قبل بداية المدرسة تشعر بحركة غريبة بالسوق التجاري يخرج قماش المرايل من المخازن وكان يباع في الذراع وتخرج مسطرة البائعون في سوق شدوان بالزرقاء يقيس الأذرع وتبدأ ماكنات السنجر المنزلية تدرز وتخيط المرايل الولادية والبناتية ويبدأ بشراء الكلف والأزرار مثل محلات حواء ومرقة وجورج نعمة وغيرها وتسمع دربكات الماكينات بكل الحارة ، وكذلك يشتغل الحلاقون بنشاط وتكون الحلاقة على الصفر أو أفرنجي ….. ويتسلل شهر ايلول بخريفه النظر معلناً بدايات المدارس وتشاهد الأزدحام حول مكتبة السعادة والوطنية لشراء لوازم المدرسة من دفاتر وطوابع وورق تجليد وأقلام وبرايات ومساطر هنا دفتر للحساب وأخر للطبيعة وذاك للأنجليزي ودفتر الخط وأدوات الفن والغير ، وعلى بسطات محلات الأحذية يخرج البوط الصيني ذو الخط الأبيض لحصص الرياضة ويتم الأتجاه لمحلات بسيسو لشراء شورت او بلوزة ، كانت المدرسة بالزمانات مرتبطة بروائح وخاصة فاكهة الجوافة والتي تعلن برائحتها بداية المدرسة بعد عطلة طويلة وكذلك منظر البلح الأصفر المعلق على العربات ووصول البطيخ الحلبي بحجمة الكبير ، كانت للمدرسة مغناطيس يجذبني لها من خلال لسعة برد قادمة ايلولية او زخة شتاء تعطي رائحة رائعة تصنعها التربة وكذلك تجمع أهل البيت بقص أوراق التجليد وتجليد الكتب والدفاتر وألصاق الطوابع على زاوية كل دفتر مع ذكر الأسم والمدرسة ونوع المادة هنا تشعر بقيمة العائلة ونقاء زماننا وأيام كان كل شيء جميل . والحديث عن الماضي وعن الحياة الإجتماعية التي عاشها الناس وتحديداً في مدينة الزرقاء هو حديث ذات شجون وذكريات جميلة لاتنسى ، وتخزن الأذهان جزء من ذاك الماضي الجميل الذي كان وهجه يملأ الدنيا ضياء ، كان أول يوم مدرسة يوم أستلام الكتب الجديدة ويوم معرفة غرفة الصف يوم الكل يلبس الجديد والكل برنجي يلمع ويلصف ويضع بجيبه محرمة كروهات قماشية وحتى المعلمين والمعلمات يلبسون أبهى ما لديهم ندخل الصف وبطبشورة بيضاء يكتب المعلم جملة جميلة على اللوح وهي العقل السليم بالجسم السليم لذا كانوا أهالينا يرغمونا على شرب كاسة حليب وبيضة نيئة وحبات زيت السمك قبل الذهاب للمدرسة وكذا بكافة المدارس كانت وجبة غداء يومية تتكون من فاصوليا بيضاء بصلصة البندورة وبصحن ألمنيوم وملعقة وباكيت بسكويت سويسري كان يأتي معونات خاصة بعد حرب 1967 ورغيف خبز ……… يتبع