شعاع أمل يضئ ظلمة الغربة للمهاجرين في إيطاليا

سلسلة ( عرب ناجحون )

في قلب المجتمع الإيطالي المتنوع، حيث تعيش ملايين الأسر المهاجرة من مختلف أنحاء العالم، تبرز قصة نجاح مشرقة ترويها سيدة مصرية لم تكن مجرد مهاجرة، بل كانت شعاع أمل ينير طريق الحياة لمئات من الأسر العربية في إيطاليا. إنها أمل الفخراني، التي تمثل نموذجاً حياً للمرأة العربية الناجحة في المهجر، حيث قدمت العديد من المبادرات الاجتماعية والثقافية التي ساعدت في تعزيز اندماج العرب في المجتمع الإيطالي، ودعمت الأسرة العربية بكل ما تحتاجه من استشارات ومساندة.

البداية والتحدي

هاجرت أمل الفخراني إلى إيطاليا في العقد الأول من الألفية الجديدة لترافق زوجها، الذي سبقها إلى هناك. لم يكن الاندماج في مجتمع جديد أمراً سهلاً، لكنها بحسها الطموح وبعزيمتها القوية، تمكنت من اكتشاف المعالم الجديدة بسرعة وتعلمت اللغة الإيطالية وأتقنتها رغم مسؤولياتها الأسرية كأم وزوجة. كما قررت أن تكون لها بصمة خاصة في هذا المجتمع، وأن تثبت قدرتها كمرأة عربية مسلمة على النجاح في بلاد المهجر.

السعي نحو النجاح والتكامل

أمل لم تكتفِ فقط بتعلم اللغة والتأقلم مع المجتمع، بل قررت أن تنخرط في العمل التطوعي والمجتمعي، حيث انضمت إلى عدد من الجمعيات المجتمعية لمساعدة المهاجرين، ورصدت التحديات التي يواجهها العرب في إيطاليا، لاسيما في ما يتعلق بالعلاقات الأسرية وتربية الأبناء في بيئة ثقافية مختلفة. ولأنها تؤمن بأهمية صقل الخبرة بالعلم، أكملت دراستها في المعهد الوطني للتربية والإرشاد الأسري، وحصلت على ماجستير في الوساطة الأسرية والجنائية بتقدير امتياز.
تلك النجاحات والإنجازات كان وراؤها جندي مجهول، نصفها الآخر زوجها الذي تعتبره الفخراني الباعث الأول لنجاحها .

الإعلام والمبادرات المجتمعية

من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت أمل الفخراني صوتاً مؤثراً بين المغتربين العرب في إيطاليا. قدمت العديد من البرامج الإعلامية التي ناقشت قضايا الأسر العربية، مثل برنامج “خلف الأبواب المغلقة” و”صباح الأمل” عبر راديو العرب في إيطاليا. كما ساهمت في تأسيس أول منصة إعلامية متخصصة في شؤون الجاليات العربية في إيطاليا.

الترجمة والوساطة الثقافية

أمل لم تقتصر نشاطاتها على المجال الإعلامي فحسب، بل عملت أيضاً كمترجمة معتمدة لدى الشرطة والمحاكم، ووسيط ثقافي في مراكز علاج الإدمان والأمراض النفسية. وقد ساعدت بذلك على تعزيز الوعي بالقضايا الثقافية واللغوية بين المجتمع الإيطالي والجاليات العربية، كما قدمت دروساً في اللغة العربية لغير الناطقين بها في مراكز تعليمية وجامعات.

جمعية “الأسرة المثالية”

استجابة لاحتياجات الأسر المهاجرة في إيطاليا، أسست أمل الفخراني بالمشاركة مع أحد أبرز الناشطين المصريين في المجتمع المدني الإيطالي بشمال إيطاليا ،السيد أحمد أبو صوان جمعية “الأسرة المثالية”، التي تهدف إلى تقديم الدعم الاجتماعي والقانوني للأسر العربية في إيطاليا. الجمعية تساهم في مساعدة العائلات على الاندماج بشكل إيجابي في المجتمع الإيطالي، كما تقدم استشارات قانونية للأرامل والمطلقات، وتحل المشكلات الزوجية والأسرية.

التكريم المستحق

نتيجة لكل تلك الجهود والمبادرات الناجحة، منحتها منظمة “همسة سماء الثقافة الدولية” درع التميز والإبداع لعام 2024 تقديراً لجهودها الكبيرة في خدمة المجتمع العربي في المهجر. تكريم أمل الفخراني هو تكريم مستحق لامرأة قدمت الكثير لدعم الاندماج والتكامل الثقافي في المجتمع الإيطالي.

في الجزء الثاني من هذا المقال، سنستعرض الاحتفالية التي نظمتها الجمعية بمناسبة مرور عامين على تأسيسها، والتي شهدت نجاحاً كبيراً في مدينة كريمونا الإيطالية.