مكتبة الأدب العربي و العالمي
مقبرة_السحرة
في تمام الساعة السابعة والنصف صباحا وقف الاستاذ خالد على الرصيف في انتظار الحافلة لنقله الى الثانوية التي يعمل فيها كاستاذ لمادة الرياضيات في احدى الدوائر القريبة من المدينة . كان ينظر إلى الساعة بأستمرار ثم يتلفت إلى الطريق التي ستأتي منها الحافلة وقد أحس انه قد تأخر على غير عادته فهو يريد ان يصل باكرا دون ان يتلقى اي ملاحظات من مدير الثانوية التي لا يكف عن تدقيق في كل كبيرة وصغيرة
فقد انتقل الى العمل في هذه الثانوية منذ العام الماضي بعدما كان دائم التنقل بين الثانويات دون ان يفهم سبب ما يجري معه حتى علاقاته العاطفية كانت تفشل في اقل مدة ممكنة ، فقد دخل في خمس علاقات وفشلت ولم تدم اكثر من شهر والشيء الذي حيره انه كان ينسحب من تلك العلاقات بدون سبب معين فتبدأ العلاقات بشكل طبيعي ويبدأ في تعمق فيها من اجل فهم الطرف الاخر وحين يفكر في التقدم اليها بشكل رسمي تأتي اليه رغبة الانسحاب والتراجع من دون اي أسباب. . وصلت الحافلة اخيرا وركب في مقعد الخلفي وهو يحتضن محفظته الجلدية كأنه يخشى ان تختطف منه وكان أكثر شيء يكره في حافلات النقل ان يفتح الحديث مع الشخص الجالس الى جانبه فقد تعود أن يبقى صامت طوال الطريق وصل الى باب الثانوية متوجها مباشرة الى قاعة الاستاذة حتى يأخذ بعض دفاتره فوجد سميرة فتاة التنظيف منهمكة كعادتها في ترتيب الغرفة . كانت سميرة فتاة مجتهدة ومخلصة في عملها تأتي أول واحدة للمدرسة كل صباح وكانت مهمتها تنظيف قاعة الاساتذة والرواق الذي بجانبه اضافة الى قاعة المشرفين التربويين ملامحها توحي بانها اكبر من سنها مع انها لم تتجاوز سن الثلاثين نظراتها الجريئة اكثر ما يثير الانتباه فيها وما ان ابصرته قادم حتى توقفت عن العمل فخاطبته قائلة :صباح الخير استاذ خالد هذه أول مرة تأتي فيها مبكرا.
لم يهتم خالد لهذه الملاحظة ودخل مسرعا إلى خزانته وقال :
صباح النور هل رأيتي اين وضعت دفاتري البارحة تركتها هنا في دولاب الخزانة ولم أجدها
اخرجت سميرة مجموعة من دفاتر كانت موضوعة في درج احد المكاتب وقالت : هل تقصد الدفاتر ذات غلاف الازرق وجدتها البارحة ملقاة عند باب الخزانة فيبدوا انها سقطت منها او شيء من هذا القبيل
اخذ خالد الدفاتر منها وخرج مسرعا متجها الى قسمه وفي الساعة الثانية عشر بعدما اكمل حصصه الدراسية خرج متوجها الى منزله فصادفه في الطريق الى الباب زميله الاستاذ عباس فسلم عليه قائلا : كيف احوالك استاذ خالد اراك قد انهيت عملك مبكرا الى اين تود ان تذهب هل عندك مشوار مهم ؟ فخاطبه خالد قائلا : في الحقيقة لا يوجد عندي شيء مهم فقط انوي الذهاب إلى البيت بدون اي سبب اتعلم بدات احس بالضجر من الجلوس مع الناس وافضل الوحدة حتى رفقاء المقهى الذين كنت اذهب اليهم قطاعتهم ولم اعد اذهب الى هناك
ضحك استاذ عباس وقال :هذه من علامات العشق والانجذاب فأول خطواته ان تنطوي على نفسك مع شريك حياتك وتنعزل على العالم الخارجي .
فقال خالد في جفاء غير مبالي :عن اي عشق تتحدث يا رجل انا كرهت هذه القصص ولم يعد لي اي حظ فيها لدرجة انني احسست النحس يواكبني ولا نصيب لي فيه
رتب استاذ عباس على كتف خالد وقال : لا عليك يا صديقي فكل شيء قدر ونصيب على العموم ما رأيك ان تأتي معي في مشوار مهم حتى تتسلى قليلا وتخرج من جو الكآبة والخيبة التي تحبس نفسك فيها
فسأله خالد قائلا : الى أين ؟
أجاب الى المقبرة أريد ان ازور قبر اختي التي توفيت قبل عام فهذا اليوم يصادف الذكرى السنوية لوفاتها
لم يرغب خالد في الذهاب مع صديقه استاذ عباس لكنه أصر عليه ان يأتي معه فالمقبرة قريبة من مدرسة ولن يتأخرا في العودة ركب معه في سيارته وانطلق متوجها الى المقبرة وعندما نزلوا الى هناك لمح مجموعة من الأشخاص وهم يرتدو سترة صفراء وتنقب بين المقابر فسأل صديقه عباس عن من يكون هؤلاء
فأجابه قائلا : هذه جمعية تابعة لأحد المساجد في الدائرة وهي تقوم بحملة التنقيب عن السحر والشعوذة أعود بالله فالسحر منتشر كثيرا هنا وهذه الجمعية تتطوع كل شهر للقيام بهذه الحملة
توجه خالد مع صديقه عباس الى قبر اخت عباس وقرأو عليها الفاتحة وبعض آيات ثم توجهو خارجين من المقبرة فأبصر خالد اعضاء الجمعية مجتمعين حول صحن كبير من الماء وحوله رجل يبدو انه امام المسجد وكان يفتح الاوراق والاقفال وصرر القماش التي وجدوها ويضعها في صحن الذي كان به ماء مرقي لابطال عمل السحر
اثاره فضوله فأشار على صديقه عباس بالذهاب اليهم وإلقاء نظرة على مايفعلون وعندما لمحهم إمام المسجد يقفون امامه طلب منهم المساعدة في فتح الاوراق المسحورة وتقديمها اليه لرقيتها
وبينما كان خالد يفتح احدى قطع قماش قديمة وجد بداخلها قفل حديدي وصورة ملتفة بداخله وحينما اخرج الصورة ونظر اليها اذا به يشاهد شيء جعله يصاب بالفزع من منظره إنها صورته مقفولة بقفل نحاسي أصفر
#مقبرة_السحرة
عن قصص وحكايات العالم الاخر