يحكى أن عجوزآ فقيرة انهار جانب من جدار دارها ،فاستدعت أحد البنائين ، و طلبت منه ترميمه ، على أن يمهلها في أجرته .
و أمضى الرجل نهارآ كاملآ في ترميم الجدار ، و لما حل المساء رأت العجوز أن تقدم له طعام العشاء ، فدخلت إلى المطبخ ، و إذا أفعى قد تحلقت فوق الوعاء الذي وضعت فيه كل ما لديها من طعام ، فحارت في أمرها ، وهي العجوز الفقيرة ، فعزمت على تقديم الطعام للرجل ، و ليكن ما يكون ، ولم تلبث الأفعى أن تحركت و انسلت زاحفة نحو حجر في الجدار غابت فيه ، وحملت العجوز الطعام للرجل ، فأقبل عليه ، و هو التعب الجائع ، فالتهمه كله ، و العجوز ترقبه خائفة ، ثم ودعته و هي تعده أن تعطيه أجره بعد أيام .
و بعد أسبوع أو أسبوعين قرع الباب ، فخرجت العجوز لتفتحه ، و إذ هي تفاجأ بالرجل ، فذهلت ، و ضربت يدها على صدرها ، و قالت : ” أهذا هو أنت ؟! أما مت ” ، فدهش الرجل ، و سألها : ” ولماذا أموت . ” فروت له ما كان من أمر الأفعى ، و قبل أن تتم حديثها ، سقط الرجل ميتآ .
* * * * * *
تؤكد هذه الحكاية التأثير القوي للوهم في نفس الانسان ، فالرجل لم يمت بسبب طعام تناوله ، كانت الأفعى ترقد فوقه ، و هو لا يعلم ، و لكنه مات بسبب توهمه وجود السم في ذلك الطعام الذي تناوله قبل أيام .
و مما لا شك فيه أن رقود الأفعى فوق الطعام لا يعني بالضرورة وجود السم فيه ، كما لا يعني ضرره للإنسان ، و لكن مفاجأة الإنسان بالخبر و توهمه بوجود السم و ذعره ، كل أولئك أقوى أثرآ من السم نفسه .
و الحكاية تؤكد المثل القائل : ” سم بني آدم أقوى من سم الأفعى ” ، وهو مثل يدل مثلما تدل الحكاية على شدة تأثير الكلمة في الإنسان ، و لا سيما الكلمة المؤلمة ، و قد تكون أكثر تأثيرآ من السم نفسه .