مقالات

واقع مشهود وأمل منشود (1)

د. محمد طلال بدران

هذه السلسلة يكتبها د. محمد طلال بدران – مدير دار الإفتاء والبحوث الإسلامية(48)
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
* في ظلّ ذكرى مولد الهادي البشير الأمة إلى أين؟

– تحتفل الأمم والشعوب في أيامها الوطنية وفي أيام استقلالها، وأيام تنصيب قادتها، وأيام انتصاراتها العسكرية، وأيام وفاة قادتها، وغيرها من المناسبات التي لا تُعد ولا تحصى، وتجد الناس في تلك المناسبات منشغلون بها كلٌ على طريقته وعلى أهمية المناسبة، وعندما نقول أن مولد الهادي البشير غيّر مجرى التاريخ الإنساني والبشري لا نبالغ في ذلك، وهذا يدعونا إلى التأمل والوقوف مليًا عند هذا المولد الشريف، والاحتفاء به والاستفادة من عملية التغيير الجذرية التي أحدثها هذا النبي الكريم على جميع الأصعدة والمستويات.
– الحقيقة
لقد كانت حقيقة الدنيا قبل مولده شيء ثم بعد مولده تحوّلت إلى شيئٍ آخر، ثمّ إنّ أكثر من تأثر بهذا المولد الشريف واستفاد منه هم أمة العرب، التي عزت بعد ذُل، وقوِيَت شوكتها بعد ضعف، وأُخرجت للناس بعد أن لم تكن أيَّ شيء، فأصبحت أمّة مُعلّمة للأمم، وأصبح قادتها مثالًا في كل شيء يستلهم منها كل ذي حاجة حاجته، في جميع مجالات الحياة، العقائدية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية والسياسية والاقتصادية والعلاقات الدولية، وغيرها من المجالات ولذلك استحقت الثناء من الله عز وجل حين قال: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه..﴾ ( آل عمران: 110) وذلك لأنها أصبحت أمة صاحبة رسالة، وصاحبة وظيفة، ومكلّفة تكليفًا ربانيًا بعملية التغيير في منظومة بُنية الفكر الإنساني برُمته.
– لقد كان الناس يعيشون في حالة تيه عقائدي وروحاني ومادي، وكل يعيش وِفق هواه وكيفما يرى، من غير ضوابط أو حدودٍ أو قيود، ثمّ انظر إلى ما كانت عليه الإنسانية قبل مولد الهادي البشير، ثم تأمّل كيف أصبح حالها بعد مولده وبعثته.
– لقد كان مولد الهادي البشير بمثابة الرحمة المُهداة إلى العالمين، وقد شهِدت بذلك جملة الأحداث المِفصلية والتاريخية، كما شهِدت بذلك النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، كما وشهد بذلك كلّ منصفٍ غير منحازٍ من البشر، قديمًا وحديثًا.
– أعتقد جازمًا أن حالة الإنسان العربي على وجه الخصوص وحالة الإنسان على وجه العموم في هذا الزمان لا تقل تشوّهًا عما كانت عليه قبل مولد وبعثة الهادي البشير ﷺ وكذلك لا أعتقد أن إنسان هذا الزمان يعيش في حالة استقرار وطُمأنينة، بل يعيش في حالة ضياع تام، وحالة إفلاس من أغلب المعتقدات السليمة ومنظومة القِيَم الحميدة، والأسئلة المطروحة في هذا المقام هي:
1- ما هي الأسباب التي أدت إلى تراجع جميع القِيَم الإنسانية؟
2- ما هي الأسباب التي أدت إلى حالة تشتت العرب وتفرّقهم وتمزّقهم؟
3- لماذا تراجع تأثير أمة الإسلام على جميع الأصعدة والمستويات؟
4- وهل هناك إمكانية بعثٍ من جديدٍ لهذه الأمة المنكوبة في هذا الزمان؟
– هذه الأسئلة وغيرها أضعها في هذه المقالة لنحاول الإجابة عليها بكل تجرّدٍ وواقعية في المقالات القادمة.

– صباحكم طيّب ونهاركم سعيد وجمعتكم مباركة مكللة بالنحاح والفلاح ثم بالصلاة على خير البشر محمد ﷺ.
– مقالة رقم: (1726)
17. ربيع الأوّل. 1446هـ
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صهيب)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق