مكتبة الأدب العربي و العالمي

مقبرة_السحرة الجزء الثاني

.إندهش الأستاذ خالد لما شاهد صورته التي كانت مقفولة بقفل نحاسي اصفر بين الاشياء التي عثر عليها في المقبرة وتلبد وجهه واحس ان جسده كله يترعد من رؤية هذا المنظر فقد ظل ممسكاً بصورته وهو يحاول ان يقرا الحروف والاشكال الغريبة التي كتبت بماء الزعفران على حافة الصورة

لاحظ عباس إضطرابه وتغير ملامحه وعلامات الخوف تاكد تخطف قلبه فإقترب منه  وسأله قائلا :مابك يا أستاذ خالد؟ ارى وجهك شاحب وعابث وانت ممسك بهذه الصورة هل وجدت فيها شيء يرعب ؟

ادار خالد صورة بإتجاه استاذ عباس وقال بصوت مبحوح ومتهدج : صورتي من بين الاشياء التي كانت مدفونة في المقبرة ! فتح عباس فمه من الدهشة وراح ينظر اليها غير مصدق فأمسك الصورة عن خالد وقربه اليه وراح يتأملها في ذهول وقال : فعلا هذا انت يا استاذ خالد من الذي جاء بصورتك الى هذه المقبرة ؟

لم يستطيع خالد ان يجيب عن سؤال صديقه عباس راح يتبادل معه نظرات الاستغراب دون ان يفهم سبب تواجد صورته في هذا المكان فاخذ عباس صورة صديقه خالد وتوجه بها الى إمام المسجد الذي يرأس جمعية التنقيب وقال له :حضرة الامام وجدنا صورة صديقي هذا بين الاشياء التي كانت مدفونة في المقبرة فما هو تفسيرا ذلك ؟

امسك الإمام صورة وراح يتأملها ثم اتجه بنظره الى وجه الاستاذ خالد الذي تجمد في مكانه من الذهول ولم يعد قادر على الوقوف ثم نطق إمام قائلا : لا حولة ولا قوة الا بالله ولا يفلح الساحر حيث أتى حسبي الله ونعم الوكيل

ثم نادى على الاستاذ خالد ان يتقدم اليه ويقترب منه فنهض خالد من مكانه وهو يمشي بصعوبة وكأن اقدامه تجمدت ووقف امامه وهو مقفهر الوجه فخاطبه الإمام قائلا : انت يا إبني وضعوا لك سحر التفريق والهجرة

والشخص الذي وضع لك هذا السحر يريدك ان تتخلى عن كل الأشياءالتي من حولك وتهجرها سواء  كانت الزوجة او الوالدين او العائلة فيبدوا ان الله سبحانه وتعالى قد كتب لك الشفاء من هذا العمل الخبيث

فالساحر قد ربطك سحر الصورة وهذا من أخطر انواع السحر فقد يدفع بشخص المسحور الى الموت او الانتحار او الجنون فنحن بعون الله سنبطله ولكن يجب تبحث عن الشخص الذي وضع لك هذا السحر وماهو غرضه من كل هذا ؟ فسأله الاستاذ عباس قائلا : وهل بعدما يفك سحر الصورة هل سيعاني من الاثر المترتب عليه في ما بعدا.
أجاب ان شاء الله لا ولكن يجب ان يشرب الماء المرقي الذي سنقدمه له اضافة إلى بعض نصائح الاخرى

التفت عباس نحو صديقه خالد وقال : هل عرفت يا خالد من الشخص الذي دخل الى منزلك واخذ الصورة هذه من هناك ؟
فأجابه خالد بقوله : هذه الصورة لم تكن في المنزل بل هي مأخذوه من صفحتي على الفيس بوك وقد نشرتها قبل اربع سنين في حسابي ولا تزال موجودة في ملف الصور

فنطق ألامام قائلا : هذا يعني يا إبني ان الشخص الذي وضع لك سحر التفريق هو واحد من أصدقائك على الفيس بوك ويعرفك جيدا ويعرف اسمك الكامل واسم والديك ويجب ان تحذف صورك او على الاقل تضع لها علامات الحماية ضد النسخ او نقل

فسأله خالد قائلا: هل يوجد هنا ساحر او مشعوذ معروف في هذه الدائرة
فأجابه الإمام في حسرة قائلا : للاسف موجود ولم نستطيع ان نتوصل اليه فهذا  المشعوذ الذي ينشط هنا خبيث جدا فهو يتعامل مع زبائنه عبر تطبيق فيس بوك او واتساب دون ان يكون عنده مكان محدد للقاء الزبائن

فكثير من المشعوذين قدأنشأوا  صفحات لهم في الإنترنيت يتواصلون بها مع زبائنهم فإذا بحثت عن حسابتهم في فيس بوك فستجد أسماء مستعارة كثيرة وكلها باسم شيخ روحاني او شيخ جلب الحبيب او شيخ العالم السفلي اما في العالم الواقعي تجدهم أشخاص طبيعيين جدا حتى لا يلفتوا الانتباه

ويصعب تحديدهم  لذلك نحن عاجزين عن الوصول اليه فذلك الدجال يعتبر نفسه تاجر السعادة لأولئك المساكين الذين يحلمون بالوهن معه فهو يدعي انه يجلب الرزق ويجلب الحبيب ويزوج العوانس ومطلقات ويشفي المرضى وكل هذا ماهو الا دجل وإفتراء

خرج أستاذ خالد وصديقه عباس من المقبرة وهم مذهولين لما شاهدوهم وسمعوه اليوم فلم يكن يصدق خالد ما يجري من حوله ولعل ذلك هو سبب الاساسي في عدم دوام علاقاته العاطفية وفشلها فهناك شخص ما يترصده ويحاول ان يبعد كل من حوله ويجعله يعيش في عزلة عن الجميع

أنا لا أتحدث عن الأستاذ خالد وإنما هناك الكثير من الناس لي كانت ضحية سحر أكثر من خالد أما بالنسبة للصور على الفيس بوك أو على الوتساب لن أتحدث أكثر كل ما ذكرته في هذا الجزء واضح ومفهوم ومن عاشه سوف يشعر بما حكيت

ذهب الأستاذ خالد الى محطة الحافلة حتى يعود إلى منزله وهو يفكر في ما حصل معه في المقبرة حتى وقفت الحافلة بجانبه وصعد بخطوات متثاقلة غير مكترس ما حوله وفي منتصف الطريق جاءت فتاة وجلست الى جانبه وخاطبته قائلة : سلام عليكم كيف حالك استاذ خالد ؟

رفع خالد رأسه الى مصدر الصوت فوجدها أحلام جارته السابقة التي كانت تسكن الى جانبه في الحي وانتقلت منذ فترة قصيرة الى حي اخر فأجابها قائلا : أحلام ماهذه الصدفة كيف حالك؟

فأجابته احلام مبتسمة: بخير سمعت انك قد انتقلت الى العمل في الثانوية بهذه الدائرة اليس كذلك؟!!
فقال الخالد على الفور: أجل انتقلت الى هنا منذ عام وانت ماذا تعملين ؟

انا اعمل ممرضة في مستشفى الدائرة منذ ثلاث سنوات فكما تعلم بعدما انتقلنا الى الحي الجديد لم استطيع ان اجد مستشفى قريبة مني فتم نقلي للعمل في هذه الدائرة

توقفت الحافلة وهم خالد بالنزول بعدما وصل الى الشارع الذي يسكن فيه فودع جارتهم السابقة ونهض واقفاً وفي تلك الاثناء خاطبته أحلام قائلة : بالمناسبة لماذا لم تعد تدخل الى حسابك على الفيس بوك انا صديقة معك منذ ثلاث شهور ولم تتواصل معي تعجب الأستاذ من كلامها وبدأت الوساوس في أفكاره وبدأ يتمتم في نفسه وقال هل يعقل ان تكون أحلام هي من فعلت ذلك ثم ما علاقتي بها حتى تاخذ صورتي من الفيس وتسحرها وتدفنها في المقبرة فانا بالنسبة اليها مجرد جار سابق ليس الا فطوال عمرهم كانوا يعيشون الى جانبنا ولم نرى منهم اي شيء

ثم كيف لم انتبه انها فعلا معي في قائمة الاصدقاء لالالا احلام لا يمكن ان تفعل ذلك ولا تربطني معاها اي علاقة سوى علاقة الجيران فهي انسانة هادئة وخلوقة فلا بدا ان هناك شخص اخر غيرها هو من فعل ذلك

دعني أعود الى ماضي قليلا وأبدا من أول خيط فانا اتذكر ان أول علاقة كانت مع أسمهان زميلتي في الثانوية السابقة فقد كانت أطول علاقة معها وكانت تفكيري بها بشكل جدي في تكوين الاسرة وبعد حادثة الإنفصال تأثرت كثيرة وانتقلت الى ثانوية اخرى وانقطعت اخبارها عني

منذ تلك المدة اصلا اسمهان كانت ضمن اصدقائي على الفيس بوك لما نشرت تلك الصورة واذكر انها قد علقت لي عليها  إضافة الى ذلك هي تعرف كل معلومات الكاملة عني فهل يعقل ان تكون هي من فعلها كل شيء وارد في هذا الزمن يا خالد وانا لن انتظر طويلا وسأذهب اليها بنفسي واتحرى في الأمر

في المساء خرج استاذ خالد متوجه الى الثانوية التي كان يعمل فيها مع زميلته السابقة أسمهان حتى يقابلها ويستفهم منها الامر وقف بالقرب من الباب ينتظر مرورها من هناك الى حين إنتهاء الدوام وخروج جميع الاساتذة وطلاب

ولكن إسمهان لم تكن معهم إستغرب في الامر واعتقد انها ربما لم تأتي هذا اليوم الى المدرسة او انها قد أنهت ساعات الدوام باكرا وبينما هو واقف يحاول ان يلمح اي اثر لها اذا بيد تمتد الى كتفه من خلفه وتضرب عليه فالتفت الى شخص الذي لمس كتفه فوجده صديقه أستاذ عباس فإستغرب من هذه الصدفة فسأله قائلا : استاذ عباس ماذا تفعل هنا؟

ضحك عباس من كلام صديقه خالد وقال : هل نسيت ان أختي فاطمة تعمل أستاذة في هذه الثانوية فانا هنا من اجل انتظرها حتى اوصلها للمنزل ولكن قل لي مالذي جاء بك انت الى هنا هل هي علاقة جديدة

فقال خالد محاولا إخفاء سبب الرئيسي الذي جاء من اجله وقال : لالا فقد إشتقت إلى زملائي السابقين في العمل وجئت لزيارة احدهم فكما تعلم قد بدأت أضجر من الوحدة والجلوس في البيت طويلا فقلت لنفسي أن اتي الى هنا لعلي أصادف بعض منهم

فسأله عباس قائلا بعدما احس ان كلام صديقه غير منطقي :
أ مازلت تفكر في موضوع السحر الذي وجدناه هذا الصباح في المقبرة وهل تعتقد ان الشخص الذي فعل ذلك هو واحد من اصدقاء الماضي لا انكر انني ايضا فكرت في ذلك وحين رأيتك تقف هنا قلت ربما جاء يبحث عن غريمه

أحس خالد ان عباس قد عرف في ماذا كان يفكر وانه لا جدوى من إخفاء الامر عنه فقال مصارحاً :أصبت ياصديقي عندي إحساس ان الشخص الذي فعل ذلك هو واحد من زملائي السابقين

إندهش عباس من كلام صديقه خالد وقال : ومن يكون ذلك الشخص برأيك ؟

سكت خالد بعض الشيء وراح يحاول ان يستجمع نفسه قبل ان يفصح عن الشخص الذي جاء للقاءه ثم قال :زميلتي السابقة أسمهان ان كنت تذكرها فقد كانت هي اول علاقة لي وهي الشخص الوحيد هنا من يعرف كل شيء عني

إستغرب عباس من كلام خالد وراح ينظر اليه مندهشا ثم قال : هل جننت يا خالد هل جرى لعقلك شيء حتى تفكر في ذلك أسمهان ماتت منذ العام الماضي هي وزوجها في حادث سيارة ..

عن قصص وحكايات العالم الاخر ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق