ثقافه وفكر حرمنوعات

تابوت العهد

أطلق عليه اسم تابوت العهد عند اليهود، وتابوت داود أو تابوت الرب أو تابوت الشهادة عند المسيحيين، وتابوت السكينة عند المسلمين.
تابوت العهد هو التابوت الذي حفظت فيه ألواح العهد، وفقاً للرواية اليهودية، وقد تمّ وضع هذا التابوت داخل القدس في الهيكل – وفق الرواية اليهودية – وتابوت العهد مطليٌ بالذهب يزينه إطارٌ من الذهب.

المعجزات المنسوبة لتابوت العهد …….

وفق ما ذكرته التوراة فإنّ التابوت مرتبطٌ بالعديد من المعجزات، أول هذه المعجزات انفلاق مياه نهر الأردن لحظة دخول الشعب الإسرائيلي إلى أرض كنعان، وأيضا تتحدث التوراة عن أحداث خارقة ارتبطت بالتابوت كسقوط تمثال داجون أمام التابوت في أشدود، والطاعون الذي أصاب الرجال الذين لم يتعاملوا بقدر كافٍ من الاحترام مع التابوت، وموت عوزة جراء لمسه للتابوت أثناء هجرة التابوت إلى أورشليم، وغيرها من الروايات التي تسردها التوراة حول هذه المعجزات التي رافقت التابوت.

المكان الحالي للتابوت ……..

تقول إحدى الفرضيات بأن التابوت تم تهريبه من الهيكل إلى مصر، وتحديداً إلى مكانٍ يسمى بئر الأرواح، ويعتقد بأنه تم نقله من هناك إلى جزيرةٍ تقع على نهر النيل هي جزيرة الفنتين والتي تحتوي على معبد يهودا، وواصل التابوت رحلته ليستقر في كنيسة السيدة مريم في مدينة أكسوم في إثيوبيا.
قام بتسلال بن أوري بصناعة التابوت بناءً على أوامر النبي موسى؛ حيث يتكون من صناديق ثلاثة مفتوحة من الأعلى، وكل واحدٍ من هذه الصناديق داخل الآخر، حيث صنع الداخلي من الذهب، أمّا الأوسط فقد صنع من ذهب السنط، والخارجي صنع أيضاً من الذهب.
الحافة العليا للتابوت طليت بالذهب، ويبلغ طول التابوت ذراعين ونصف والعرض ذراعٌ ونصف. ترتفع حافة التابوت الخارجية عن الحافة الداخلية، أما غطاء التابوت الكافورت فهو عبارة عن لوحٍ ذهبيٍ سميكٍ عليه تمثالين من الذهب بحيث ينظر كل منهما باتجاه الآخر، أمّا جوانب التابوت تحتوي على حلقاتٍ ذهبية مثبتة بساندتين من خشب مطلي بالذهب.
آمنت الكنيسة الأثيوبية بأن تابوت العهد موجود في كنيسة مريم من صهيون في مدينة أكسوم، وقد وضع هذا التابوت تحت غطاءٍ سريٍ ثقيل، حيث يتم تعيين كاهنٍ عجوز يسمح له فقط بالدخول لرؤية هذا التابوت، ويذكر بأنّ صاحب هذا المنصب يُغيّر باستمرار بسبب تعرضهم لحالات وفاةٍ غير طبيعية، كما أنّ حراس التابوت يدعون بأنّ التابوت يُسبّب لهم أضراراً، وأجمعوا جميعاً بأنهم أصيبوا بضعفٍ في البصر فور توليهم حراسة التابوت ومشاهدتهم له. وفقاً للكتابات المقدسة في أثيوبيا فإنّ من قام بإحضار التابوت إلى أثيوبيا هو منليك الذي يشترك بالنسل مع الملك سليمان وملكة سبأ، والنسخة الأصلية هي التي أحضرت إلى أثيوبيا، أمّا النسخة المقلدة فقد تمّ إعطاؤها للملك سليمان، أما باقي كنائس إثيوبيا فهي تحتوي جميعاً على نسخةٍ مقلدة لهذا التابوت.

روايه اخري ……………..

جاء في الآية 248 من سورة البقرة: ” إنّ آية مُلكِه أن يأتيكم التابوتُ فيه سكينة من ربكم وبقيّة مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة …”.

عندما طلب بنو إسرائيل، قبل عهد داود عليه السلام، أن يجعل الله لهم مَلكاً يجمعهم، ويوحّد كلمتهم، ويقودهم في حربهم لأعدائهم، استجاب الله لهم، وجعل طالوت ملكاً عليهم، وجعل علامة اختياره أن تأتي الملائكةُ بالتابوت، الذي استولى عليه أعداؤهم. وهو صندوق فيه بقية من آثار آل موسى وهارون، عليهما السلام، توارثه الصالحون من بني إسرائيل. وعند عودة التابوت إليهم جعل الله فيه الطمأنينة لنفوسهم، التي بقيت مضطربة لفقده واستيلاء الأعداء عليه.

واضح في النص القرآني الكريم أنّ التابوت له قدسيّة، وعلى وجه الخصوص ما فيه من الآثار المتوارثة من عهد موسى وهارون، عليهما السلام. ونحن نعلم أنّ الله تعالى قد أنزل على موسى، عليه السلام، الألواح، والتي خطّت فيها الوصايا، وقد جاء في سفر الخروج، في التوراة الحالية: ” واجعل في التابوت الشهادة التي أعطيكها “. والمقصود بالشهادة، ما ورد في سفر الخروج أيضاً:” ولما فرغ من مخاطبة موسى على طور سيناء دفع إليه لَوْحَي الشهادة، لوحين من حجر …”. وقد ورد في سفر صموئيل أنّ أعداء بني إسرائيل قد سيطروا على التابوت هذا لمدة سبعة أشهر.

كلمة التابوت مشتقة من التّوب: وهو الرجوع، لأنه يُرجع إليه تكراراً لأخذ وإرجاع المُودَعات فيه. وعليه تكون اللفظة عربية، على قول الكثير من أهل اللغة. وقد ذكرت التوراة الحالية أنّ التابوت، المقدس عندهم، صنع من الخشب والذهب بأمر من الله تعالى. ويقولون إنّ طوله يبلغ متراً وربع المتر، أما عرضه فيبلغ 75 سم، وكذلك ارتفاعه. وورد أنّ بني إسرائيل كانوا يحملون التابوت ويتقدمون به أمام الجيش، فيكون ذلك دافعاً لهم للاستبسال، لثقتهم بالنصر بوجود التابوت. وقد ورد في أخبار الأيام الأول، من العهد القديم، على لسان داود، عليه السلام: “.. حتى نُرجع تابوت إلهنا، لأننا أهملنا طلب المشورة بواسطته منذ أيام شاوُل “. ويقصدون بشاوُل هنا طالوت المذكور في القرآن الكريم.

والتابوت عندهم من أقدس المقدّسات، وكانوا في البداية يضعونه في وسط خيمة، ثم أحضره داود، عليه السلام، حسب رواية العهد القديم، إلى (مدينة داود). وتقول الرواية إنّه عندما بنى سليمان، عليه السلام، الهيكل وضع التابوت في أقدس بقعة منه، وتسمّى ( قدس الأقداس ): وهي عبارة عن غرفة لا نوافذ لها، وتكون أعلى جزء في الهيكل، وهي محرابه. وهم يعتقدون أنّ روح الله قد حلّت في التابوت. وعندما تمّ تدمير الهيكل 586 ق.م على يد نبوخذ نصّر البابلي، فُقدت التوراة، وفقد تابوت العهد. ويبدو أنّه تمّ إحراقهما مع ما أُحرق من محتويات الهيكل. واللافت للانتباه أنّ سفر أخبار الأيام الثاني، من العهد القديم، والذي يُرجّح أنّه دوّن في القرن الخامس قبل الميلاد، والذي ينتهي بالحديث عن تدمير الهيكل وإحراق محتوياته، ينص على بقاء العصي التي يُحْمَل بها التابوت، ولم يتطرق إلى ذكر التابوت. يقول النّص: ” … وهي ما برحت هناك إلى هذا اليوم …”. وواضح أنّ الذي يكتب هذا الكلام يكتبه وهو يقيم بعيدا، ويظهر ذلك من قوله “هناك”.
كثرت القصص والأساطير حول مصير التابوت. ومن هذه القصص قصة تقول إنّ ابن سليمان، عليه السلام، من زوجته بلقيس، فرّ بالتابوت إلى مصر، ثم نقل التابوت إلى الحبشة. ولكن اليهود لا يزالون يبحثون عن هذا الصندوق الخشبي الصغير، والذي مضى على صناعته ما يقرب من (3200) سنة، على أقل تقدير. ويتوقّع بعضهم أن يكون مدفوناً في ساحات الأقصى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق