعه القذف للرجل كما يؤثر على الجهاز الهضمي ويسبب حموضة أو انتفاخا أو إمساكا أو إسهالا ويؤثر على الجهاز التنفسي فيسبب إحساسا مستمرا بالنهجان وسرعه التنفس والإغماء فلا يوجد جهاز فى الجسم لا يتأثر بالقلق و 40% من المترددين على الأطباء بكل تخصصاتهم يشكون من هذه الأعراض ولكنهم لم يشخصوا بشكل دقيق لأن تشخيص القلق يحتاج الى وعي والمشكلة تكمن فى ان كل الناس تتعرض لكروب الحياة المختلفة ويكون تاثيرها فى شكل القلق النفسي وهذا يؤثر على أجهزة الجسم العضوية ووجود القلق بصفة مستمرة والكرب يمكن ان يؤدي الى تلاشي الحماية للجهاز العصبي للقلب وهذا يؤدي الى التصاق الصفائح الدموية وضيق فى الشرايين التاجية وأصبح من المؤكد ان القلق والتوتر والإكتئاب يزيد من احتمال الوفاة بين المصابين بامراض القلب الى خمسة مرات كما ان الجماعه المعرضين للاكتئاب أكثر عرضة لجلطات القلب من هؤلاء الذين لا يوجد لديهم هذا المرض وكل ذلك يوضح العلاقة الشديدة جدا بين القلق والكرب وبين أمراض القلب والمناعة .
وأحساس القلق اذا لم يعالج يستمر مدي الحياة فتجد الام لديها قلق وخوف على أولادها فاذا ضرب جرس التليفون تتوقع مباشرة أن سوءا قد حدث لأحد أولادها أو الطفل الذى يشعر بقلق دائم بسبب الافتراق عن أهله وهذا يسبب له التعلثم والتبول اللا إرادي والقلق من المنافسة بسبب قدوم أخ له وما يترتب عليه من توزيع الحب بين الأبناء ٠
ويمثل الهلع أحد أشكال القلق وهو عبارة عن أداء جاد جدا يصل الى ذروته فى خلال دقيقة أو ثلاث وعندها يشعر الإنسان بالاختناق وسرعه التنفس وتنميل فى كل الجسم وأنه سوف يموت فى الحال وتعتبر الوراثة أحد أهم أسباب الإصابة بهذه الحالة فتحدث تغيرات فى الموصّلات العصبية فى المخ وهي تفرز مادة اسمها (نوراد رنيالين ) من مركز الجسم الأزرق فى جزع المخ وهذه المادة تحدث تنبيه للجهاز العصبي اللا إرادي ويتسبب بتلك الأعراض السالف ذكر فالهلع عبارة عن قلق حاد ويتكرر مرتين او ثلاث فى الأسبوع أو الشهر .
ويقول الدكتور / عكاشة – إن القلق له علاج يكون عادة معرفيا أو سلوكيا عن طريق تمارين خاصة للتنفس لتقليله وهناك بعض العلاجات بالأدوية الحديثة وكان فى الماضى يعتمد على مهدئات ومطمئنات لتحقيق القلق وكانت تسبب الإدمان ولكن الآن هناك بعض مضادات الاكتئاب والتي لها دور كبير فى علاج القلق النفسي بشكل جذري ولا تتسبب فى الإدمان ولكن يجب الاستمرار عليه لمدة طويلة تصل الى سنوات حتي تقل الافرارازات التي تخرج من الجسم الأزرق هذا بالإضافة إلى البحث فى الأسباب النفسية وراء القلق وعن طريق العلاج النفسي والمساندة والمواساة والوقوف بجانب المريض .
ومن القصص التي قراتها وتتحدث عن مدي انتشار مرض القلق النفسي بين الشباب قصة شاب يروي قصته فيقول
انا شاب أعاني من القلق النفسي والهلع أفكر كثيرا فى الموت وتنتابني حالات هلع مصحوبة ببعض الأعراض النفسية والجسدية مع وجود وجع شديد فى الأسنان ومرارة فى الحلق وتنميل فى جسمي كله وذهبت الى أحد الأطباء النفسيين وقال لى إني أعاني من مرض القلق النفسي والهلع وأتعالج منذ حوالي خمسة أشهر على الأدوية وكنت متدين لدرجة كبيرة وفجاة أتاني هذا الإحساس وكان يأتيني وأنا أقرا القرآن أو فى صلاة الفجر لدرجة أنني لا أستطيع الصلاة بسبب هذا الموضوع مع أنني أعيش مع أسرتي ووالدتي وأخواتي منذ الصغر وأنا أخاف النوم بمفردي حتي الآن وتنتابني هذه الحالة خاصة فى الصباح بعد الاستيقاظ او عند دخول المنزل وفي المساء وعند القلق من النوم . هذه قصة شاب ضحية وقع فى شباك مرض القلق النفسي فصار أسيرا فى شباكه فقد أفسد القلق النفسي صلاته وعبادته وجعله مشوشا منهوكا يتخبط فى دروب الحياة الوعرة وقال علماء النفس ان مرض القلق النفسي يجعل الشخص مخدرا منفصلا عن الواقع يكون في وادٍ والآخرون فى وادٍ آخر لأن المريض يكون قلقا ومهموما بأشياء أخرى تستحوذ على فكرة هو فقط وبذلك مرض القلق النفسي لا يقل خطورة عن المخدرات والإدمان لأنه يعطل طاقة الفرد ويجعل الفرد عالة على مجتمعه طاقة معطلة غير منتجة فى وقت نحتاج فيه بشدة لسواعد الشباب ألم يقل الصادق الامين رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم ( استوصوا بالشباب خيرا) فهم عصب الأمة وهم الذين يحملون السلاح ويزرعون ويبنون وبدونهم لا تقوم لهذه البلد قائمة ولا يشرق لها فجر أو شمس .
شاعر الأمة محمد ثابت
مؤسس شعبة شعر الفصحى باتحاد كتاب مصر