مقالات

ديوان لا تخجلي لشاعر الأمة محمد ثابت بقلم أحمد سويلم

من الصعب أن نلاحق محمد ثابت في إصداراته.
فهو شاعر له أكثر من ديوان .. وهو مهتم بالشعراء القدامى والمحدثين .. فأصدر على سبيل المثال:
ديوان الإمام علي .. ديوان الإمام الشافعي .. وروائع نزار القباني .. وغير ذلك من الأعمال الشعرية التي نكاد ننساها ولا نذكرها..
وهو مهتم أيضًا بالموضوعات الإنسانية والنفسية .. فكتب في التفاؤل والحب والزواج.. والقلق.. وجمال الحياة.. وهو كذلك يريد أن يضفي على وجدان القارئ بسمة لاتفارق شفتيه..
فيصدر نوادر جحا.. لهذا قلت من الصعب ملاحقته في إصداراته..
تلك الإصدارات التي جمعت بين الشعر – خالصًا – وبين لغة الشعر في الكتابة النثرية.. كما جمعت بين عظمة التراث وانتقاء جيد من المعاصر.. ومن ثم فنحن أمام متعة مزدوجة تتمثل في الموضوع المثير الطريف المؤثر.. وفي اللغة الشعرية الجميلة..
ونلاحظ أن عالم محمد ثابت لا يبرح الشعر وآفاقه.. والتراث وكنوزه.. والقلب النابض وتقلباته.. ورومانسية الرؤى وجمالياتها وهو يدقق كثيرُا في عناوين كتبه خاصة دواوين الشعر.. فهذا ديوان (العاشق المفتون) وهذا ديوان (عروس القمر) وهذا ديوان (لا تخجلي).
ونجد أنفسنا منجذبين بين عتبة العنوان إلى داخل عالم الشعر..
فهو في ديوان (العاشق المفتون) يذوب عشقًا في محبوبته.. لكن أيضًا يعيش حالات وتقلبات هذه العاطفة من اللقاء والوداع.. والأمل واليأس.. واليقين والشك.. والكبرياء والضعف.. إلى نهاية هذه الحالات التي تعتري العاشق المتيم يقول مثلاً:
ما زلت أحيا والهموم سدود
ودموع عيني بالبكاء شهود
أبكي على حب يعيش بخاطري
والنفس ثكلى والظنون جحود

وقد يعترض بعض المتنطعين على هذا الأسلوب الرومانسي المفتقد في عصرنا..
وهنا يجب أن نرد عليهم بأن الإنسان إذا لم يعش بعاطفته.. يصير حجرًا صلدًا بلا شعور.
إن هذا الشجن الشعري يمثل حزنًا دفينًا ربما على الواقع المعاصر الذي يسلب الإنسان إرادته ويفقده السعاده ومتعة الحياة.
أما ديوانه (عروس القمر)
فقد استطاع الشاعر أن يضئ طريقه بشموع قصائده.. وبعروس القمر المتجلية في السماء.. فهو يقول مثلا:
بيني وبينك في الهوى ما لا يقال
عجزت جميع الأسئلة
فالحسن في الشفةالجميلة لا يطال
والحزن في العين الكحيلة لا يطال
إنى أحبك فرحة
ما بين أوجاع الحياة
وهواك في عمري.. صباه
وجمال وجهك صورة
من صنع مولايه الإله..

لقد خرج الشاعر من قوقعة الحزن إلى فضاء رحب تحت القمر.. فرأى الحياة أجمل.. والحب أروع.. والفرح أبدع وأقوى من الإحساس بالأوجاع..

أما ديوانه الأحدث (لا تخجلي)
فهو استمرار للديوانين السابقين في معظم قصائده..
فالمرأة هى شغل الشاعر الشاغل.. تشغل باله وتؤرقه دائمًا.. وهو يسعى وراءها أحيانًا بالحب.. وأحيانًا أخرى بالكبرياء.. وتارة بالرفض واللامبالاة وتارة أخرى بالاحتواء.
لكننى أثبت ملمحًا للشاعر.. فهو يخرج من هذه الدائرة الرومانسيه إلى الحياة والفضاء الثقافي.. لأنه بشر يعيش مع البشر.. وعالمه ليس ضيقًا أو مهمومًا بالمرأة وحدها..
وهنا نقف أمام هذا الملمح الذي مهد له في ديوانه (عروس القمر) حيث يكتب قصيدة بعنوان (رسالة عاجلة إلى صلاح الدين الأيوبي) يقول فيها:
سقط القناع
وتملك العري الجياع
وتقدم الخنزير يعوي
في الفلا والليث ضاع
من ياترى يحيى عظام
من أرتضى موت السباع
وفي قصيدته الأخرى (هيا انتخب) يرصد النفاق والأكاذيب والضلال في عملية الانتخابات.. فيقول:
هيا انتخب
أنا فاسد .. أنا مرتشي
هيا انتخب
من أجلكم رشحت نفسي
إن الضلالة شريعتي
وإلى النفاق يسير دوما مركبي
وبالرغم من سخرية الاسلوب فهي ترصد حقيقة لا ينكرها أحد..
وفي هذا الديوان الذي بين أيدينا يستمر محمد ثابت ويسلط رؤيته على مثل هذه الأمراض الإجتماعية..
فنجد مثلاً قصيدته (مقهى العرب) وفيها يرصد تلك الثرثرات والأكاذيب التي تدور بالمقاهي بين المثقفين.. فيقول:
يبيعون الكلام على المقاهي
أم يبيعون الكذب
يبيعون النفاق بكل أرض
أم يبيعون العطب.
ثم ها هو يتناول الدنيا ويغوص في أعماقها ويخبرنا بما اكتشفه:
إنها الدنيا الفتية
كل ما فيها ضحية
نرسم الاحلام وهما
ثم نصحو في البلية
….

وهنا نحن أمام شاعر ينوع رؤاه وأفكاره بأنه مطالب أن يعيش الواقع حتى لو كان يرفضه ولا يقبله.. وأتمنى أن يزيد الشاعر محمد ثابت من هذه النظرات المؤثرة..
وأخيرًا .. لقد حاولت قراءة محمد ثابت في عالمه المتعدد المذاقات.. المتنوع الرؤى متمنيًا له كل التوفيق والتألق.

بقلم  : أحمد سويلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق